في ظل خوف صهيوني من الإتفاق النووي: هل تنزلق المنطقة الى مواجهة شاملة؟

التصنيفات : |
يناير 8, 2022 9:51 ص

*قاسم قصير

تتّجه أنظار العالم هذه الأيام، إلى فيينا بإنتظار معرفة نتائج المفاوضات النووية الدائرة بين إيران وأمريكا عبر الدول الخمسة (روسيا، الصين، ألمانيا، بريطانيا وفرنسا ) والإتحاد الأوروبي، فنتيجة هذه المفاوضات سلباً او إيجاباً سيكون لها تداعيات سياسية وإقتصادية وإستراتيجية وأمنية على كل العالم .

لكن، أكثر جهة اليوم تعنيها نتائج هذه المفاوضات هي الكيان الصهيوني، فالمسؤولون في هذا الكيان يراقبون هذه المفاوضات عن قرب، سواء من خلال الإتصالات واللقاءات المكثّفة مع المسؤولين الأمريكيين أو مسؤولي الدول المشاركة في المفاوضات، أو عبر عملائهم ومسؤولي الأجهزة الأمنية والمخابراتية المنتشرة في كل العالم، وعلى ضوء المعطيات الواردة من فيينا يتحركون لمنع أية تداعيات مستقبلية على هذا الكيان، وخصوصاً بسبب الخوف من تعاظم دور إيران وحلفائها في المنطقة وما تملكه من صواريخ باليستية وقدرات عسكرية غير تقليدية، إضافة لإمتلاكها القدرة النووية والتكنولوجيا أيضا.

ولا يكتفي المسؤولون الصهاينة بالمراقبة والمتابعة لمعرفة نتائج هذه المفاوضات النووية، بل هم يتحركون في أكثر من إتجاه لاستباق ما قد يحصل وإنعكاساته على مستقبل الكيان، لذلك عمدوا وبدعم أمريكي إلى تعزيز خطوات التطبيع والتعاون مع أكثر من دولة عربية وإسلامية (الإمارات العربية المتحدة، البحرين، المغرب والسودان) وهناك دول أخرى على الطريق، وفي الوقت نفسه يعززون من القدرات العسكرية والتكنولوجية والأمنية لمواجهة الدور الإيراني المتعاظم.

لكنّ الأخطر في ما يقوم به الصهاينة اليوم، هو التصعيد الميداني والعسكري والأمني على أكثر من جبهة، فهناك عمليات أمنية وسيبرانية تستهدف إيران مباشرة من خلال إختراق مؤسساتها وتوجيه ضربات لمنشآتها النووية والبنى التحتية ومراكز إستراتيجية وبعض السفن الإيرانية، كما زادت عمليات القصف وإطلاق الصواريخ نحو سوريا عبر إستهداف مرفأ اللاذقية ومواقع قريبة من دمشق وعلى الحدود وفي الداخل السوري، وهناك معلومات عن دور إسرائيلي في إستهداف لمواقع الحشد الشعبي في العراق وعلى الحدود السورية – العراقية، إضافة لزيادة التهديدات نحو حزب الله في لبنان ودعم الحملة التي تُشن عليه من قبل بعض الجهات العربية واللبنانية، وصولاً للتصعيد المستمر في مواجهة القوى الفلسطينية المقاوِمة وتعزيز عمليات التهويد في القدس والضفة الغربية المحتلة.

نحن إذا، أمام عمليات تصعيد صهيونية ميدانية على العديد من الجبهات إضافة للإعلان المستمر عن الإستعدادات الصهيونية لتوجيه ضربة عسكرية كبرى ضد إيران لاستهداف منشآتها النووية. وفي المقابل، هناك ردود إيرانية على هذه التهديدات وعلى بعض العمليات الموضعية، حيث يقوم الإيرانيون إما بعمليات أمنية وعسكرية تستهدف سفناً إسرائيلية، أو عبر عمليات وهجمات سيبرانية ضد منشآت إسرائيلية. وفي سوريا يتمّ الرد أحياناً عبر إطلاق صواريخ على الطائرات الإسرائيلية أو من خلال إسقاط الصواريخ الإسرائيلية، وفي إحدى المرات تمّ إطلاق صاروخ بعيد المدى سقط بالقرب من مفاعل ديمونا.

وفي الخلاصة، هناك تصعيد ميداني على أكثر من جبهة ، لكنّ مصادر دبلوماسية مُطّلعة في بيروت تؤكد أنّ الإدارة الأمريكية ليست حالياً مع الذهاب إلى تصعيد ميداني شامل أو حرب مفتوحة، وأنّ هناك ضغوطات أمريكية على الكيان الصهيوني لعدم الإنجرار إلى عمل عسكري واسع، وإن كان الأمريكيون يستفيدون من التصعيد الصهيوني على إيران ومحور المقاومة من أجل الإسراع في الوصول إلى إتفاق حول الملف النووي والقضايا المتعلقة به .

فهل سيتحقّق الإتفاق النووي؟ أو أنّ التصعيد سيتواصل ويفتح الباب أمام حرب شاملة في المنطقة؟ وهل سينتظر الصهاينة حصول الإتفاق أم يستَبِقون ذلك بعمل عسكري وأمني كبير ضد إيران وحلفائها أو على إحدى الجبهات التي تُحيط بالكيان الصهيوني؟.

العالم والمنطقة أمام أسابيع خطيرة، وكل الأنظار تتجه نحو فيينا، في حين أنّ هناك من يراقب ما يجري داخل الكيان الصهيوني كي لا نكون أمام حرب إستباقية جديدة في هذا الصراع الممتد مع هذا الكيان.

*كاتب لبناني


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , , , , , ,