فلسطين في زمن التحرير.. أين ومتى وكيف ستكون الشرارة؟

التصنيفات : |
مايو 5, 2022 4:05 م

*ميخائيل عوض

في ٣ أيار/مايو الجاري، ألقت طائرات مسيّرة إسرائيلية منشورات في الجولان المحتل تخاطب ضباط وجنود الجيش العربي السوري والمقاومين؛ بأنّ تواجدكم في المنطقة العازلة يتعارض مع إتفاق فك الإشتباك وهذا يُحمّلكم مسؤولية!!. يا للهول، الإعتداءات الاسرائيلية وطرد مراقبي الأمم المتحدة وتطبيب وتسليح المعارضين السوريين لم يكن يتنافى مع إتفاق فك الإشتباك في الجولان.

في مرة نادرة وبخطاب مُتقن ومدروس ومُمنهج، وبعد شهر من المواجهات الشعبية الفلسطينية في الأقصى طيلة أيام رمضان المبارك، حشدت جماهير الـ٤٨ والضفة واستعرضت حضور قوتها الشعبية الصلبة، وألزمت “إسرائيل” بتعديل خططها ومنع المتطرفين من اغتصاب الأقصى وممارسة شعائر دينية بذبح القرابين وعطّلت مسيرة الإعلام الإستفزازية، كما نفّذ المقاومون عمليات بطولية متقنة أدّت إلى قتل أكثر من ١٦ إسرائيلي في أيام معدودات وعدد كبير من الجرحى. عمليات في تواترها ومناطق تنفيذها وخبرات المنفذين وانتماءاتهم أربكت الأمن الإسرائيلي وكشفت عجزه وأدّت إلى توتر بنية “إسرائيل” السياسية والإجتماعية وضربت في توازنات حياتها السياسية، وتهدّد حكومة بينيت بالإنهيار في أي لحظة.

في هذه الظروف والمعطيات النوعية، والجديدة الكاشفة عن حجم التبدّلات الجوهرية في ميزان القوى، إعتلى السنوار رئيس المكتب السياسي لحماس، منبر يوم القدس في غزة وأعلن مواقف تاريخية، وحدّد مواعيد لأحداث نوعية ستغيّر ما قبلها. قال: “إنّ فك الحصار عن غزة قرار اتّخذ من محور المقاومة وسيتمّ فرضه بالقوة، وعلى “إسرائيل” أن تفكّك مستوطنات الضفة وتجلي المستوطنين قبل نهاية السنة الجارية”، وطالب اللاجئين بالإستعداد للزحف إلى فلسطين طلباً للعودة التي ستتحقق، وأشاد بالقائد عرفات وبكتائب الأقصى التي أسماها عامود المقاومة والإنتفاضات وقوّتها المحورية.

خطاب السنوار ليس منقطعاً عن خطاب السيد حسن نصر الله في يوم القدس أيضا، وقد حمل الخطابان تناغماً وأكّدا مستوى التنسيق ودقّته بين فصائل ودول محور المقاومة

كما قيّم وقدّر نضالات الشعب الفلسطيني في الـ٤٨ وأعطاها حقّها ومكانتها النوعية في فرض التحولات والتطورات.

خطاب السنوار ليس منقطعاً عن خطاب السيد حسن نصر الله في يوم القدس أيضا، وقد حمل الخطابان تناغماً وأكّدا مستوى التنسيق ودقّته بين فصائل ودول محور المقاومة، وأهم ما جاء فيه وجديده أنّ الرد على أي اعتداء إسرائيلي سيكون فوريا، وأعلن نهاية زمن الصبر واختيار المكان والزمان المناسبين.

مواقف وأحداث ثلاثة على توافق وتفاعل وخط اشتباك وتصعيد في ثلاث جبهات محورية في الصراع العربي – الإسرائيلي متساندة، وباتت جاهزة وحاضرة وحشدت قوّتها ومعدّاتها لنُصرة ومساندة حراك وثورة الشعب في فلسطين التاريخية بالسلاح، لتكتملَ الصورة ومعطيات الواقع التي تشير كلها إلى أنّ زمن تحرير القدس أزف ونحن في قلب زمن تحرير فلسطين من البحر إلى النهر.

جاء تصريح لافروف كضربة كاسرة لقلب المشروع الصهيوني وما بُني عليه من كذبة المحرقة واضطهاد اليهود ودور ألمانيا التي ابتزّتها “إسرائيل” بالتعويضات وأذلّت حكوماتها وشعبها.

التطورات والأحداث سابقة الذكر أيضا، ليست منقطعة عما هو جارٍ في الإقليم والعالم بل على تفاعل متين مع تأثيرات ونتائج الحرب في أوكرانيا ولها أشد العلاقات والروابط متانة مع تصاعد الإشتباك الروسي – الإسرائيلي وبلوغه سقوفاً عالية ومتصاعدة ولا مؤشر على تسويتها أو ترقيدها ومعالجتها. فـ”إسرائيل” كشفت عن عدائها لروسيا وتبنّت الموقف الأمريكي وبدأت بإسناد أوكرانيا وهذه أم الكبائر عند روسيا، ولهذا جاء تصريح لافروف الموثّق؛ بأنّ لهتلر أصل يهودي كزلينسكي اليهودي النازي، وأكّدت الناطقة بإسم الخارجية الروسية زاخاروفا؛ أنّ مرتزقة إسرائيليين يقاتلون في أوكرانيا وجاء تصريح لافروف كضربة كاسرة لقلب المشروع الصهيوني وما بُني عليه من كذبة المحرقة واضطهاد اليهود ودور ألمانيا التي ابتزّتها “إسرائيل” بالتعويضات وأذلّت حكوماتها وشعبها.

المتطرفون وصراعات قبائل “إسرائيل” قد يكونوا الشرارة الحارقة

والمعطيات والقراءات الواقعية والملموسة لأحداث وتطورات الواقع التي رصدناها في تحليل معمّق من ٧ أجزاء تحت عنوان: الشعب الفلسطيني في ثورة مسلحة لا سبيل لها إلا النصر والتحرير، تسمح بفهم وقراءة الأحداث الجديدة الجارية باعتبارها الإرهاصات والأدلة الواقعية القاطعة على أنّ فلسطين في زمن التحرير.

من أين ومتى وكيف ستكون الشرارة؟

أصبحت “إسرائيل” كحقل اشتدّ يباسه، فلم يعد لها من نصيرٍ وازنٍ ولا هي تمتلك عناصر القوة والسطوة، ومحور المقاومة تَقدّم وانتصر في كل الحروب والمعارك وأصحاب “إسرائيل” من نخبٍ وحكومات الغرب والأطلسي باتوا منشغلين عنها، وحُماتها من العرب والمسلمين باتوا على ضعفٍ حادٍ وانشغالٍ عن إسناد ودعم “إسرائيل” وحمايتها،  والشعب الفلسطيني توحّد وامتشق سيف القدس وأربك “إسرائيل” وكسر ما تبقّى لها من عناصر قوة وسطوة، فالحقل اليابس سيحترق من أبسط شرارة ومن أية جهة أو سببٍ آت.

المتطرفون وصراعات قبائل “إسرائيل” قد يكونوا الشرارة الحارقة، فنتنياهو والمتطرفون مصمّمون على إسقاط بينيت وأدواتهم تسعير الإعتداءات الصهيونية على الأقصى والفلسطينيين، وقد يكون خطأ في تقدير المعطيات لدى قيادة “إسرائيل”، وقد يتسبب حادث عابر في الجولان أو جنوب لبنان الشرارة وكذا على جبهة غزة الصابرة والمقاومة وإن لم تقع واحدة من هذه ففك الحصار بالقوة العسكرية عن غزة ستكون الشرارة وإلا فقرار واع بدفع وتسريع وتنويع الإنتفاضات والعمليات المسلحة وتصعيدها نوعياً في الضفة والـ٤٨ ستفرض الإشتباك وتؤدي إلى احتراق الحقل المتيبّس.حرب تموز 2006

فلسطين حقاً في زمن التحرير وأيام “إسرائيل”العادية باتت معدودة

هذا تصريح لأولمرت رئيس وزراء “إسرائيل” في حرب تموز ٢٠٠٦، قالها بملء فمه وأمام الكنيست الإسرائيلية وقوله يتجسّد واقعاً اليوم، فقد نضجت كل الظروف وتوفّرت كل الأسباب لاستعادة فلسطين عربية والقدس عاصمتها الأبدية.

*كاتب لبناني


وسوم :
, , , , , , , , , , , , ,