علي أبو طوق: القائد.. الغائب.. الحاضر

التصنيفات : |
يناير 27, 2022 9:59 ص

*وفيق هوّاري – صمود:

يصادف اليوم الخميس، ذكرى مرور أربعة وثلاثين عاماً على إستشهاد المناضل الفلسطيني علي أبو طوق في مخيّم شاتيلا/ بيروت، بتفجير قذيفة مفخّخة من عيار 120، في ٢٧ كانون الثاني/يناير ١٩٨٧عندما مرّ هو ورفاقه بقربها.

يروي أحد المناضلين الفلسطينيين، الذي أمضى وقتاً طويلاً مع أبو طوق في مخيّم شاتيلا، كيف تمّ إغتياله: “كان الأخ علي متجهاً نحو أحد المحاور في المخيّم، وكان يسير بجانبه النقيب سمير أمين ذياب، وخلفهما الأخ بهاء، وعند وصولهم إلى ساحة المخيّم مقابل جمعية الفُتوّة الموجودة حاليا، إنفجرت قذيفة 120 مفخّخة وأُصيب أبو طوق بشظية بالقلب وأخرى باليد، ما أدّى إلى إستشهاده ورفيقه سمير على الفور، في ما أُصيب بهاء بجروح شُفي منها لاحقا”.

القائد الشرس

هو علي عبد سعيد أبو طوق من عائلة فلسطينية كانت تعيش في مدينة حيفا، ولجأت إلى مدينة حمص السورية بعد النكبة.. وهناك وُلد علي عام ١٩٥0.

بعد هزيمة حزيران عام ١٩٦٧، إلتحق بحركة فتح وكان في السابعة عشر من عمره.

إنتقل أبو طوق إلى الأردن وشارك في معارك أيلول الأسود عام ١٩٧٠، وفي أحراج جرش وإربد دفاعاً عن حقّ الثورة في البقاء والإستمرار في الكفاح المسلح ضد العدو الصهيوني، ودفاعاً عن حقوق الشعب الفلسطيني.

بعد ذلك إنتقل إلى لبنان، وعمل مع خليل الوزير (أبو جهاد) وكان من مؤسسي الكتيبة الطلابية مع سعد جرادات (عبد القادر)، مروان كيالي، أبو حسن قاسم وحمدي.

عام ١٩٧٦، شارك في معارك كفرشوبا وكان قائداً لإحدى السرايا الطلابية، وأُصيب في تلك المعارك، قبل أن يُستبدل إسم الكتيبة الطلابية بكتيبة الجرمق عام ١٩٧7.

عام ١٩٧٨، وخلال الإجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان، نظّم إمدادات كتيبة الجرمق من مقاتلين وأسلحة ومؤن إلى قلعة الشقيف في النبطية، ويومها أُصيب ايضا. كما أُصيب في مواجهات كفرتبنيت.

بعد الاحتلال الإسرائيلي عام ١٩٨٢، شارك في تأسيس نواة المجموعات المقاتلة الفلسطينية في الجنوب، كما شارك في تنظيم قوات الثورة الفلسطينية عام ١٩٨٤، وخصوصاً بعد حرب الجبل.

بعدها إنتقل إلى العاصمة بيروت وتحديداً إلى مخيّم شاتيلا.

بطل شاتيلا

ويعود المناضل الفلسطيني المقيم في مخيّم شاتيلا لرواية ما حدث في المخيّم إلى حين إستشهاد علي أبو طوق:

“عام ١٩٨٥ كان أول حصار للمخيّم ودام ٤٥ يوما، لم يكن علي موجودا، لكنّه في أيار/مايو من عام ١٩٨٥ دخل إلى المخيّم، كان يتمتع بشخصية قوية، واستطاع الإمساك بكل مفاصل المخيّم، لكنّه كان متواضعاً جداً وعلاقته بالناس جيدة جدا. وأنا تعرفت عليه من خلال الأخت آمنة جبريل. وتعاونت معه في اللجنة الإجتماعية للإعمار، وكنا نُدخل البحص والحجارة، والحديد والأسمنت الى المخيّم، وكل مساء كنا نجتمع لتقويم عملنا اليومي، ولسد الثغرات.

كان يتدخل بالتفاصيل حفاظاً على حقوق الناس. وكان يعقد إجتماعات سياسية، أمنية، تنظيمية وإجتماعية، وكان يستعين بفاعليات المخيّم عند أخذ القرارات المتعلقة بالمخيّم، وهذا ما دفع قوى سياسية أخرى إلى القيام بحملة عليه”.

ويضيف: “بنى ملاجىء المخيّم، وكان يُحيي المناسبات الوطنية في الملاجىء نفسها، كان يسير في زواريب المخيّم بدون مرافقة، مرة أوقفوه عناصر من فصائل أخرى وطلبوا منه عدم حمل السلاح، ومرة حاولوا إستفزازه من خلال محاولة البصق عليه، لكنّه كان دائماً يضبط أعصابه ولا يرد. ومرة سألته عن ذلك، أجاب:” لن أفسح لهم المجال لإفتعال مشكلة داخلية ونحن ندافع عن شعبنا في المخيّم””.

يصمت برهة وكأنّه يستعيد ما في ذاكرته من معلومات، قبل أن يستطرد: “كان الحصار متقطعا، ولكنّ آخر حصار دام ستة أشهر. وخلال هذه الفترة، أمّن علي التموين اللازم لأهل المخيّم، وأذكر أنّه بعد فك الحصار، كان لدينا كميات من التموين كافية لأشهر، بالإضافة إلى تأمين الذخيرة والسلاح اللازم.

وأحب أن أشير إلى نقطة أخيرة، خلال الحصار الأخير، كان هناك إجماع في المخيّم على دوره القيادي، وإلتفاف الفصائل حوله، وهذا ما لم يُعجب البعض ممن كان يهدف إلى إلغاء المقاومة الفلسطينية أو التفرّد بقراراتها”.

ويختم بالقول: “كان في السابعة والثلاثين من عمره حين غادرنا، لكنّه ترك فينا أثراً لا يُمحى. ومن كلماته المحفورة في الذاكرة: معنى الشهادة أنّها تجسيد لفكرة وقول، وعلينا أن نحوّل السيء إلى حسن، والسلبي الى إيجابي، في علاقة الفدائيين والكوادر وفي القدرة على تخطي الصعاب”.

واليوم، بعد ٣٤ عاماً على إستشهاد علي أبو طوق، ما زال أهل المخيّم، أو من بقي منهم، يتحدثون عن ذلك القائد الذي لم يكن يملك سوى حلمه بالعودة إلى وطن سليب.


وسوم :
, , , , , , , , , , , , ,