عن وجع شيرين على وجع فلسطين

التصنيفات : |
مايو 11, 2022 12:07 م

*حنان هاشم

دعونا نرسم الألم،

مسافة تمتدّ إلى عين العقل، فما نقلته الأبصار تداورته باقي الحواس والخلايا الذهنية والعصبية وما تكامل في هذا الجسد، لنبدأ باستئناف كل هذا الألم. بعضٌ منه يدمي القلب فيجري النبض جري المطارَد، وبعضٌ آخر يُفتّت الروح فتستحيل خراباً بعد أن كانت سُكنى عظيمة.

لم أرَ في شيرين إلا وجع فلسطين، يُقال إنّ العيون مرآة الروح، إذا، كانت روحها ملتصقة بالحزن، وإلا كيف لها أن ترسلَ لنا، من خلف شاشة، أنين البلاد، ونحن نتعاطى الحياة في هذه الجغرافيا المهزومة، إلا في مقاومتها للعدو ذاته، ونحن الذين أُصبنا في الأطراف وتيبّسنا لعقود.

لم تعكس ابتسامة شيرين فرحاً مستتراً ولا جاهدت الشفاه الحاضنة صوت فلسطين، بتجميل الحال ولو لضرورات الأمل، لم يكن المشهد يسمح بهذا الترف. كانت ابتسامتها وفية ليقينها بأنّه ليس في الواقع ما يستفزّ على الابتسام، فخلف كل مشهدية توارت آلام تراكمت، ولم أعرف يوماً صحافياً أكثر إخلاصاً في عكس الصورة عبر ابتسامة، من شيرين.

دائمة الحزن على وطن ممزّق بين عدو وصديق، والرسالة الصوتية التي كانت تطالعنا بها إثر كل عملية قصف أو قتل أو ضرب أو سحل أو تشريد أو تهويد أو تدمير أو إبادة لذاكرتنا الجمعية، تقولها بما يليق بمقام الوجع، فكنتُ حينها وفي كل مرة حين تطلّ هي الحاملة همّنا، أتهيّأ لحزن أرقى وأعلم سلفاً أنّ قناة الجزيرة أوكلتها مهمّة نقل الواقع كما هو لأنّها بابتسامتها تختصر الحدث بكامل خرابه.

ربما هو موت يشبه هذه الابتسامة، مكتمل العناصر والظروف. فكل يومٍ في حياة شيرين كان عمراً مضافا، ليتهم أمهلوها يوماً أو ما يزيد على صبر الفلسطيني الآخذ في النفاذ، لربما كانت ارتدت ابتسامتها حال البلاد بعد أن تهاوت على حزننا وتهادى حزنها في الطريق إلى “فلسطين”.

*كاتبة لبنانية


وسوم :
, , , , , , , ,