زيارة قيادات الفصائل إلى لبنان: خطوة للأمام لاستعادة دور مخيّمات الشتات

التصنيفات : |
يوليو 5, 2022 6:43 ص

*أحمد الطناني – غزة:

شهدت الأسابيع المنصرمة حضوراً قيادياً بارزاً في الساحة اللبنانية، ما ميّز هذا الحضور أنّه ليس حضوراً تقليديا، أو للقيادة التي تتحرك بشكل معتاد في الشتات، بل هو حضور قيادي من الطراز الرفيع، شمل: الصف القيادي الأول مع رأس الهرم بشكل أساسي في كلٍّ من حركة حماس والجبهة الشعبية، والجبهة الشعبية – القيادة العامة، وحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين.

إنضمّ لاحقاً لهذا التواجد، نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية فهد سليمان، وعضو اللجنة المركزية في حركة فتح عزّام الأحمد، وعدد آخر من قيادات القوى والفصائل الفلسطينية الأخرى إما بشكل منسّق ومشترك أو على حدى.

ترافقت هذه الوفود والتي كان أبرزها أعضاء الصف الأول في فصائل المقاومة، مع انعقاد المؤتمرات القومية، والقومية – الإسلامية في لبنان، حيث أمّت بيروت مكونات فصائلية عربية وإسلامية متعددة في وقت متزامن، مما حوّل هذه الأسابيع إلى محفل سياسي يضجّ باللقاءات والإجتماعات المكوكية، سواء أكانت فلسطينية- فلسطينية على مستوى الفصائل، أم فلسطينية- عربية ما بين وفود الفصائل والقوى والمكونات العربية واللبنانية على اختلاف أطيافها.

جذبت هذه الزيارات الأنظار والمتابعة الإعلامية إلى الوفود وتحركاتها وبشكل خاص فصائل المقاومة الفلسطينية التي حضر صفها القيادي الأول، وسُلّطت الأضواء على تفاعلاتها ومواقفها، وفي القلب منها الموقف من القضية الأبرز والأهم التي تتعرض لخطر الإستهداف والتصفية وهي قضية اللاجئين. ولخصوصية لبنان، وخصوصية مخيّمات اللاجئين فيها ورمزيتها، شكّلت هذه الحركة والتفاعل سواء الجماهيري أو النخبوي أو على مستوى الصف السياسي، مصدراً لتحريك ساحة المخيّمات، وتفعيل قيادتها وحضورها، وعودة أسمائها إلى واجهة الفعل والحضور.

همّشت القيادة المتنفّذة في منظمة التحرير، المنظمة كممثل للشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده (وفي مقدّمته اللاجئون في أصقاع الأرض) لصالح سلطة الحكم الذاتي التي تمثّل الفلسطينيين القاطنين في أراضيها (قطاع غزة والضفة الغربية).

من المعروف أنّ اللاجئين في مخيّمات لبنان يعانون من أوضاع صعبة وقاهرة تتفاقم يوماً بعد يوم، وتزيد من هذه المعاناة ألماً حالة التهميش الكبيرة التي تتعرض لها المخيّمات، هذا التهميش تتحمل مسؤوليته بالدرجة المباشرة القيادة الرسمية الفلسطينية، وبشكل مباشر القيادة المتنفّذة في منظمة التحرير، التي همّشت المنظمة كممثل للشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده (وفي مقدّمته اللاجئون في أصقاع الأرض) لصالح سلطة الحكم الذاتي التي تمثّل الفلسطينيين القاطنين في أراضيها (قطاع غزة والضفة الغربية).

بطبيعة الحال، لا تتحمل القيادة المتنفّذة وحدها المسؤولية، بل سنوات كثيرة من ترك ملايين اللاجئين الفلسطينيين يعانون الأمرّين، معاناة اللجوء ومخططات التصفية المستمرة التي تستهدف إزالة المخيّمات كشاهد واقعي على قضية اللجوء، وتصفية الأونروا كشاهد سياسي وتاريخي على حقّ اللاجئين في العودة إلى ديارهم، حيث أنّ هذه القضية على حساسيتها تتطلب برامج حقيقية للدفاع عن هذا الحقّ الذي يجب أن لا يسقط لا بالتقادم، ولا بالتنازل من أي جهة كانت.

لطالما قدّمت مخيّمات اللاجئين في لبنان، خيرة أبنائها في ميادين المواجهة وخطوط الدفاع الأولى عن الشعب الفلسطيني وحقوقه الثابتة، إلا أنّ هذا الدور تلاشى وتراجع تدريجياً

من المهم التأكيد أنّه في كل مشهد للجوء الفلسطيني عبر تاريخ الشعب الفلسطيني، لطالما لعبت مخيّمات اللاجئين في لبنان دوراً متميزاً في العطاء والتضحية، وفي القيادة والحضور، وقدّمت خيرة أبنائها في ميادين المواجهة وخطوط الدفاع الأولى عن الشعب الفلسطيني وحقوقه الثابتة، إلا أنّ هذا الدور تلاشى وتراجع تدريجياً وصولاً لغيابهم تماماً عن المشهد السياسي والقيادي الفلسطيني بالمعنى الحقيقي.

بناءً على ما سبق، شكّلت الأسابيع الأخيرة والحراك القيادي السياسي الفلسطيني فرصة مهمة، لإعادة الاعتبار لقضية اللاجئين، ولرمزية مخيّمات اللاجئين الفلسطينيين، وللحضور القيادي الفلسطيني في لبنان ومخيّماته، وأعادت تسليط الأضواء عليهم، إضافة لحضور قضاياهم على طاولة البحث والحوار في اللقاءات مع المسؤولين اللبنانيين والأحزاب اللبنانية.

الجبهة الشعبية أنموذجاً

وللإنصاف، يُسجَّل بتميّز لوفد الجبهة الشعبية الذي تَقدّمه نائب أمينها العام جميل مزهر، تنظيم جولات في المخيّمات والإلتقاء مع جماهيرها، هذه الجولة التي شملت عدداً رئيسياً من مخيّمات لبنان أبرزها كان نهر البارد والبداوي وشاتيلا وعين الحلوة، وبقدر اهتمام القيادة القادمة من قطاع غزة بالتواصل مع جماهير المخيّمات في لبنان، بقدر ما كانت الجماهير معنية باحتضان من اهتمّ بها، فاستقبلوهم بحفاوة المشتاق لإعادة الاعتبار لحضورهم ووزنهم وقضيتهم.

ما سجّلته قيادة الجبهة الشعبية من خطوات متقدمة يُفترض أن لا يكون سابقة، بل أن يتحوّل لسلوك دائم لكل الفصائل، فالمخيّمات أصل الحكاية، واللاجئون رأس حربة القضية الفلسطينية

ما سجّلته قيادة الجبهة الشعبية من خطوات متقدمة يُفترض أن لا يكون سابقة، بل أن يتحوّل لسلوك دائم لكل الفصائل، فالمخيّمات أصل الحكاية، واللاجئون رأس حربة القضية الفلسطينية، وقضيتهم في مهبّ الإستهداف وعين العاصفة، وهو ما يتطلب إهتماماً جدياً وحضوراً قيادياً حقيقياً في المخيّمات ولها.. بما يتلائم وحجم وأهمية ورمزية قضية اللاجئين.

هذا الحراك يحتاج إلى استكمال، ويحتاج إلى ضغط حقيقي وملموس من أجل تحصيل الحقوق المحجوبة عن عشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين في مخيّمات لبنان، المحرومين من الكثير من حقوقهم الأساسية وفي مقدّمتها الحقّ بالعمل والمسكن والتعليم والصحة، وهي حقوق إنسانية تتطلب ضغطاً قيادياً فصائلياً ورسمياً يغادر حالة الصمت أو التصريح بخجل حول ضرورة إنهاء هذه المعاناة.

كخلاصة، ما تمّ خلال الأسابيع الماضية هو خطوات للأمام في استعادة الدور المغيّب للاجئين الفلسطينيين ولأهمية الساحة اللبنانية والحضور الفاعل فيها، إضافة لإعادة تسليط الضوء على المخيّمات ومعاناتها، وهي خطوات على أهميتها، تحتاج إلى المراكمة عليها، من قِبل اللاجئين والعناوين المحلية لها في مخيّمات لبنان، ومن قِبل القيادة المركزية لهذه القوى والفصائل بحيث تعود هذه المخيّمات تشكّل بؤر نشاط وحركة ونضال بما يتوازى مع أهمية قضية اللاجئين ورمزية مخيّمات اللجوء فيها.

*كاتب فلسطيني


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , ,