فاقدو الأوراق الثبوتية: موجودون أم لا؟

التصنيفات : |
مارس 14, 2022 8:20 ص

*وفيق هوّاري – صمود:

لا يوجد إحصاء دقيق موثّق لأعداد اللاجئين الفلسطينيين من فاقدي الأوراق الثبوتية، الذين يعيشون في لبنان، البعض يقول إنّ عددهم لا يتجاوز الألف شخص في حين يقول آخرون إنّ عددهم يتجاوز السبعة آلاف شخص.

من هم فاقدو الأوراق الثبوتية؟

إنّهم من فقدوا تسجيلهم لدى الأونروا نتيجة وضعهم المتغير، واضطرارهم إلى تغيير مكان إقامتهم، ولم يشملهم تعريف وكالة الأونروا. كما لم يأتِ على ذكرهم تعريفات المؤسسات الأخرى المعنية باللاجئين.

لكنّ الباحثة الفلسطينية نجوى حساوي تقول في بحثها لنيل شهادة الدكتوراه في الحقوق: “نظراً لخصوصية واستمرار معاناة الفلسطينيين وانتقال اللجوء من جيل إلى آخر، فإنّه يقتضي اعتبار كل فلسطيني، غادر فلسطين، أو وُلد خارجها، ولا يستطيع العودة إلى دياره معنياً بحقّ العودة، وهناك حاجة ماسة لتعديل تعريف الأونروا باعتبار أنّه لم يعالج قضية اللاجىء من وجهة نظر حقوق الإنسان، إنّما تطرّق لها من وجهة عملية، أسهمت في التمييز بين لاجىء وآخر من دون أي مبرر قانوني”.

ويُشير منسّق هيئة فاقدي الأوراق الثبوتية محمود عادل مهنا: “لا يوجد أي معلومات تفصيلية ودقيقة عن عائلات فاقدي الأوراق الثبوتية في لبنان لدى وكالة الأونروا، لكن أحد مسؤوليها وعدنا بإعداد إستبيان يظهر عددهم الفعلي وأوضاعهم وكيفية معالجة مشكلاتهم”.

من قدّم الإثباتات المطلوبة لا يتجاوز ٤٨ عائلة في عين الحلوة، ٤٩ عائلة في البقاع، ١٨ عائلة في صور، ١٠ عائلات في الشمال و٨ عائلات في بيروت،

لكن، يبدو أنّ الهيئة نفسها لديها معلومات موثّقة حول العائلات المعنية، ويوضح مهنا ذلك بالقول: “عامي ٢٠٠٨ و٢٠٠٩ جرى تسجيل العائلات وفق إتفاق بين الأمن العام اللبناني والسفارة الفلسطينية في لبنان، واشترطت الدوائر المعنية أن يقدّم أصحاب العائلات إثباتات عن وجودهم في مكان معين وانتقالهم إلى لبنان لأسباب أمنية أو سياسية. وأعتقد أنّ من قدّم الإثباتات المطلوبة لا يتجاوز ٤٨ عائلة في عين الحلوة، ٤٩ عائلة في البقاع، ١٨ عائلة في صور، ١٠ عائلات في الشمال و٨ عائلات في بيروت، وأنّ الأرقام الضخمة التي يتمّ تداولها تتضمن عائلات من فلسطينيي سوريا والعراق بالإضافة إلى أشخاص أكراد وعراقيين وتونسيين”.

ويضيف: “عام ٢٠٠٨ طلبوا إثباتات عن إقامتنا السابقة وعن الظروف التي دفعتنا للجوء إلى لبنان بدون أوراقنا الثبوتية، وهذا ما حصل، لذلك أدعو الأمن العام اللبناني للتحقيق مع الأشخاص الذين حصلوا على مستندات قانونية كي يتمّ شرعنة وجودهم”.

ولدى الإستفسار عن الأسباب التي تدفعهم إلى هذا المطلب؟

يجيب مهنا:” إذا تمّ تكبير العدد فإنّ ذلك يمنع الوصول إلى حلول واقعية، في حين إذا تمّ الإكتفاء بالعدد الحقيقي، أعتقد يمكن الوصول إلى حلول لمشكلاتهم”.

وتُشير مسؤولة اللجنة الإجتماعية لفاقدي الأوراق الثبوتية غادة غسان إبراهيم: “نحن محرومون من الخدمات الصحية للأونروا، لكنّنا نستفيد من المعاينات في عيادات الوكالة داخل المخيّمات، أما الإستشفاء والرعاية الصحية الأخرى فتتمّ على الحساب الشخصي.

وإذا كنّا نُسجّل أولادنا في مدارس الأونروا بشكل عادي، وأحيانا بحاجة إلى وساطة، فإنّ التسجيل في المدارس الرسمية اللبنانية يتمّ على خلفية أنّنا من مكتومي القيد، أي لا صفة قانونية لنا”.

وعن ظروف العمل تتحدّث إبراهيم: “نعاني الأمرّين في الحصول على فرص عمل، وأُعطي مثلاً عن زوجي الذي يعمل سائق أجرة، لكنّ عمله غير قانوني لأنّه لا يحقّ له الحصول على رخصة قيادة، كما أنّنا لا نستطيع إمتلاك سيارة أصلا. ولا تحظى هذه الفئة بأي حماية قانونية. نحن غير موجودين قانونيا، أعدادنا كانت أكبر من ذلك، لكنّ الكثير من العائلات ترك لبنان وهاجر بطرق غير قانونية كي يتخلص من هذا الجحيم. وهنا أضيف، نحن لا نستطيع استلام أية حوالة مالية من الخارج، فإذا أراد أبناء هذه العائلات إرسال مساعدات مالية لأهاليهم، يُضطرون لإرسالها بإسم أشخاص آخرين”.

مكتومو القيد والصوت

أما فايز النجار فيقول: “لا نريد مساعدات، نريد الإعتراف بوجودنا القانوني، والحصول على حقوقنا الإنسانية”.

والنجار مُقيم في لبنان منذ عام ١٩٧٠، يروي ما حصل معه: “أبعدني العدو الإسرائيلي من غزة إلى القاهرة، ومن هناك توجهتُ إلى ليبيا، وكان من المفترض أن أسافر بالطائرة إلى بيروت، لكن لم أستطع، فانتقلت إلى دمشق ومنها إلى بيروت. وقد تزوجت إمرأةً من غزة وهي لا تحمل وثائق أيضا، وأولادي بدون قيود قانونية، وحصلنا على أوراق من الأمن العام بعد تقديم إثباتات عما حصل معنا وكيف أُبعدنا من غزة”.

أم إبراهيم، سيدة من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ومن سكان مخيّم عين الحلوة، تروي قصّتها لـ”صمود”: تعرّفت إلى زوجي محمد عطية خلال عملنا في مؤسسة واحدة، وحين قررنا الزواج، شرح لي أهلي الصعوبات التي ستواجهني بسبب أنّ من أرغب بالزواج منه هو من فاقدي الأوراق الثبوتية، لكنّني لم أهتم وتزوجت. والآن، عندي ثلاثة أولاد وهم حتماً يواجهون صعوبات بتنقلاهم وتعليمهم، وغداً سيعانون للحصول على فرص عمل”.

وزوجها محمد، وُلد في لبنان وكان والده قد جاء إلى صيدا بعد أحداث أيلول الأسود عام ١٩٧٠.

ولـ”مهنا” قصة أخرى مختلفة، فهو غادر الأردن بطريقة قانونية إلى باكستان لإكمال تعليمه الجامعي عام ١٩٧٠، ووالده من مناضلي حركة القوميين العرب (عادل مهنا)، بعد تخرّجه حاول العودة إلى إربد لكنّ موجة إعتقالات واسعة آنذاك منعته من ذلك، ما دفعه لدخول لبنان بموجب جواز سفر أردني يحمل رقم 644942.

يقول مهنا: “أنا من مواليد دير القصون، طولكرم عام ١٩٥٢، عشنا بعد النكبة في إربد. عام ١٩٩٦ تمّ توقيفي في لبنان بتهمة الدخول خلسة، على الرغم من وجود جواز سفر أردني صادر من إربد، أُوقفت ١١ شهرا أول مرة، ثم أُوقفت ٣ مرات بعد ذلك لنفس السبب، وتمّت مراجعة السفارة الأردنية التي نفت صلتها بي وطلبوا مني الإتصال بالسفارة الفلسطينية، وقد قدّمت كل الإثباتات التي تظهر وضعي وعدم إمكانية العودة إلى إربد، وحصلت على هذه الوثيقة التي تسمح لي بالتنقل من دون أن يكون لي أية حقوق”.

وماذا تريد هذه الفئة من اللاجئين؟

هم يريدون وحسب ما قالوه:

“نريد المساواة مع اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان. كما نريد الحصول على وثيقة لبنانية قابلة للتجديد من النقطة التي توقف فيها العمل عام ٢٠٠٩.

كما نطلب من السلطات اللبنانية، وهي المسؤولة عنّا إجراء إحصاء جدي ودقيق لفاقدي الأوراق الثبوتية القادمين من الضفة الغربية وقطاع غزة.”

ويختم مهنا: “لقد قمنا ببعض الإتصالات وهناك وعد بتحقيق ما طلبناه خلال ٣ أشهر، ونرجو أن يتمّ ذلك”.


وسوم :
, , , , , , , , , , , ,