من جنوب لبنان عام 2000 إلى فلسطين 2022: هل حان وقت التحرير الجديد؟

التصنيفات : |
مايو 25, 2022 6:59 ص

*قاسم قصير

تحلّ علينا في هذه الأيام من 21 إلى  25 أيار/مايو الذكرى السنوية الثانية والعشرين لتحرير جنوب لبنان من الاحتلال الصهيوني، وهذه أول مرة يتمّ تحرير أراضي عربية من الاحتلال بعد حرب تشرين/أكتوبر 1973.

وكان لتحرير جنوب لبنان من الاحتلال الصهيوني تداعيات كبيرة سياسية واستراتيجية مهمة، وشكّل هذا التحرير إلهاماً لأبناء فلسطين لإطلاق انتفاضة الأقصى.

فبعد أسابيع قليلة، على فشل قمة كامب ديفيد عام 2000، والتي أشرف عليها الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، في محاولة لإنهاء الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي؛ قرّر زعيم المعارضة الإسرائيلية آنذاك أرئيل شارون إقتحام المسجد الأقصى، وهو الحدث الذي فجّر الأوضاع، وما تزال تداعياته تؤثّر في مجريات الأحداث حتى اليوم.

وفي حينه، رفض شارون، الإستماع للتحذيرات الفلسطينية، وأصرّ على اقتحام ثالث أقدس مكان للمسلمين يوم 28 أيلول/سبتمبر 2000.

وانتشر مئات الجنود وعناصر الشرطة الإسرائيلية في المسجد الأقصى، لتأمين الإقتحام الحاصل على ضوء أخضر من قِبل الحكومة الصهيونية؛ لكنّ مشاعر المصلّين لم تحتمل المشهد، فاستخدموا كل إمكانياتهم لإفشال الاقتحام، وانهالوا بالأحذية على رؤوس المقتحمين عند باب المصلّى القِبلي من المسجد، وأُصيب في ذلك اليوم العشرات من الفلسطينيين وجنود الاحتلال، واستمرت انتفاضة الأقصى لعدة سنوات شهدت خلالها قيام العدو الصهيوني باغتيال عدد من القادة الفلسطينيين ومنهم الشيخ أحمد ياسين وقائد الجبهة الشعبية أبو علي مصطفى والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بعد محاصرته في رام الله، وقد عمد العدو الصهيوني إلى إلغاء مفاعيل إتفاقية أوسلو والعودة لاحتلال مناطق عديدة من الضفة الغربية وزيادة عمليات الإستيطان والإعتقالات، بينما انسحبت قواته من قطاع غزة تحت ضربات الفصائل الفلسطينية عام 2005.

لقد شكّلت تجربة تحرير جنوب لبنان من الاحتلال الصهيوني نموذجاً مهماً في الصراع مع هذا العدو، لأنّ هذا التحرير تمّ من دون أي اتفاقيات أو التزامات وبدون شروط مسبقة

ولا تزال تداعيات هذه الإنتفاضة مستمرة إلى اليوم، وقد عشنا العام الماضي معركة سيف القدس التي فرضت معادلات جديدة من أجل حماية القدس والمسجد الأقصى.

فهل يحمل العام 2022 معطيات جديدة في الصراع مع العدو الصهيوني ونشهد تحرير المزيد من الأراضي المحتلة؟ وإلى أين يتّجه الصراع مع هذا العدو في المرحلة المقبلة؟

لقد شكّلت تجربة تحرير جنوب لبنان من الاحتلال الصهيوني نموذجاً مهماً في الصراع مع هذا العدو، لأنّ هذا التحرير تمّ من دون أي اتفاقيات أو التزامات وبدون شروط مسبقة، وكانت أيام التحرير الممتدة من الحادي والعشرين من شهر أيار/مايو إلى الخامس والعشرين منه من العام 2000 أياماً للعزة والإفتخار لأبناء جنوب لبنان ولكل اللبنانيين وخصوصاً لحظة اقتحام معتقل الخيام وخروج المعتقلين منه، وبالمقابل كانت مشاهد عملاء العدو من جنود جيش أنطوان لحد وهم يتوسلون العدو وجنوده لأخذهم معهم، لحظات ذلّ وانكسار وهزيمة لكل المتعاملين مع العدو الصهيوني.

تعاظمت قوى المقاومة في لبنان وفلسطين وأرست قواعد جديدة في الصراع، الذي امتدّ إلى كل فلسطين، وتمّ إرساء قواعد جديدة بين قوى المقاومة والعدو الصهيوني.

حفرت هذه المشاهد في وعي الشعب اللبناني والشعب الفلسطيني وكل شعوب العالم العربي، وأكّدت على قدرة المقاومة على مواجهة المحتلين وإخراجهم، ومن هنا كانت كل الإنتصارات التي تحقّقت في مواجهة العدو طيلة كل الفترة الممتدة من العام 2000 وحتى اليوم.

فقد تعاظمت قوى المقاومة في لبنان وفلسطين وأرست قواعد جديدة في الصراع، وامتدّ الصراع إلى كل فلسطين من البحر إلى النهر، ولا سيما خلال معركة سيف القدس، حيث شارك كل أبناء الشعب الفلسطيني في الصراع وتمّ إرساء قواعد جديدة بين قوى المقاومة والعدو الصهيوني.

والتطور الأهم في هذا الصراع، تكامل كل ساحات المقاومة في المواجهة والإعلان عن محور القدس وفلسطين في مواجهة محور العدو الصهيوني وقوى التطبيع، وأصبح العدو الصهيوني يحسب ألف حساب قبل أي هجوم أو عدوان سواء في فلسطين أو في لبنان، وإن كان يحاول اختراق بعض الثغرات في جبهات أخرى أمنية أو عسكرية.

ومن ينظر إلى الجبهة الفلسطينية اليوم، يستخلص بأنّ قوى المقاومة في هذه الجبهة تتمتع بقدرات مميزة عسكرية وأمنية، كما أنّ الشعب الفلسطيني حاضر بقوة في الصراع، مما يضع العدو أمام تحديات كبرى وقد يُضطر مرة أخرى للانسحاب من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية ولاحقاً من مدينة القدس، لكنّ ذلك يتطلّب المزيد من الجهود والعمل المقاوم والنضال الشعبي المنظّم، وتكامل كل الساحات، لعلنا نشهد في القريب العاجل تباشير التحرير الكامل لفلسطين، كل فلسطين.

يرونه بعيداً ونراه قريبا.    

*كاتب لبناني                                 


وسوم :
, , , , , , , , , , , ,