هل يكون في أوروبا “محمد صلاح” فلسطيني؟

التصنيفات : |
مارس 10, 2022 1:18 م

*وسام عبد الله

تأخذ القضية الفلسطينية مداها الأوسع حين تصل إلى شعوب العالم، لتُثبت الحقّ  الإنساني لهذا الشعب في الحياة، والرياضة إحدى الوسائل المساهمة في كسر الحواجز لما تحمله في جوهرها من تواصل بين الناس دون الحاجة إلى لغة واحدة، فحين يحاصرك الاحتلال يكون الرد من خلال المشاركة، ورفع العلم الفلسطيني في المحافل الدولية.

“تسويق” اللاعب الفلسطيني

شكّل اللاعب المصري في نادي ليفربول الإنكليزي محمد صلاح، أحد الوجوه التي أصبحت رمزاً للشعب المصري في أوروبا، فشكّل بطريقة غير مباشرة ولو بمستوى محدد، عبر كرة القدم، صورة “تسويقية” لبلده ومثّله، كما اللاعبين من أصول جزائرية ومغربية في المنتخب الفرنسي والدوري الأوروبي، وهو ما أدركه الاحتلال فسعى إلى انضمام لاعبين عرب ضمن صفوف الأندية في الكيان، فكيف يمكن الإستفادة من اللاعب الفلسطيني؟

لا يمكن تجاوز فكرة الحصار “الإسرائيلي” على كل المستويات، حتى لا نبني طموحات دون معرفة العوائق. ضرورة دعم اللاعب الفلسطيني ليس فقط ضمن الأندية الفلسطينية، إنّما خارجها من خلال تأمين عقود إحترافية تساهم في توسيع دائرة الفرص للوصول إلى الأندية العربية والأجنبية، وهو ما يتطلب جهوداً من الإتحادات العربية لمختلف الألعاب الرياضية، ومعظمها يملك القدرة على تقديم الدعم، وليس على حساب مصلحتها الرياضية. إنّ الرياضيين في الداخل الفلسطيني، ونتيجة ضغط الاحتلال، تصبح أحلامهم في الإنطلاق نحو العالمية مقيّدة كما حال البلد، فتدفعهم الظروف إلى التوجه نحو الخارج، وهنا تبرز أهمية دعم اللاجئين الفلسطينيين في الأندية الخارجية.

يتمتّع اللاجئون الفلسطينيون بإمكانيات وقدرات عظيمة، وتظهر جلية من خلال مشاركتهم في الأندية العربية والأجنبية منذ مرحلة ما بعد النكبة حتى يومنا، ومنهم اللاعبون: رامي أسعد في نادي النجمة اللبناني وحسين كيبا في نادي الأنصار بالدوري اللبناني وعلي مقاط، لاعب كرة الطائرة في نادي كابسي البلجيكي.

يُسهم دعم اللاجئين وتسويقهم في الخارج بالتواصل المباشر مع المجتمعات، وهنا ليست القضية بحاجة إلى ندوات، فالمشاركة في تفاصيل الحياة اليومية، ونشر صورة الشعب الفلسطيني في محافل الشتات، يساهمان بشكل مباشر بالتأثير في الوعي الجماعي على المدى الطويل.

الرياضة أداة احتلال

خاض المنتخب الأرجنتيني مباراة في مواجهة منتخب الأوروغواي في “تل أبيب” سنة 2019، وشكّل حضور لاعب نادي برشلونة ليونيل ميسي، في حينها، فرصة مهمة لآلة الدعاية الصهيونية لاستغلال صورة اللاعب الأكثر شهرة في العالم، ليجذب متابعيه إلى ما تريده “إسرائيل”، حينها نشر المتحدث بإسم رئيس الوزراء الإسرائيلي عفير جنلدمان تغريدة على تويتر علّق فيها على الزيارة بالقول: “إنّ نجم كرة القدم العالمي، العبقري ميسي وصل إلى “إسرائيل”..شالوم ميسي”. 

ضمن عمليات توثيق الانتهاكات الإسرائيلية بحقّ الشعب الفلسطيني، تحجز الرياضة حصّتها، ففي سنة 2016 أشارت منظمة هيومن رايتس ووتش، إلى هدم سلطات الاحتلال ملاعب فلسطينية لبناء المستوطنات مكانها، وأنّ الإتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” يرعى مباريات داخل أراضي المستوطنات التي تُعتبر إنتهاكا للقوانين الدولية. وقالت ساري بشي، مديرة مكتب المنظمة في الأراضي المحتلة: ” تُشوّه الفيفا لعبة كرة القدم الجميلة، بإقامة مبارياتها على أرض مسروقة. إنّ المسؤولين الجدد الذين تولّوا زمام الفيفا قطعوا إلتزامات جديدة في مجال حقوق الإنسان هذا العام، وعليهم إشهار البطاقة الحمراء في وجه أندية المستوطنات، والإصرار على إلتزام الاتحاد الإسرائيلي لكرة القدم بالقواعد”. وتشير المنظمات الحقوقية إلى أنّ سماح الفيفا للاتحاد “الإسرائيلي” بإقامة مباريات داخل المستوطنات، يجعله منخرطاً في نشاط تجاري يدعم المستوطنات الإسرائيلية، خلافاً لشرعة حقوق الإنسان، التي تؤكد أنّ بناء المستوطنات عملية غير قانونية بموجب القانون الدولي الإنساني، لأنّ نقل القوة المحتلة للسكان المدنيين إلى الأراضي المحتلة يشكّل انتهاكاً لإتفاقية جنيف الرابعة، ويُعدّ جريمة حرب.

“لا” للتطبيع

نظّمت الحملة العالمية للعودة إلى فلسطين إحتفالا تكريمياً لسبعة عشرة رياضياً وفريقاً من جنسيات مختلفة، وذلك لانسحابهم من المباريات في ألعاب رياضية رفضوا خلالها مواجهة لاعبين “إسرائيليين”. فحين يكون اللاعب مشاركاً في مسابقة عالمية مثل الأولمبياد، تتجه أنظار العالم نحوه، ويرفض حينها المشاركة في المباراة، بسبب المواجهة مع لاعب من كيان الاحتلال، إنّما يشكّل هذا رسالة قوية للعدو، تدفع المتلقي للسؤال عن سبب رفض اللاعب المشاركة، ليأتيه الجواب عن الجرائم المرتكبة بحقّ الشعب الفلسطيني، حينها ومع تراكم المواقف المماثلة، تترك تلك المواقف أثرها عند الشعوب، كون الرياضة ليست مجرد منافسة، بقدر ما تحمل من قيمٍ إنسانية، فكيف إن كانت تُعبر عن حق شعب محتلّ بالحرية واستئناف الحياة.

*كاتب لبناني


وسوم :
, , , , , , , , , ,