دلالات تبنّي كتائب القسّام لعملية “سلفيت” الفدائية

التصنيفات : |
مايو 6, 2022 10:21 ص

*أحمد الطناني – غزة:

أعلنت كتائب الشهيد عزّ الدين القسّام الجناح العسكري لحركة حماس في بيان صادر عنها بتاريخ 2/5/2022 عن مسؤوليتها الكاملة عن عملية “سلفيت” البطولية التي وقعت بتاريخ  29/4/2022 على مدخل مستوطنة “أرئيل” الاحتلالية.

شكّل الإعلان عن التبنّي تطوراً لافتاً في سلوك كتائب القسّام والأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة عموماً والتي عمدت خلال السنوات الأخيرة إلى تجنّب التبنّي الرسمي للعمليات الفدائية التي ينفّذها فدائيون من أعضائها لاعتبارات في غالبها أمنية، حيث كانت السمة السائدة تصنيف كل العمليات الفدائية أما في إطار “العمليات المنفردة” أو عمليات لا تبنّي رسمي من الجهة المنفّذة حيث بالغالب يُعلن الاحتلال عن انتماء المجموعة المنفّذة بعد اعتقالها أو اغتيال منفّذيها على غرار عملية “عين بوبين” التي نفّذت عبر تفجير عبوة ناسفة عن بُعد وأسفرت عن مقتل مستوطنة صهيونية في العام 2019، إذ أعلن الاحتلال في ما بعد أنّها خلية منظمة تتبع للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ومسؤولة عن تنفيذ 7 عمليات إطلاق نار في محيط رام الله منذ العام 2017، حسب ما ورد بلائحة إتهام قائد المجموعة الأسير سامر العربيد.

كانت آخر تبنّي رسمي لكتائب الشهيد عزّ الدين القسّام لعمليات فدائية في الضفة المحتلة هو إعلانها المسؤولية عن عمليتي “عوفرا” قرب رام الله، و”بركان” قرب سلفيت، عقب استشهاد منفّذيها الشهيد صالح البرغوثي والشهيد أشرف نعالوه، في كانون الأول/ديسمبر من العام 2018.

“إنّ هذه العملية تأتي ضمن سلسلةٍ من عمليات الرد على تدنيس الأقصى والعدوان عليه ولن تكون الأخيرة”.

حمل هذا الإعلان لكتائب القسام عن مسؤوليتها الكاملة عن عملية “أرئيل” التي أعلن الاحتلال اعتقال منفّذيها، مجموعة من الدلالات التي تُشكّل مؤشرات لملاحم المرحلة القادمة في المواجهة المتصاعدة مع الاحتلال في الضفة المحتلة، وبشكل خاص مع تصاعد الفعل المقاوم المسلح، حيث نستعرض أبرز هذه الدلالات في التالي:

أولا: يعطي القسّام إشارة بالتبنّي المذكور بأنّه استطاع أن يرمّم بنيته التحتية وتشكيل مجموعاته المقاومة في الضفة المحتلة، وهو ما يؤكده ما ورد في بيان التبنّي عبر تأكيد القسّام “فخرها بمجاهديها الميامين في الضفة المحتلة الذين لا زالوا يشرعون سيف القدس”.

ثانيا: يؤكد التبنّي أنّ المقاومة المسلحة في الضفة المحتلة لن تبقى محصورة في محافظة جنين، بل تتوسّع وتتمدّد وتستعيد حيويتها وفعلها، حيث أنّ الخلية المسؤولة عن العملية هي من محافظة سلفيت.

إنّ عدم التبنّي العلني يأتي تجنباً لتوسّع الملاحقة الأمنية من جيش الاحتلال، والأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية.

ثالثا: التأكيد على انتقال المقاومين من مرحلة الدفاع والتصدي للإجتياحات الصهيونية، إلى مرحلة المبادرة الكفاحية، عبر تنفيذ عمليات فدائية هجومية مسلحة على أهداف للاحتلال، وهو ما يؤكد عليه البيان الذي أضاف: “إنّ هذه العملية تأتي ضمن سلسلةٍ من عمليات الرد على تدنيس الأقصى والعدوان عليه” مؤكداً أنّها لن تكون الأخيرة”.

رابعا: مغادرة حالة التريّث الأمني وعدم التبنّي العلني تجنباً لتوسّع الملاحقة الأمنية من جيش الاحتلال، والأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية.

خامسا: يُشكّل التبنّي محفّزاً للفدائيين الفلسطينيين إلى تنظيم أنفسهم في مجموعات مسلحة تنفّذ ضربات مقاومة تستهدف جيش الاحتلال وقطعان مستوطنيه، حيث أنّ فصائل المقاومة لن تتردد في تبنّي كل مجموعة مقاومة تنفّذ مبادرات فدائية مشابهة.

يتكامل المشهد الذي برز فيه دور واضح لمقاومي سرايا القدس -الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي-

سادسا: يحمل التبنّي رسالة واضحة لحكومة الاحتلال وجمهوره حول فشل العملية الأمنية – العسكرية المُسمّاة “كاسر الأمواج” الهادفة لتفكيك البنى الحديثة للمقاومة في الضفة المحتلة، إذ أنّ الميدان يؤكد زيف ادعاءات الاحتلال حول تمكّنه من إجهاض الفعل الكفاحي في الضفة المحتلة وتحقيقه عمليته الأمنية – العسكرية إنجازات يُسوّقها قادة الاحتلال لجمهورهم.

سابعا: يُشكّل التبنّي وتأكيد القسّام في بيانها على وجود مقاتلي القسّام جنباً إلى جنب مع مقاومي الشعب الفلسطيني في كل بقاع أرضنا المحتلة، إلى تكامل المشهد الذي برز فيه دور واضح لمقاومي سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، إضافة لحضور المسلحين المحسوبين على كتائب شهداء الأقصى وبشكل خاص في جنين.

ختاما، تُشكّل هذه الدلالات التي حملها تبنّي القسّام الرسمي للعملية الفدائية قرب سلفيت إلى أنّ التصاعد في الفعل المقاوم في الضفة المحتلة ليس وليد اللحظة ولا الصدفة بل هو نتاج فعل ومراكمة ضمن منظور إستراتيجي انتهجته فصائل المقاومة في إطار ترميم بنيتها التحتية وحضورها المقاوم في مدن ومخيّمات وقرى الضفة الغربية، في محاولة السعي لاستعادة زمام المبادرة الثورية وتفعيل الفعل المقاوم المسلح فيها.

*كاتب فلسطيني


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , , ,