عبد العاطي لـ”صمود”: لا يجوز للمفوض العام للأونروا التخلي عن أيٍّ من اختصاصاتها أو تحويلها لمؤسسات دولية أخرى

التصنيفات : |
يونيو 18, 2022 11:25 ص

*خاص – صمود:

تُعدّ وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) الشاهد الملك في القضية الفلسطينية، لذا تسعى “إسرائيل” جاهدة، وبالتعاون مع حلفائها وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية، إلى تغييبها وإنهاء صلاحياتها، لأنّها باعتقادها هي المحرّك الأساس في استمرار الصراع بحفاظها على الوضع الخاص للاجئين الفلسطينيين وضمان عودتهم إلى مدنهم وبلداتهم التي هُجّروا منها، لذا فقد كان العمل على إنهاء عملها حاضراً في كل الإتفاقيات والصفقات التي روّجت لها، “صفقة القرن” مثال.

واليوم، في ظل الأزمة المالية الخانقة التي تعاني منها الأونروا على خلفية توقف العديد من الدول عن دفع مستحقاتها السنوية، برزت خيارات تدعمها “إسرائيل” تسعى من خلالها هذه الدول إلى نقل صلاحيات الوكالة إلى منظمات أممية أخرى بغية العمل على إنهاء تكليفها نهائيا.

للإضاءة على الوضع القانوني للإجراءات التي يتمّ الترويج لها من قِبل القائمين على الوكالة الأممية، التقى مراسل “صمود” في دمشق برئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني (حشد) الدكتور صلاح عبد العاطي في الحوار التالي:

*”صمود”: هناك حديث عن قيام المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين فيليب لازاريني بنقل صلاحيات المنظمة لمنظمات أخرى تابعة للأمم المتحدة، قانونيا.. هل يحقّ للمفوض العام تحويل الإختصاصات المنصوص عليها في صكّ إنشاء الوكالة إلى مؤسسات دولية أخرى؟.

**عبد العاطي: “من الناحية القانونية، جاء تفويض وكالة الغوث من الجمعية العامة للأمم المتحدة ولا يجوز تغيير التفويض الممنوح لها من أي من العاملين فيها.. يتمّ التغيير فقط من قِبل الجمعية العامة، والوكالة أُنشئت لغرض إغاثة وتشغيل اللاجئين حتى يعودوا إلى ديارهم ويعوّضوا عن سنوات الألم والمعاناة التي عانوها من جراء عمليات التطهير العرقي وعمليات التهجير القسري التي قامت بها العصابات الصهيونية منذ عام 1948.. ولذلك لا يجوز للمفوض العام بأي صورة من الصور التخلي عن أيٍّ من اختصاصات وكالة الغوث أو تحويلها أو نقلها لمؤسسات دولية أخرى”.

*”صمود”: ما هي الأبعاد القانونية المترتبة على تحويل الخدمات التي تقدّمها الوكالة إلى المؤسسات الأخرى؟.

**عبد العاطي: “إنّ الأبعاد القانونية المتعلقة بتحويل خدمات الوكالة إلى مؤسسات أخرى، يُخشى أنّها مقدِّمة لأنّ تتخلى الوكالة عن جزء من الخدمات التي تقدّمها وصولاً إلى تصفيتها وإنهائها، تحت بند معالجة الأزمة المالية ستقوم بنقل خدماتها إلى المنظمات الأخرى ما يعني إضعاف مؤسسة الغوث والإختصاصات القائمة بها”.

“أقدم الرئيس دونالد ترامب على إيقاف تمويل وكالة الغوث والعمل على تغيير صفة اللاجئ المتوارثة وإعادة تعريفه من جديد.. عدا عن الضغط على الدول المستضيفة للاجئين لتوطينهم واستبدال وكالة الغوث بمنظمات أممية أخرى”

*”صمود”: في صفقة القرن التي قدّمها ترامب، وقبلها في اتفاق أوسلو وتفاهم عباس – بيلن، تمّ الحديث عن إنشاء منظمة بديلة عن الأونروا لتقدم خدمات للفلسطينيين.. هل ما يقوم به لازاريني يندرج تحت هذا السياق؟.

**عبد العاطي: “جاءت صفقة القرن كإطار إسرائيلي – أمريكي لتصفية القضية الفلسطينية، وفي القلب منها القدس وموضوع اللاجئين، لذلك أقدم الرئيس دونالد ترامب على إيقاف تمويل وكالة الغوث والعمل على تغيير صفة اللاجئ المتوارثة وإعادة تعريفه من جديد.. عدا عن الضغط على الدول المستضيفة للاجئين لتوطينهم واستبدال وكالة الغوث بمنظمات أممية أخرى، والأمر تمّ أيضاً في اتفاق أوسلو الذي أجّل البحث في قضية اللاجئين وبعض التفاهمات التي جرى فيها الحديث عن حلول عادلة لقضية اللاجئين أو نقل الخدمات التي تقدّمها الوكالة إلى السلطات الوطنية التي تستضيف اللاجئين. جميع هذه الحلول تتجاوز الإطار الدولي الحامي لحقوق اللاجئين باعتبار أنّ حقّ العودة حقّ فردي وجماعي، كما أنّها تتجاوز الدور المهم الذي تقوم به وكالة الغوث باعتبارها شاهداً على النكبة ومُناط بها تعزيز صمود الفلسطينيين في المناطق الخمسة المكلفة العمل فيها حتى يعودوا إلى ديارهم.

“هناك خشية من تصريحات لازاريني حيث أنّها تندرج في سياق التصفية لوكالة الغوث وذلك في ظل قبوله لاتفاق الإطار مع الولايات المتحدة الأمريكية”

وبالتالي، هناك خشية من تصريحات لازاريني حيث أنّها تندرج في سياق التصفية لوكالة الغوث وذلك في ظل قبوله لاتفاق الإطار مع الولايات المتحدة الأمريكية وفي ظل تصريحاته في هذا المجال، ولكن بعد المطالبة من لازاريني بتوضيح موقفه من الأقوال المنسوبة إليه.. تراجع عنها وقال إنّها في سياق توضيح الصعوبات المالية التي تمرّ بها الوكالة. ولكن، هذه الأفعال برأيي غير مبرّرة فالمدير العام السابق للوكالة وعند انقطاع التمويل قام بحملة لجمع التمويل للوكالة ولم يذهب باتجاه توزيع الصلاحيات الممنوحة لها كما يريد لازريني، وهنا لن نسمح بأعمال تهدد وجود الأونروا وفي نفس الوقت لا يوجد خشية من تعاون الوكالة مع باقي المنظمات الدولية “الغذاء – الصحة – التربية” في إطار تعزيز هذه الخدمات، فهناك واجبات على هذه المؤسسات الدولية في إطار استكمال الحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني مع التأكيد أنّ هذه الخدمات المقدَّمة ليست على حساب الوكالة ومهامها”.

*”صمود”: يقول متابعون لعمل الوكالة إنّ بعض الخدمات ممكن أن يتمّ إلصاقها بمنظمات أخرى كالتربية والصحة، ولكنّ تحويل اللاجئين الفلسطينيين إلى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين يعني عملياً ضياع حقّ العودة.. فكل اللاجئين المسجلّين على قيودها يمكنهم العودة إلى دولهم التي هُجّروا منها إلا الفلسطيني لا يمكنه العودة، كيف تقرأ ذلك؟.

**عبد العاطي: “أيّاً كانت أراء المتابعين، نحن ضد نقل صلاحيات الوكالة إلى أيًّ من المنظمات سواءً الخدمية أو حتى السياسية، ولكن من المفيد الإشارة إلى أنّ الأمم المتحدة أنشأت إطارين لحماية حقوق اللاجئين: الأول، هو وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين ومناط بها تشغيل اللاجئين الفلسطينيين وتقديم الخدمات لهم.

والإطار الثاني، كان لجنة توثيق المناطق لحماية اللاجئين وحماية ممتلكاتهم وتسهيل عودتهم. لكنّ لجنة التوثيق توقفت عن العمل بعد أربعة سنوات ولم يتم زيادة صلاحيات الوكالة بمدّ وظيفة الحماية للاجئين الفلسطينيين، وكذلك لم يتم تخويل أيّاً من المنظمات الدولية باستكمال أو تغطية النقص في موضوع حماية اللاجئين الفلسطينيين وخاصة ممن يعيشون في الشتات.

كما أنّ المفوضية السامية لشؤون اللاجئين عليها التزامات اتجاه كل اللاجئين بمن فيهم اللاجئون الفلسطينيون لضمان احترام حقوق اللاجئين بشكل عام، وكلنا شاهدنا عندما تعرّضت مخيّماتنا في الشتات للإرهاب لم يتحرك أحد لحماية هذه الحقوق، وبالتالي نحن بحاجة إلى تطوير صلاحيات وكالة الغوث لتشمل الحماية أو الحصول على الحماية من المادة (أ/د) بموجب إتفاقية حقوق اللاجئين لجعل صلاحيات مفوضية اللاجئين السامية لحماية حقوق اللاجئين السياسية، وهذا لا يعني بالمطلق إنهاء وكالة الغوث أو التخلي عن دورها وإنّما حماية حقوق اللاجئين. لذلك، من الأهمية بمكان الإصرار على الدور ومكانة وكالة الغوث وتمديد تفويضها وأيضاً تقديم مشروع قرار إلى الجمعية العامة لضمان استدامة تمويلها أسوة بالوكالات المتخصصة مع ترك هامش الكبير لها للحصول على التمويل من الدول لزيادة وتعظيم خدماتها لمجتمعات اللاجئين في داخل فلسطين وخارجها”.


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , , ,