إضراب الأسرى في الخامس والعشرين من آذار.. معركة مفتوحة ضد الاحتلال

التصنيفات : |
مارس 22, 2022 8:58 ص

*سنان حسن

بعد 33 يوماً من إنتفاضة بطولية في كافة سجون الاحتلال، علّق الأسرى الفلسطينيون عصيانهم مؤقتا، وأعلنوا الخامس والعشرين من آذار/مارس الجاري موعداً لتنفيذ إضراب مفتوح عن الطعام حتى إستعادة حقوقهم ومكتسباتهم، والتي عملت مصلحة السجون الإسرائيلية على المساس بها خلال الفترة الماضية، مؤكدين أنّ مصير الإضراب سيكون مرهوناً بسرعة إستجابة العدو الإسرائيلي لمطالبهم، ووقف عدوانه عليهم، فهل يذعن الاحتلال لمطالبهم؟، أم أنّنا سنشهد معركة جديدة عنوانها “إنتزاع الكرامة ونيل الحقوق من خلف زنازين الاعتقال”؟.

لقد شكّلت عملية نفق الحرية، والتي استطاع خلالها ستة من أبطال سجن جلبوع من الهروب وكسر كل إجراءات العدو الأمنية واللوجستية والإستخباراتية، نقطة تحوّل في المواجهة بين الحركة الأسيرة والعدو الإسرائيلي وانتصاراً تاريخياً بكل ما للكلمة من معنى، دفع على أثرها قيادة الاحتلال إلى تصعيد إجراءاته ضد الأسرى وقياداتهم سعياً منها لاستعادة هيبة إندثرت أمام أدوات معدنية بسيطة حفر بها أبطال نفق جلبوع حريتهم، فزادت من عمليات القمع بحقّ الأسرى، وألغت الكثير من الإمتيازات التي نالها الأسرى بصمودهم وصبرهم ومقاومتهم، حتى وصل الأمر بالاحتلال إلى المس بأهم مقومات الحياة للأسرى، ولا أدلّ على ذلك إلا ما جرى مع الأسير محمود العارضة بعد إعادة اعتقاله، ولكنّ الأسرى لم يستسلموا لجبروت العدو وعنصريته.

إنّ دعوة الحركة الأسيرة للإضراب عن الطعام تنطوي على إصرار كبير لدى الأسرى وقياداتهم للمضي قدماً في مواجهة السجّان وإجراءاته التعسفية بحقّهم

بعد التصعيد الخطير الذي اتّخذته أجهزة الاحتلال في السجون ضد الأسرى، لم تقف الحركة الأسيرة مكتوفة الأيدي بل خاضت سلسلة من المعارك باللحم العاري لتثبيت إنتصارها ومنع العدو من تحقيق أي انجاز مهما كان، وكانت في كل مرة بعد أن تذعن إدارة السجون لمطالب الأسرى تعود وتنكث بوعودها، وتفرض المزيد من الإجراءات العقابية بحقّهم، حتى جاءت إنتفاضة السجون في السادس من شباط/فبراير الفائت، رداً على تقليص ساعات خروج الأسرى إلى الساحات، حيث علّقت لجنة الطوارئ الوطنية العليا في الحركة الأسيرة إنتفاضتها في ضوء تراجع الاحتلال عن إجراءاته في سجن نفحة، معلنةً في الوقت عينه أنّ الخامس والعشرين من آذار/مارس الجاري سيكون موعداً نهائياً للشروع في الإضراب المفتوح عن الطعام في جميع سجون الاحتلال حتى الإذعان لمطالب الحركة الأسيرة وحقوقها المشروعة.

إنّ دعوة الحركة الأسيرة للإضراب عن الطعام تنطوي على إصرار كبير لدى الأسرى وقياداتهم للمضي قدماً في مواجهة السجّان وإجراءاته التعسفية بحقّهم، على الرغم من قساوة وصعوبة الخيار الذي لجأوا إليه، وهي في سبيل تحقيق ذلك، وضعت خطة متكاملة على مراحل متعددة لتنفيذ إضرابها، تبدأ من إعداد قوائم لأسماء المشاركين في الإضراب والذين سيُمثّلون كافة الفصائل، وليس انتهاءً بكيفية المباشرة بالإضراب وصولاً للإضراب الشامل مع حلول ذكرى يوم الأسير الفلسطيني، حتى يتمكنوا من تحقيق مرادهم في إرباك أجهزة الاحتلال ومنظوماته الأمنية والعسكرية، وبلوغ الهدف المنشود في استعادة كامل الحقوق.

وعليه، يمكن القول إنّ المواجهة القادمة التي ستخوضها الحركة الأسيرة، تُعدّ معركة مفتوحة ضد الاحتلال الإسرائيلي وسيكون لها تداعيات ونتائج موازية لما تمخّضت عنه معركة سيف القدس، من حيث توحيد صفوف الفلسطينيين خلف أسراهم في مواجهاتهم المستمرة ضد المحتل، كما أنّ الإضراب يُشكّل دافعاً كبيراً يُحفّز الفصائل الفلسطينية للبحث عن قواسم مشتركة تُنهي به الإنقسام الحاد الذي تعيشه الساحة  الفلسطينية منذ التوقيع على إتفاق أوسلو المشؤوم، ولقد كان للحركة الأسيرة بما تُمثله من مكانة كبيرة في الوجدان الفلسطيني المبادرات الجامعة تحت عنوان “وثيقة الوفاق الوطني 2006” التي تدعو إلى توحيد الصفوف في مواجهة العدو الإسرائيلي الذي لا ينصاع إلا إلى لغة القوة وثبات المقاومين، فالحقّ يُنتزع ولا يوهب.

*كاتب سوري


وسوم :
, , , , , , , , , , ,