في مطالب “السلطة” الخمسة

التصنيفات : |
يوليو 7, 2022 6:59 ص

*أحمد حسن

في مقابلة أجرتها معه، منذ أيام قليلة، صحيفة “جيروزاليم بوست” الصهيونية، قال أحمد الدّيك، المستشار ووكيل وزارة الخارجية الفلسطينية، “إنّ الرئيس محمود عباس سيعرض خمسة مطالب على الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال زيارته القادمة للمنطقة”.

المطالب الخمسة، التي أمل الدّيك أن يقبلها الرئيس الأمريكي كلها، هي التالية:

1- إلزام الحكومة “الإسرائيلية” بالدخول في مفاوضات جادة وعملية سلام لإنهاء الاحتلال.

2- وفاء بايدن بوعده بإعادة فتح القنصلية الأمريكية بعدما أغلقتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب عام 2018.

3- شطب إسم منظمة التحرير الفلسطينية من قائمة الإرهاب، وإعادة فتح البعثة الدبلوماسية للمنظمة في واشنطن.

4- ممارسة ضغط أمريكي على الحكومة “الإسرائيلية” لوقف التصعيد ضد الفلسطينيين.

5- إستئناف المساعدات الأمريكية، حيث أنّ واشنطن لم تستأنف حتى الآن سوى المساعدات لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”.

وإذا تجاوزنا حقيقة أنّ هذه المطالب لا ترقى إلى طبيعة الصراع الوجودي للشعب الفلسطيني مع “إسرائيل”، ولا إلى أهمية الحدث/ الزيارة وأهدافها المتوخاة في هذه المرحلة العالمية الحرجة، فإنّه لا يمكن لنا تجاوز ما هو مضمر في طريقة الطرح والمضمون، والمكان أيضا، فهي، أولا، تستبطن فكرة أنّ واشنطن حكَمٌ حياديّ بين الطرفين، وهي، ثانيا، تبدو، رغم تعلّق بعضها بمطالب سياسية محدّدة، كمطالب لـ”بلدية” ما في “دولة” عادية وليس لقيادة شعب يُقتل ويُهجّر يومياً منذ عقود طويلة تحت احتلال إستيطاني إحلالي غاشم، كما أنّ طرحها عبر صحيفة صهيونية يحمل، ثالثا، رسائل داخلية وخارجية لا تخطئها عين.

يأتي الرئيس الأمريكي إلى المنطقة في سياق تجميع الحلفاء وإعادة شدّ عصبهم لمواجهة حربه مع روسيا حالياً والصين لاحقاً

وبالطبع، فإنّ الرئيس الأمريكي يأتي إلى المنطقة في سياق تجميع الحلفاء وإعادة شدّ عصبهم لمواجهة حربه مع روسيا حالياً والصين لاحقا، وبالتالي فإنّ حاجة واشنطن إلى الموقف “الإسرائيلي”، وحلفائه، في المنطقة هي أكبر بكثير، وبما لا يُقاس، من حاجته إلى فلسطين وحلفائها، وربما كان في تهرّبها، أي واشنطن، حتى “من إعطاء موقف واضح من نتائج التحقيق الخاص بالكشف عن مصدر الرصاصة التي قتلت شيرين أبو عاقلة” دليل أول على ذلك.

والحقّ أنّ “إسرائيل” وبقية الدول التي سيزورها بايدن مثل السعودية لديها ما تفاوض به وتبيعه له، وبالتالي لديها الإمكانية، والرغبة، في رفع سعر موقفها، وإن كان محسوماً بالمحصلة لصالح واشنطن، وقد فعلت ذلك سابقا، في ما “رام الله” لا تملك الكثير، وحتى أنّها لم ترفع سقف مطالبها كما يفعل أي مفاوض عادي، بل إنّها، وأكثر من ذلك، أبخست نفسها حقّها بهذه المطالب المتواضعة، ولمن يقول “لا جود إلا بالموجود”، وهذه هي الواقعية السياسية، نقول له: إنّ القيادة الفلسطينية كان يمكن لها، واقعياً أيضا، أن تهدّد، ولو مجرد تهديد، بقلب الطاولة على الجميع وخاصة في هذه اللحظة التي يسعى فيها بايدن وبكل ما يملك كي تبقى “طاولة” المنطقة مستقرة، لكنّ “القيادات” مشغولة، للأسف، بأمور أخرى أهم بكثير، وعلى رأسها، على ما يبدو، صراع، أو سباق، يكاد يكون معلناً على “كرسي” على “الطاولة” الصغيرة التي منحها لهم “أوسلو” وليس على قلب الكبيرة، وربما، ونقول ربما، يكون هذا السبب هو من يقف خلف تواضع المطالب، وللأسف، أيضا، خلف عرضها عبر صحيفة صهيونية!.

إستطرادا، قال الديك، في ذات المقابلة، “إنّنا، أي السلطة، سنحكم على يائير لابيد من خلال أفعاله وليس من خلال أقواله”.. وهل بعد هذا من كلام؟.

*كاتب سوري


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , ,