مخيّم البدّاوي وأزماته المتوارثة

التصنيفات : |
مايو 7, 2022 7:56 ص

*وفيق هوّاري – صمود:

هو المخيّم الثاني في شمال لبنان، يقع على مرتفع يطلّ على مدينة طرابلس، له مدخلان رئيسان: جنوبي من جهة طرابلس القبّة، وشمالي من جهة جبل البدّاوي المطلّ على بلدة البدّاوي. تحيط به تلة المنكوبين وتلال تربل، ويبعد عن وسط طرابلس ٣ كلم، ويرتفع نحو ١٥٠ متراً عن سطح البحر.

بُني المخيّم عام ١٩٥٣، لكنّ اللاجئين رفضوا السكن فيه خوفاً من التوطين الذي طرحه مشروع “كلاب” الأمريكي آنذاك. وأقدمت مجموعة منهم على إحراق خيمها لأنّها تريد العودة إلى فلسطين، لكنّهم عادوا وسكنوا المخيّم بعد فيضان نهر أبو علي الذي ألحق ضرراً في مراكز تجمّع الفلسطينيين في منطقة خان العسكر.

ديموغرافيا البدّواي

يتوزّع السكان على أربعة قطاعات سكنية وهي على النحو الآتي:

قطاع ١: يُشكّل نحو ٣٠% من سكان المخيّم، الذين جاءوا بأغلبهم من قضاء صفد، شفا عمرو، نحف، صفوريه، يافا، عرب حيفا، الغابسية، الجش والصفصاف.

قطاع ٢: يُشكّل ٢٠% من سكان البدّاوي، أغلبيتهم من قضاء صفد، سحماتا، البروة، حيفا، الصفصاف، البوزية، جاحولا والناعمة.

قطاع ٣: يُشكّل ٣٠% من سكان المخيّم، معظمهم من قضاء حيفا، يافا، صفورية، قضاء صفد والبوزية.

قطاع ٤: يُشكّل ٢٠% من سكانه، وهم المهجرون من مخيّمات أخرى، وإلى جانبهم يعيش أكثر من ٨٧٠ عائلة نازحة من مخيّم نهر البارد.

يبلغ عدد أهالي مخيّم البدّاوي نحو ٢٧ ألف نسمة، ويشهد المخيّم هجرة نحو جبل البدّاوي ويُقال أنّ نحو ألف عائلة فلسطينية تسكن الجبل، في حين تحوّل معظم محال السوق الأساسي في المخيّم إلى أسواق يستثمرها قادمون من سوريا.

منذ إنشائه، بقيت مساحة المخيّم الأصلية لا تتعدّى كلم مربع واحد وقد استأجرتها وكالة الأونروا لاستيعاب اللاجئين الفلسطينيين حينها.

لكن، ومع الحروب الأهلية اللبنانية توسّعت مساحة المخيّم لاستيعاب اللاجئين الذين قدموا من مخيّمات أخرى خلال السنوات الماضية وخصوصاً عند حدوث مشكلات نهر البارد، وأيضاً اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا ليزداد أعداد المقيمين فيه.

أدّى هذا النمو في عدد سكان البدّاوي إلى بروز مشاكل كثيرة في المخيّم وعلى رأسها: التوسّع العمراني الآخذ في الازدياد يوماً بعد يوم، بدون أي تخطيط بسبب الإكتظاظ السكاني الكبير، ما أثّر سلباً على البنى التحتية للمخيّم.

التسرّب المدرسي

كما شهد المخيّم مشكلة تربوية بسبب عجز المدارس عن استيعاب التلاميذ، مع العلم أنّ الأونروا، أنشأت مدرستين جاهزتين للتلامذة الذين قدموا من نهر البارد. وكانت مدارس مخيّم البدّاوي أصلاً غير قادرة على استيعاب تلامذة المخيّم نفسه، حيث وصل عدد التلاميذ في الصف الواحد نحو أربعين تلميذا، ما دفع الأهالي إلى المطالبة بإنشاء مدرسة وحتى اللحظة لم يتمّ التنفيذ.

المياه عصب الحياة

مع تضخّم أعداد سكان المخيّم، أصبحت البنية التحتية غير قادرة على تقديم الخدمات المطلوبة ولا تتناسب مع أعداد السكان المتزايدة. كما أنّ شبكات الكهرباء متشابكة ما يُشكّل خطراً على حياة المقيمين مثل غيره من المخيّمات. وتدير وكالة الأونروا جميع الآبار وخزانات المياه الموجودة فيه، وفي المخيّم شبكة واحدة للمياه تتفرّع منها شبكات بطريقة غير علمية، وهذا ما سبّب نقصاً بمياه الشفة.

هجرة الأدمغة

كما ترتفع نسبة البطالة بين صفوف فئة الشباب، وخصوصاً بين أوساط الخريجين الجامعيين. الأمر الذي أدّى إلى توسّع ظاهرة الهجرة منه، والتي باتت اليوم الهدف الذي يطمح إليه عدد كبير من شباب المخيّم، بحيث سجّل مخيّم البدّاوي رقماً مرتفعاً في هجرة شبابه بين المخيّمات الفلسطينية الأخرى في لبنان وخصوصاً بطرق غير قانونية.

صحيّاً

من جهتها، تُقلّص الأونروا خدماتها في المجال الصحي ما دفع أهالي مخيّم البدّاوي للاحتجاج ومطالبة الأونروا تحمُّل المسؤولية كاملة في هذا الجانب. ومنذ أسبوعين، تمّ إفتتاح مستشفى صفد الجديد التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، والذي يضمّ قسماً لاستقبال مرضى غسيل الكلى. وهذا هو المستشفى الثاني للجمعية في المخيّم لعجز الأول عن تقديم الخدمات الصحية المطلوبة للمقيمين.

أمنياً

يشهد المخيّم حوادث أمنية متفرقة وخصوصاً بما يتعلق بالمخدرات وانتشارها الواسع. وتحاول الفصائل الفلسطينية التعاون في ما بينها للوقوف في وجه هذه الآفة الخطيرة. وإلى جانبها ينشط عدد من الجمعيات التي تحاول لعب دوراً مميزاً في الشأن العام الخاص بالمخيّم وخدماته.


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , ,