“إسرائيل” تدفع الثمن باهظا.. إغتيال أبو عاقلة لم يكن رخيصاً!

التصنيفات : |
يوليو 1, 2022 7:08 ص

*منى العمري – صمود:

بات من الواضح جداً رؤية “إسرائيل” على أنّها كيان يمارس كل أنواع الإضطهاد والجرائم والتمييز العنصري والعرقي بحقّ الشعب الفلسطيني.

فلم يعد غريباً بأن تصنّف دول ومنظمات حكومية وغير حكومية، هذا الكيان المحتلّ بأنّه نظام فصل عنصري، ويمكن إرجاع هذا الإعتراف الدولي بسبب كشف وفضح كل ما يقوم به الكيان الغاصب في الداخل المحتلّ من جرائم وانتهاكات وتطاول على الفلسطينيين.    

وقد لاحظنا هذا مؤخرا، وبشكلٍ واضح، بعد اغتيال الصحافية شيرين أبو عاقلة وما تلاها من تنديدٍ واستنكارٍ واسع لجرائم الاحتلال.. حيث توجّهت أصابع الإتهام فوراً إلى جيش الاحتلال خصوصاً عندما ساهمت أهم المؤسسات الإعلامية والمنظمات الدولية في عملية التحقيق بجريمة أبو عاقلة، وقد أظهرت النتائج بأنّ الكيان المحتلّ هو المسؤول الوحيد عن عملية الإغتيال.            

منظمات إسرائيلية تواجه أكاذيب الكيان في اغتيال أبو عاقلة 

منذ اللحظة الأولى بدت “إسرائيل” متخبطة في مآلات جريمة إغتيال أبو عاقلة، فقد عجّل ديوان رئيس الحكومة نفتالي بينيت ووزارة الخارجية والسفارة “الإسرائيلية” في واشنطن بنشر فيديو لا علاقة له بالحادث بُغية التهرّب من المسؤولية، حيث ظهر في الفيديو صراخ أحد المسلّحين الفلسطينيين قائلا: “لقد أصبنا الجندي”، للإيحاء بأنّ مسلّحين فلسطينيين لربما أخطأوا وقتلوا أبو عاقلة.

كانت منظمة “بتسيلم” الإسرائيلية لحقوق الإنسان من أبرز الجهات التي فنّدت الرواية الصهيونية الرسمية، حيث أظهر تحقيق أجراه أحد باحثيها زيف إدعاءات جيش الاحتلال بالتصوير الجوّي للحادثة

لكن، سرعان ما أظهرت تحقيقات أجرتها منظمات حقوقية “إسرائيلية” بالإضافة إلى صحافيين “إسرائيليين” يعرفون المكان جيدا، زيف المقطع الذي نشرته حكومة الاحتلال، وأنّ الساحة التي تضمّنها الفيديو تختلف تماماً عما هو موجود في فيديو بثّته قناة “الجزيرة” الذي يوثّق حادثة الإغتيال.

وكانت منظمة “بتسيلم” الإسرائيلية لحقوق الإنسان من أبرز الجهات التي فنّدت الرواية الصهيونية الرسمية، حيث أظهر تحقيق أجراه أحد باحثيها زيف إدعاءات جيش الاحتلال بالتصوير الجوّي للحادثة.(١)

نتنياهو: “بتسيلم” تشوّه صورة “إسرائيل”!  

شنّت حكومات الاحتلال السابقة -منها حكومة نتنياهو- حملة واسعة على المنظمات الحقوقية العاملة في تل أبيب، والتي تنتقد سلوك سلطات الاحتلال تجاه الشعب الفلسطيني والسياسات التي تتبعها ضده.

تعمّدت حكومة الكيان في حربها ضد هذه المنظمات لمنع كشف جرائمها ضد الفلسطينيين، إلى توظيف ثلاث وسائل هي: نزع الشرعية عنها، ومقاطعتها، وسنّ قوانين جديدة وتعديل قوانين قائمة

وتعمّدت حكومة الكيان في حربها ضد هذه المنظمات لمنع كشف جرائمها ضد الفلسطينيين، إلى توظيف ثلاث وسائل هي: نزع الشرعية عنها، ومقاطعتها، وسنّ قوانين جديدة وتعديل قوانين قائمة من أجل تقليص هامش المناورة أمامها والمسّ بقدرتها على مواصلة العمل.

وما أثار غضب أوساط الحكم في حكومة نتنياهو السابقة، وعدد كبير من ممثلي “المعارضة اليسارية”، دعوة مدير عام منظمة “بتسيلم” حجاي إليعاد مجلس الأمن لإرسال رسالة قوية لـ”إسرائيل” مفادها أنّ “المجتمع الدولي لا يمكنه أن يسمح بمواصلة احتلال شعب آخر لأكثر من 50 عاما”.

وبعد أن نعتها بـ”التافهة”، إتّهم رئيس وزراء الاحتلال السابق بنيامين نتنياهو، “بتسيلم” بأنّها تعمل على “تشويه سمعة “إسرائيل” والإضرار بصورتها في المحافل العالمية بشكلٍ يضرّ بمكانتها الدولية”.(٢)

“إسرائيل” في ورطة كبيرة

يؤكّد المحلل المختصّ بالشأن “الإسرائيلي” عادل شديد أنّ الاحتلال يواجه أزمة دولية حقيقية في تمرير روايته، قائلا: “إنّ ما حدث يُشير إلى عجز “إسرائيل” حتى عن إقناع حلفائها وأصدقائها بروايتها، لا سيّما أنّ شيرين معروفة بمهنتها الإعلامية على المستوى العربي والدولي”.

وقد أشار شديد إلى أنّ كل هذه المتغيرات أدّت إلى التعاطف العالمي الواسع مع شيرين، فلم يعد الأمر مقتصراً على الساحة الفلسطينية فحسب، وتابع: “هناك إجماع عالمي على إدانة “إسرائيل” وأنّ الجنود الإسرائيليين هم مَن قتلوها، وتسليط متزايد للضوء على أنّ إطلاق النار على الفلسطينيين من جانب “الإسرائيليين” لا حدود له”.(١)

لم تعتد “إسرائيل” أن تتصدّر المشهد الإعلامي عبارات كـ”الأرض المسروقة”، “الأبارتهايد”، “التطهير العرقي” و”جرائم حرب”

وتشير كل هذه المعطيات إلى أنّ العدو بجرائمه، يهدف إلى إرهاب وسائل الإعلام واسعة الإنتشار، والتي شكّل أداؤها خلال المعارك السابقة، وتفاعل الجمهور معها على إمتداد العالم، مشكلة حقيقية وأساسية لدى المستويات السياسية والأمنية في الكيان.

حيث لم تعتد “إسرائيل” أن تتصدّر المشهد الإعلامي عبارات كـ”الأرض المسروقة”، “الأبارتهايد”، “التطهير العرقي” و”جرائم حرب”، بشكلٍ مناقض لرواية العدو للأحداث، خصوصاً أنّ نواباً في الكونغرس وإعلاميين وحقوقيين ومشاهير في الولايات المتحدة والعالم، إستخدموا هذه العبارات في سياق تضامنهم مع الفلسطينيين ورفضهم لانتهاكات الكيان.  

وفي هذا الصدد، شكّلت “إسرائيل” في وزارة الخارجية الإسرائيلية خلية عمل مهمتها العمل على إصلاح صورتها المتهتّكة في الإعلام العالمي، ولدى الرأي العام الغربي بشكلٍ خاص، ما يدلّل على عمق الإنتكاسة الإسرائيلية في هذا المجال، كما أنّ جريمة إغتيال أبو عاقلة أخذت مساراً تصعيديا – دوليا، بما قد يخلّف آثاراً جسيمة على صورة “إسرائيل” الهشّة أساسا.(٣)    

إعتراف دولي بنظام “الأبارتهايد

يقول  المقرِّر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلّة، مايكل لينك: “إنّ عدداً من التقارير والآراء الأخيرة الصادرة عن منظمات حقوقية فلسطينية وإسرائيلية ودولية، توصّلت إلى نتيجة واحدة بشأن ممارسة “إسرائيل” للفصل العنصري”.

وأضاف: “إنّ شخصيات دولية بارزة -بما في ذلك الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون، رئيس الأساقفة ديزموند توتو، وزيرة خارجية جنوب أفريقيا ناليدي باندور والمدّعي العام السابق الإسرائيلي مايكل بن يائير- وصفوا أيضاً ممارسات الاحتلال بأنّها فصل عنصري.(٤)

بدورها، أفادت منظمة العفو الدولية (أمنستي) في إعلانٍ سابق، أنّها نشرت تقريراً بعنوان “نظام الفصل العنصري “الأبارتهايد” الإسرائيلي ضد الفلسطينيين: نظام قاسٍ يقوم على الهيمنة والجريمة ضد الإنسانية”.

“فرضت “إسرائيل” نظاماً مؤسساتياً من القمع والهيمنة على السكان الفلسطينيين لصالح الإسرائيليين اليهود”

وأشارت إلى أنّ التقرير الجديد من أكثر الأبحاث والتحقيقات التي أجرتها منظمة العفو الدولية للوضع، عمقاً وشمولاً حتى اليوم”.

وقالت “أمنستي”: “عمل هذا التقرير الشمولي بطبيعته، على توثيق كيف أنّ مصادرة الأراضي والممتلكات الفلسطينية على نطاق واسع وعمليات القتل غير المشروع والتهجير القسري والقيود الصارمة على الحركة وحرمان الفلسطينيين من حقوق الجنسية والمواطنة، جميع هذه الإنتهاكات هي مكونات نظام عنصري تمييزي يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية بموجب القانون الدولي”.

لكن، سرعان ما هاجم وزير خارجية الاحتلال يائير لابيد منظمة العفو الدولية، بالقول إنّها “كانت في يوم من الأيام منظمة محترمة، لكنّها أصبحت مجرد منظمة راديكالية أخرى تردد صدى الدعاية دون دراسة جدية”.(٥)

وفي هذا الصدد، يقول تقرير جديد للمنظمة الحقوقية: “إنّ “إسرائيل” فرضت نظاماً مؤسساتياً من القمع والهيمنة على السكان الفلسطينيين لصالح الإسرائيليين اليهود”.

وجاء في التقرير أنّ “التمييز يجري بصفة منهجية ومؤسساتية على أعلى المستويات، من خلال القوانين والسياسيات والممارسات، وكل هذا من أجل منع الفلسطينيين من المطالبة والتمتع بحقوق متساوية مع اليهود في “إسرائيل” والضفة الغربية المحتلّة، وعليه فإنّها تهدف إلى القمع والهمينة على الشعب الفلسطيني”.(٦)  

المصادر المتعلّقة:

  1. https://www.aljazeera.net/midan/reality/politics/2022/5/15/%D8%  

وسوم :
, , , , , , , , , , , , , ,