فلسطينيون يبيعون مستحقّاتهم الغذائية من “الأونروا” لسدّ إحتياجاتهم الحياتية وتجّار السوق السوداء يصطفّون خارج مراكز التوزيع!

التصنيفات : |
يناير 28, 2022 10:01 ص

*رامي سلوم – صمود:

بدأت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، توزيع سلال المعونة الغذائية الدورية على اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، والتي لا تنطبق عليها صفة الدورية على الأقل بالنسبة للعديد من الفلسطينيين الذين إلتقتهم “صمود” خلال إستلامهم مخصّصاتهم.

ولجأ العديد من المستفيدين، لبيع المخصّصات الغذائية أو جزء منها لتجّار يتواجدون في سيارات النقل الخاصة بهم خارج المكان المخصّص لتوزيع المساعدات، ويشترون السلال الغذائية أو بعضها من المستحقين، والذين يكونون قد حددوا سعرها سابقا.

ويتسابق التجّار على أبواب مراكز توزيع المساعدات لإقتناص المستفيدين، وشراء البضائع منهم، وسط إتهامات لهم بالتواطؤ مع عدد من العاملين داخل المركز، لحضورهم في توقيت توزيع المعونات، ومعرفتهم بالمواد الموجودة، وطبيعتها، وتسعيرها سابقا.

وقال عدد من مستحقي المعونة الغذائية، أنّها المرة الأولى التي يستلمون فيها مستحقاتهم منذ شهر تشرين ثاني/نوفمبر من العام 2020، أي مضى نحو 14 شهراً على آخر مرة إستلموا فيها مستحقاتهم، لافتين إلى أنّهم لم يستفيدوا من مراجعة مراكز التوزيع في وقت سابق للإستفسار عن مخصّصاتهم، حيث طالبهم الموظفين بانتظار الرسالة النصية الخاصة بإستلام المواد، من دون إيضاحات أخرى.

وبرّر المستحقون بيعهم المعونات المخصّصة، بحاجتهم لدفعات مالية تغطي بقية النفقات المعيشية التي لا تؤمنها “الأونروا” في ظل ظروف تضخّم معيشي صعبة تمر على سوريا في الوقت الحالي، وإلغاء “الأونروا” المخصّصات النقدية للتدفئة التي كانت تُقدر بـ75 ألف ليرة سورية لكل فرد، أي ما يعادل نحو 22 دولاراً وفقاً لسعر الصرف في السوق السوداء.

وأوضح بعضهم أنّ المخصّصات التي يستلمونها بعد فترة طويلة، تزيد على حاجتهم في بعض المواد، مقابل إحتياجهم لمواد أخرى يضطرون لشرائها من السوق، فضلاً عن تكلفة الإيجارات المرتفعة، بعد أن فقد غالبيتهم مسكنه في مخيّم اليرموك وغيره من المناطق، جراء التدمير الذي لحق بها بفعل سنوات الحرب على سوريا.

وأشار آخرون، أنّ الموظفين القائمين على التوزيع، أبلغوهم بأنّه سيتمّ توزيع دفعات إضافية تشمل جميع مخصّصات الدفعات السابقة التي لم يتمّ إستلامها، وذلك خلال أيام، ما دعاهم إلى عدم تكديس المواد خوفاً من تلفها، في ظل عدم وجود أماكن مخصّصة لحفظها في منازلهم المتواضعة.

كما يستلم الفلسطينيون في سوريا مخصّصات من الأرز والسكر والزيت، بالسعر الحكومي المدعوم، أُسوة بالسوريين، ما يدفعهم لبيع جزء من المواد التي تفيض عن إحتياجاتهم، والإستفادة من ثمنها لإغلاق ثغرات معيشية أخرى على حد تعبيرهم.

أم أحمد

ووزعت “الأونروا” حصصاً غذائية تحتوي على كيس دقيق بسعة 10 كيلو غرام للشخص الواحد، إضافة إلى 2 كيلو غرام من الحليب المجفف، وعبوتين من الزيت النباتي بسعة 3 ليتر لكل عبوة، و8 كيلو غرام من الأرز، و2 كيلو غرام من العدس، و2 كيلو غرام من البرغل، وعلبتين من السردين، لكل فرد في الأسرة.

وقالت إحدى السيدات التي باعت مستحقاتها من المواد التموينية، وتُدعى أم أحمد، أنّها تستلم مستحقات عن أربعة أشخاص في أسرتها، ما يجعلها تبيع الجزء الأكبر منها، والفائض عن إحتياجاتها حتى لا تتعرض للتلف في المنزل لتأخر إستهلاكها، لافتةً إلى أنّها استلمت 40 كيلو غراماً من الدقيق، و32 كيلو غراماً من الأرز وغيرها، والتي باعتها كاملة لأحد التجّار المنتظرين خارجا، بينما باعت جزءاً من بقية المواد واحتفظت بحاجتها منها.

وأوضحت أم أحمد لـ”صمود”، أنّ المبالغ النقدية التي تقدمها “الأونروا” غير كافية، ما يضطرها لتعويض جزء من إحتياجاتها المادية لشراء بقية المواد من خلال بيع جزء من المستحقات التموينية، مُبينة أنّها بحاجة إلى شراء كميات من المازوت للتدفئة من السوق السوداء والتي يبلغ فيها سعر الليتر الواحد نحو 3500 ليرة سورية، لعدم توافر المادة بالسعر الحقيقي والذي يُقدر بنحو 500 ليرة سورية لليتر الواحد، لذلك فهي بحاجة ماسة لتأمين مبلغ مالي إضافي في ظل الضغوط المعيشية على حد تعبيرها.

واستذكرت أم أحمد، التي تسكن في إحدى مناطق دمشق منذ زواجها، أنّها قبل الظروف الإقتصادية الحالية التي عصفت بسوريا، كانت تقدم ما يفيض عن إحتياجاتها من المواد الغذائية لجيرانها، حيث كانوا يتبادلون الكثير من الأشياء كنوع من التودد الإجتماعي، غير أن الأوضاع الإقتصادية الحالية دفعتها لبيع ما يفيض عنها، واستبداله بمبلغ مالي يُعينها على تكاليف الحياة.

سعيد يبيع سلّته لزملائه

أما سعيد، الرجل الأربعيني الذي رفض بيع حصته الكبيرة للتجّار خارج مركز التوزيع، أشار إلى أنّه قدِم إلى المكان برفقة زميله في العمل، الذي سيساعده في نقل كميات المواد التموينية، لافتاً إلى أنّه اعتاد بيع المخصّصات لزملائه الذين يحجزونها سلفا، إذ يبيعها لهم بنفس سعر التاجر خارج المركز، من دون إضافة، وبالتالي يحصلون على المواد بسعر أرخص من السوق بعد أن يضيف التجّار أرباحهم عليها، كما أنّها أرخص من المواد المعروضة في السوق بشكل طبيعي.

وأضاف، أنّه لا يرغب بالمشاركة في مساعدة تجار السوق السوداء، وأنّ ما يفعله يحقق دعماً بسيطاً لزملائه في العمل، كما يستفيد بدوره من ثمنها في شراء مواد أخرى، قائلا: “إنّ الجميع يعيش ظروفاً صعبة والواقع المعيشي أصبح مضنياً للغاية، والرواتب لا تكفي الأسبوع الأول من الشهر”.

ووصف سعيد التجّار في الخارج، بالمتآمرين مع موظفي التوزيع داخل المركز، فهم يعلمون تفاصيل المواد ونوعيتها، وتوقيت توزيعها، وينتظرون في سياراتهم خارجاً في كل مرة لملئها بالمواد والمتاجرة بها بأسعار أعلى.

ترميم البيت

أما سناء، والتي تعمل مدرسة في إحدى المدارس الإبتدائية، فقد أوضحت لـ”صمود” أنّ الكميات الكبيرة التي تأتي دفعة واحدة لا مجال لتخزينها في المنازل، خصوصاً أنّ غالبيتها من الحبوب التي ستمتلئ بالحشرات في حال تركها وقتاً طويلاً من دون إستخدام ما يدفعها لبيعها، وتأمين متطلبات أخرى بثمنها.

وأضافت سناء، أنّ زوجها يعمل موظفاً بسيطاً لدى جهة حكومية، وأنّ الرواتب لا تكفي أجور المعيشة والإيجار وغيرها، وهم يحاولون جمع مبلغ مالي يكفي لتأهيل غرفة واحد في بيتهم بالمخيّم الذي تعرض لأضرار بسيطة، فضلاً عن مصروفات مدارس الأولاد وإحتياجاتهم المتنوعة.

وختمت سناء، أنّها تستلم مستحقات تموينية أخرى بأسعار مدعومة تقدمها الحكومة السورية عبر ما يُسمى بالبطاقة الذكية، والتي تشمل الفلسطينيين كما السوريين، ويوزّع من خلالها كميات من الرز والسكر بالسعر المدعوم، ولذلك تبيع مخصّصاتها التي تستلمها من “الأونروا” من مادة  الأرز على سبيل المثال، على الرغم من أنّها أكثر جودة من الأخرى التي تستلمها عبر البطاقة الذكية، وتستفيد من فارق السعر، وتضمن عدم تلف المواد.

كما أبقت سناء على كيس دقيق واحد، وعبوات الزيت النباتي، مشيرة إلى أنّها غير متوافرة ومرتفعة الثمن في الخارج، ولا ترغب في بيعها في الوقت الحالي.


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , , , ,