بين مبادرة الديمقراطية ولقاء الجزائر: هل ينتهي الإنقسام الفلسطيني؟

التصنيفات : |
يناير 21, 2022 9:18 ص

*قاسم قصير

يشهد الواقع الفلسطيني السياسي اليوم، تحركات متعددة بهدف إنهاء الإنقسام الداخلي وإعادة توحيد الموقف الفلسطيني في مواجهة التصعيد الصهيوني الميداني، ومخاطر التطبيع بين بعض الدول العربية والكيان الصهيوني.

وقد أطلقت الجبهة الدمقراطية الفلسطينية مؤخرا، مبادرة جديدة لإنهاء الإنقسام الفلسطيني. تتضمن المبادرة إقتراحات عملية تقضي بإدخال حركتي حماس والجهاد الإسلامي إلى منظمة التحرير الفلسطينية، وتشكيل لجنة تحكيم من شخصيات وطنية غير منحازة، لحسم أية خلافات قد تنشأ بين الفصائل، وإقامة حكومة وحدة فلسطينية، والتحضير لإجراء إنتخابات رئاسية وتشريعية عامة وللمجلس الوطني الفلسطيني أيضا.

وبموازة ذلك، دعت دولة الجزائر الفصائل الفلسطينية لعقد سلسلة لقاءات مع المسؤولين الجزائريين تمهيداً لعقد مؤتمر حواري في ما بينها، والعمل على إجراء مصالحة بين هذه الفصائل وعلى إعادة توحيد الموقف الفلسطيني.

وبعد إعلان المسؤولين في الجبهة الديمقراطية عن بنود هذه المبادرة، قاموا بإجراء لقاءات وإتصالات مع مختلف القيادات الفلسطينية وبعض القيادات العربية لإبلاغهم بمضمون المبادرة ودراسة إمكانية تحقيقها .

كما وجّه المؤتمر العربي العام (والذي يضمّ المؤتمر القومي العربي، المؤتمر القومي الإسلامي ومؤتمر الأحزاب العربية) نداءً إلى قادة الفصائل الفلسطينية، دعاهم فيه إلى التجاوب مع الدعوات للمصالحة، والتوصل في الجزائر إلى إتفاق جديد يستكمل الإتفاقات والتفاهمات السابقة من أجل تشكيل قيادة عليا للعمل الوطني الفلسطيني، تتولى إدارة مسيرة الوحدة بين الفصائل الفلسطينية وتوحيد الطاقات الشعبية والنضالية للشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال.

وقد وصلت إلى الجزائر وفود من: حركة فتح، الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، حركة حماس، حركة الجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية – القيادة العامة، وسيعقد المسؤولون الفلسطينيون لقاءات ثنائية مع المسؤولين الجزائريين ومن ثم يتمّ الإتفاق على عقد مؤتمر موسّع يجمع هذه الفصائل، والذي سيكون بإشراف الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون.

وتطمح الجزائر أن تنجح في إعادة توحيد الموقف الفلسطيني، وقد تكون مبادرة الجبهة الديمقراطية إحدى أوراق العمل المطروحة للنقاش.

لكنّ مشكلة الواقع الفلسطيني، ليس في الوصول إلى تفاهمات مشتركة أو عقد مؤتمرات حوارية أو إطلاق مبادرات للتفاهم والوحدة، بل الأهم من كل ذلك تطبيق هذه المبادرات والوصول إلى نتائج عملية، لأنّه خلال السنوات الماضية تمّ التوصل إلى العديد من التفاهمات وأوراق العمل الموحدة، وكان للدولة المصرية دور أساسي في التوصل إلى هذه التفاهمات، وكان لبيروت أيضاً حصة في احتضان إحدى المؤتمرات القيادية الفلسطينية الموحَّدة، لكن للأسف، فإنّ كل هذه التفاهمات لم تُطبّق بل زادت الأوضاع تعقيداً بسبب عدم وجود رؤية موحَّدة واختلاف منطق كل من السلطة الفلسطينية وقوى المقاومة، واستمرار رِهان السلطة في رام الله على المفاوضات مع العدو الصهيوني في ظل التنسيق الأمني.

لكن من أجل عدم الحكم المسبق على كل هذه المبادرات والنداءات والمحاولات الجديدة لعقد حوار فلسطيني جديد، يظل الأمل معقوداً على مدى قدرة القيادة الجزائرية في توحيد رؤية الفصائل الفلسطينية، وهي التي احتضنت إنعقاد المجلس الوطني الفلسطيني التاريخي وإعلان قيام دولة فلسطين في 15 تشرين الثاني/أكتوبر من العام 1988، كما ترتبط الجزائر بعلاقات عميقة مع كافة الفصائل الفلسطينية.

وبإنتظار نتائج الحوارات الفلسطينية في الجزائر ومتابعة نتائج مبادرة الجبهة الديمقراطية، فإنّ نضال الشعب الفلسطيني مستمر في مواجهة العدو الصهيوني في مدينة القدس وحي الشيخ جرّاح والنقب وفي السجون، كما في مواجهة التهويد والتطبيع، ويبقى للمقاومة الكلمة الفصل في هذا الصراع المستمر.

*كاتب لبناني


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , ,