هل خذلت المقاومة الفلسطينية جمهورها في مسيرة الأعلام الصهيونية؟

التصنيفات : |
مايو 31, 2022 8:55 ص

*سنان حسن

وانفضّت مسيرة الأعلام الصهيونية في القدس القديمة دون أن تنشب حرب جديدة بين المقاومة والعدو الإسرائيلي، وبدأت التحليلات تخرج إلى العلن سواء في الإعلام الإسرائيلي أو حتى الفلسطيني والعربي، إنتصر بينيت وأعاد الاعتبار لـ”إسرائيل” التي هزمها نتنياهو قبل الفلسطينيين في سيف القدس، على الميلة الأخرى فشلت المقاومة ولم تستطع إطلاق صاروخ واحد باتجاه المستوطنات الإسرائيلية، حتى لم تتمكن من تنفيذ عملية واحدة في الداخل الإسرائيلي.. وما زال الحدث مستمراً ولكن هل بالفعل انتصر بينيت أو تعرّضت المقاومة للخسارة، وهل هناك من حاول وما زال كي يُظهر المقاومة بأنّها عاجزة أو بالحد الأدنى مورس عليها ابتزاز “مالي” دفع أحد فصائلها للإستئثار بالقرار النهائي؟.

منذ إعلان العدو الإسرائيلي ومصادقته على مسيرة الأعلام الصهيونية في القدس المحتلة، والحديث المسيطر هو عن رد فعل المقاومة، هل ستتجه نحو حرب جديدة على غرار سيف القدس؟، ما هي المفاجآت التي ستظهرها بوجه قادة الكيان؟، وهل ستشترك الضفة مباشرة في الحرب هذه المرة؟. حتى وصل التهويل في الإعلام من كل الإتجاهات إلى القول إنّ الحرب بين الفلسطينيين والإسرائيليين واقعة لا محالة، وإنّ مجرد انطلاق المسيرة سيكون شرارة اندلاع الحرب، وإنّ المقاومة في هذه المعركة ستنتقل إلى معركة التحرير ودحر الاحتلال عن جزء كبير من الأراضي الفلسطينية المحتلة.

في مسيرة الإعلام الصهيونية حقّقت المقاومة الكثير من الأمور واستطاعت دفع العدو إلى تغيير خططه وبرامجه المستهدفة من ورائها، لكن هل كان المطلوب حرباً جديدة بين الفلسطينيين والعدو الصهيوني؟

لا شك أنّنا جميعاً كعرب وفلسطينيين، نمنّي النفس أن تكون قدرات المقاومة كبيرة جداً وأن يكون بإمكانها تحرير ليس فقط جزء من الأراضي المحتلة بل كل فلسطين، ولكن في ظل الظروف القائمة فإنّ حال الميدان يفرض على المقاومة أن تتحرك وفق المتغيرات الحاصلة وأن تحصل بالتهديد والوعيد على ما تريد بعيداً حالياً عن المواجهة المباشرة، وفي مسيرة الإعلام الصهيونية حقّقت المقاومة الكثير من الأمور واستطاعت دفع العدو إلى تغيير خططه وبرامجه المستهدفة من وراء هذه المسيرة، بداية من تدخل محكمة للاحتلال في القدس لمنع الصلاة اليهودية في المسجد الأقصى، والتي لو حصلت لكانت كرّست التقسيم الزماني والمكاني الذي تسعى إليه قيادة الاحتلال ولكان بات لازماً بعد المسيرة إقامة الصلوات اليهودية والتلمودية في المسجد المبارك، وليس انتهاءً عند تغيير مسار المسيرة المسائية من باب المغاربة إلى باب السلسة فقط دون الوصول إلى باب العامود أو الأقصى، وفي هذا انتصار أيضاً للمقاومة دون أن تريق قطرة دم فلسطيني.. ولكن هل كان المطلوب حرباً جديدة بين الفلسطينيين والعدو الصهيوني؟.

حاول الإعلام الإسرائيلي الموالي للحكومة التسويق بأنّ نفتالي بينيت هو المنتصر الأول في مسيرة الأعلام التي لم يجرؤ نتنياهو خلال فترة حكمه على منح الإذن بمرورها في القدس

في مقابل هذا الضخ الإعلامي الهائل، حاول الإعلام الإسرائيلي الموالي للحكومة على أقل تقدير، التسويق بأنّ نفتالي بينيت هو المنتصر الأول في مسيرة الأعلام التي لم يجرؤ نتنياهو خلال فترة حكمه على منح الإذن بمرورها في القدس، وأنّ كل أبواق المقاومة الفلسطينية لم تمنعه من تغيير مسارها حتى عندما طالبت الولايات المتحدة الأمريكية بذلك، وبالتالي هو القائد المخلص لـ”إسرائيل” وشعبها حسب زعمه.. حتى أنّ الإعلام الإسرائيلي بات يروّج أنّ المقاومة في غزة رضخت للضغوط القطرية والمصرية والتركية وأنّها قبلت بالمال مقابل عدم التصعيد وفتح معركة جديدة مع قوات الاحتلال. وقد ركّز الإعلام الإسرائيلي على كلام بينيت بعد المسيرة بأنّ قادة في المقاومة الفلسطينية ما زالوا على الشجرة ولم ينزلوا، في إشارة إلى قائد حماس في غزة يحيى السنوار.

إنّ ما جرى يوم الأحد، يؤكد أنّ المقاومة الفلسطينية استطاعت رغم التهويل الإعلامي الكبير من فرض شروطها ومنطقها، وعدم إطلاقها صاروخ واحد وهذا بحد ذاته انتصار كبير يُحسب لها

وعليه، يمكن القول إنّ ما جرى خلال مسيرة الأعلام الإسرائيلية والضخ الإعلامي الكبير والتهويل ضد المقاومة وفصائلها هو في سياق الحرب عليها، ومحاولة التقليل من حضورها في الوجدان الوطني الفلسطيني الذي بات ينظر إلى مقاومته على أنّها القلعة الحصينة التي تدافع عن فلسطين كل فلسطين، ولا سيما بعد معركة سيف القدس التي أنعشت الوعي الفلسطيني وأعادت التوحد خلف تحرير فلسطين وليس فقط البحث عن بعض الفتات تتركه لهم المفاوضات والتنازلات الإسرائيلية.

إنّ ما جرى يوم الأحد، يؤكد أنّ المقاومة الفلسطينية استطاعت رغم التهويل الإعلامي الكبير من فرض شروطها ومنطقها، وعدم إطلاقها صاروخ واحد وهذا بحد ذاته انتصار كبير يُحسب لها، وأنّ كل محاولات قادة الاحتلال ومن لفّ لفهم لسلخها عن حاضنتها الشعبية باءت بالفشل، والأيام القادمة ستثبت ذلك، وإنّ غداً لناظره قريب.

*كاتب سوري


وسوم :
, , , , , , , , , , , , ,