هل سيمرّ سيناريو القيادة الموحّدة للمقاومة الشعبية؟

التصنيفات : |
مارس 2, 2022 10:13 ص

*سنان حسن

في الوقت الذي ما زال فيه النقاش مستمراً حول جلسة المجلس المركزي والتعيينات الجديدة فيه، فاجأت السلطة الفلسطينية الشارع والفصائل والقوى الوطنية، بعقد اجتماع للقيادة الموحّدة للمقاومة الشعبية، دون دعوة الفصائل الكبرى على الساحة (حماس- الجهاد الإسلامي- الجبهة الشعبية)، الأمر الذي عُدّ ضربة استباقية من السلطة لكل من يعارض مشاريعها وخططها وسعياً منها إلى وضع يدها على أهم ملف في الضفة الغربية ومحاولة تفريغه من مضمونه، والأهم تكريس حالة الإنقسام السائدة بين القوى والفصائل الفلسطينية وزيادة التباعد بينها، ولعل في بيان الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي نفت المشاركة في قيادة المقاومة دليلاً على ذلك، ولكنّ السؤال الملح: هل بالفعل، تريد سلطة أوسلو مقاومة شعبية بين ظهرانيها في ظل التنسيق الأمني مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، وماذا تملك على الأرض من تأييد شعبي لهذه الخطوة، وهل ستقبل باقي الفصائل بهذه الخطة؟.

لا شك أنّ الحديث عن الكفاح المسلح والمقاومة في ظل الوضع الذي تعيشه الضفة الغربية من مدن وبلدات هو في قائمة إهتمامات كل القوى والفصائل على حدّ سواء، ولا سيما بعد معركة سيف القدس وما جرى خلالها من إعلان صريح لفصائل المقاومة من جنين جاهزيتها لتنفيذ عمليات ضد الاحتلال، وما تلاها من مواجهات وإشتباكات بين مجموعات من المقاومة وقوات الاحتلال في نابلس والسيلة الحارثية وغيرها من البلدات، كل هذه الأمور أدّت إلى غليان كبير في الشارع الفلسطيني، ودفعت الاحتلال الإسرائيلي إلى التحذير من تفجّر الأوضاع في مدن الضفة وعدم قدرة أجهزة السلطة على مواجهة هذا التفلت الأمني الحاصل كما تزعم، لذا وجدت في العمليات الإنتقائية والخاطفة محاولة لإجهاض هذا الحراك المسلح، فماذا تريد السلطة من وراء الهرولة خلف إيجاد قيادة موحّدة للمقاومة الشعبية؟

رفضت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين زجّ اسمها في القيادة الموحّدة، معتبرةً أنّها غير معنية بقرار خرج عن الإتفاق الذي تمّ بين الأمناء العامين في بيروت ورام الله 2020،

تصرّ سلطة أوسلو على رفض كل المظاهر المسلحة في الضفة والقدس، حتى أنّها تعارض بشكل قاطع ما تقوم به فصائل المقاومة في قطاع غزة، وتسوّق لخيارها في العمل السلمي دون عنف للوصول إلى مبتغاها، وبالتالي وفي ظل حالة الغليان في الضفة من جهة، والخلافات مع معظم الفصائل ولا سيما بعد جلسة المجلس المركزي الأخيرة، وما حدث خلالها من أحداث أعلنت فصائل وازنة رفضها لها من جهة ثانية، وجد القائمون في السلطة في فكرة تشكيل القيادة الموحّدة للمقاومة الشعبية فرصة مواتية لبعثرة أوراق المعارضين بسحب البساط من تحتهم ووضعهم في مواجهة قاعدتهم الشعبية في الضفة لرفضهم الإنضواء تحت قيادتها.. كما أنّ قيام سلطة أوسلو برعاية قيادة موحّدة للمقاومة الشعبية يعني أنّ كل تفاصيل العمل الميداني ستكون تحت نظرها، وأي محاولة للخروج عن الطابع السلمي لها سيعرّض هؤلاء الناشطين إلى الملاحقة من أجهزة السلطة، هذا إن لم يصبح الأمر بفعل التنسيق الأمني بعهدة الاحتلال الإسرائيلي مباشرة، ولا سيما أن من سارع إلى هذه الخطوة وأصرّ عليها هو مسؤول التنسيق الأمني مع كيان الاحتلال الإسرائيلي الوزير حسين الشيخ، فهل ستقبل فصائل المقاومة بهذه الخطوة؟. 

إنّ عمل السلطة يشوبه الكثير من الريبة والشك حول الأهداف والمرامي التي تريدها، وخاصة في هذا التوقيت المهم الذي تعيشه مدن وبلدات الضفة الغربية من حراك مسلح متسارع

في ردّ فعل أولي، رفضت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين زجّ اسمها في القيادة الموحّدة، معتبرةً أنّها غير معنية بقرار خرج عن الإتفاق الذي تمّ بين الأمناء العامين في بيروت ورام الله 2020، والأهم أنّ الإعلان جاء دون الكشف عن برنامج سياسي أو هدف جامع لعمل القيادة الموحّدة، في حين وصفت حركتا الجهاد وحماس خطوة السلطة على أنّها محاولة جديدة من السلطة للإستئثار بالعمل الفلسطيني ورفض أدنى شكل من أشكال التوافق مع باقي الفصائل، لا سيما في موضوع حساس كالمقاومة، وبالتالي فإنّ عمل السلطة يشوبه الكثير من الريبة والشك حول الأهداف والمرامي التي تريدها، وخاصة في هذا التوقيت المهم الذي تعيشه مدن وبلدات الضفة الغربية من حراك مسلح متسارع، داعيةً إلى إعادة تشكيل قيادة موحّدة عبر التشاور الوطني الجاد والحقيقي في كل ما يخصّها من برامج عمل ومهام وأهداف تخدم الشعب الفلسطيني وتردع العدو وتضع حداً لمستوطنيه وإرهابهم.

وعليه يمكن القول: إنّ خطوة سلطة أوسلو بتشكيل قيادة موحّدة للمقاومة الشعبية الشاملة هي وسيلة جديدة لتعزيز الإنقسام في الصف الوطني الفلسطيني بعد انعقاد جلسة المجلس المركزي، ومحاولة لفرض أمر واقع بالقوة، والأهم إحباط أي مسعى وطني لتوحيد الكفاح الشعبي في مواجهة المحتل الإسرائيلي من خلال إقصاء الفصائل الوازنة والدخول معها في مساومات جديدة، ما يعني أنّ الرابح الأكبر من كل هذه الخطوة “العنترية” للسلطة هو المحتل الإسرائيلي.. فهل سيمرّ سيناريو القيادة الموحدة للمقاومة الشعبية؟.

*كاتب سوري 


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , ,