٤٧ عاماً على غياب معروف سعد الوطني اللبناني – الفلسطيني

التصنيفات : |
فبراير 26, 2022 10:09 ص

*وفيق هوّاري – صمود:

يصادف اليوم السبت ٢٦ شباط/فبراير ٢٠٢٢، الذكرى الـ٤٧ لاغتيال القائد الشعبي اللبناني معروف سعد، خلال مشاركته في تظاهرة لصيادي الأسماك في مدينة صيدا اللبنانية.

ما زلت أذكر تفاصيل تلك اللحظات التي أُصيب بها سعد وسقط أرضا. كنت أسير وراءه مع أحد الأصدقاء، عندما سمعنا صوت أربع رصاصات نارية، هوى بعدها.. معروف سعد. كان يشارك في تظاهرة ضد شركة بروتيين التي حاولت إحتكار صيد السمك على الشاطىء اللبناني.

كانت المفاوضات تدور حول تشغيل عدد من الصيادين في الشركة، وكان موقف معروف سعد واضحا: “يجب إستيعاب وتشغيل جميع الصيادين، لبنانيين وفلسطينيين”، في ما رفضت إدارة الشركة تشغيل أي فلسطيني.

ومعروف سعد، المناضل العروبي القومي بإمتياز، كان فلسطينياً بإمتيازٍ أيضا. فقد شارك في ثورة ١٩٣٦، يوم كان يعمل في حيفا، وقدّم دعماً كبيراً للثوار آنذاك.

في مقابلة أجريتها مع المناضل الصيداوي المرحوم شفيق الأرناؤوط عام ٢٠٠٧، روى لي كيف كان معروف سعد يؤمّن الأسلحة والذخيرة ويضعها في محلة القياعة حيث ينظفها ويجهزها هو ورفاقه، ويهربها إلى الأراضي الفلسطينية.

في عام ١٩٤٨، قاد معروف سعد مجموعة من المتطوعين الصيداويين لقتال العصابات الصهيونية في فلسطين، واستطاعت تلك المجموعة، بمشاركة متطوعين عسكريين آخرين، من تحرير قرية المالكية الملاصقة لبلدة عيترون اللبنانية، يومها إستشهد شاب من صيدا إسمه ديب عكرة، وجرى دفنه في الأراضي الفلسطينية.

لم يقطع سعد علاقاته مع الفلسطينيين يوما، بل كان إلى جانبهم ووقف مع حقوقهم المدنية والإنسانية طوال الوقت، وفي مدينة صيدا وخلال فترة حياته ووجوده في الموقع النيابي، لم يُفرّق أبداً بين لبناني وفلسطيني.

كان دوماً مع خيار الشعب الفلسطيني بالكفاح المسلح لتحرير فلسطين وتنفيذ حقّ العودة.

وفي تشرين الثاني/نوفمبر ١٩٦٩، كنت ما زلت فتىً يافعا، أذكر يوم دعا معروف سعد إلى احتفال خطابي في ساحة ضهر المير دعماً للمقاومة الفلسطينية وحقّها في التواجد لقتال الكيان الصهيوني، في ما كنا نريد تنظيم مسيرة جماهيرية في صيدا، يومها واجهنا إتهامات بأنّ معروف سعد لا يدعم المقاومة الفلسطينية كما يجب. لكن في العام ٢٠٠٧ أجريت سلسلة من المقابلات مع عدد من المناضلين الفلسطينيين الذين كانوا يتسللون إلى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة والقيام بمهام محددة وذلك في الفترة الممتدة ما بين ١٩٦٥ ونكسة عام ١٩٦٧. كل من التقيتُ به، أخبرني أنّ من كان يتابعهم، اثنان هما أبو علي إياد ومعروف سعد، بداية كنت أكرر السؤال: “من هو معروف سعد؟”.

هذا السؤال كان يدفع المناضلين الفلسطينيين إلى الدهشة والإستغراب: “لا تعرف معروف وأنتما من مدينة واحدة؟”.

أخبروني أنّ معروف سعد كان ينقل السلاح إلى الحدود الفلسطينية بسيارته النيابية الرسمية، كما كان ينقل المناضلين أيضا.

وروى لي أحدهم أنّ أجهزة الأمن اللبنانية اعتقلت أحد المناضلين عند عودته من الأراضي المحتلة، وهذا ما دفع بهم للإسراع إلى صيدا والإتصال بمعروف سعد الذي توجّه بسيارته إلى منطقة صور وأخرج المناضل الفلسطيني من مكان احتجازه وأوصله إلى بيروت.

يومها اكتشفتُ أنّ ما كنّا نطالب به في العلن، كان يمارسه معروف سعد إلتزاماً منه بالقضية الفلسطينية ودفاعاً عن حقّ الشعب الفلسطيني بتحرير وطنه المحتل.

كان الشهيد معروف سعد فلسطينياً حتى العظم، ومواطناً لبنانياً مدافعاً عن قضايا المحتاجين وأبناء المجتمعات الفقيرة، لم يساوم يوماً على حقوق الشعب كما لم يساوم على قضايا الفلسطينيين.

في مثل هذا اليوم من العام 1975، لم يخسره أبناء مدينة صيدا ولبنان فحسب بل خسره الشعب الفلسطيني أيضا.


وسوم :
, , , , , , , , , ,