كيف يمكن للفضاء الإلكتروني أن يشكّل مساحة للاجئين لبناء مشاريعهم الخاصة؟

التصنيفات : |
يوليو 12, 2022 7:43 ص

*وسام عبد الله

حين تحاصر قوانين العمل اللاجئين وتمنعهم من الدخول في سوق العمل، يبحث اللاجئ عن طرق أخرى، ومنها المِهن الحرفية أو السفر، والبعض يتّجه نحو الطرق غير القانونية، ولكن يبقى الإنترنت منفذاً مهماً يمكن الإستفادة منه لتأسيس مشاريع تحقّق، قدر الإمكان، دخلاً مالياً ومعنويا.

لماذا الإنترنت؟

قد يكون السبب الأساسي لطرح أفكار لمساعدة اللاجئين على بناء بيئة عمل إفتراضية، يعود لتضييق قوانين العمل، لكنّ الأمر ليس مرتبطاً بها فقط، فهو يؤمّن مساحة واسعة من الخيارات، للإستفادة من القدرات والمواهب التي يمتلكها اللاجئ، سواء أكانت فردية أم مجموعات. وأول ردة فعل على طرح الأفكار المتعلقة بالإنترنت، يرتبط بجودة الخدمة والبنية التحتية، سواء من السرعة إلى الجودة فالتلكفة العالية، وهي أمور تشكّل تحدياً ولكنّها ليست عائقاً أمام انطلاق المشاريع.

إنّ الأدوات والبرامج الإفتراضية تمتلك القدرة على التكيّف مع المتغيرات، أكثر من القوانين الصارمة التي تحتاج إلى تشريعات وقرار سياسي لتغييرها.

إنّ محاولة الفصل بين اللاجئ والمجال الإلكتروني، تشبه تماماً فصله عن محيطه، أي فصل اللاجئين عن الواقعين الإقتصادي والإجتماعي. وعلى الرغم من أنّ عالم التطبيقات والتكنولوجيا في جزء منه يمكن استثماره لمصلحة المخيّمات، فمن الضروري النظر إلى هذا المجال، بعين الواقع، كمثال مواقع التواصل الإجتماعي وخضوعها لسياسات تراعي الجانب “الإسرائيلي”، وربما تجربة الحرب الروسية – الأوكرانية مثل واضح في كيفية التعاطي بإزدواجية، والنظر بواقعية بهدف معرفة الثغرات والعقبات لتجاوزها، كون الأدوات والبرامج الإفتراضية تمتلك القدرة على التكيّف مع المتغيرات، أكثر من القوانين الصارمة التي تحتاج إلى تشريعات وقرار سياسي لتغييرها.

بناء القدرات

إنّ تأسيس الأرضية الصحيحة للمشاريع يتطلب أموراً عدة، أولها، تدريب الكوادر البشرية للعمل على إنشاء التطبيقات وتعلّم لغة البرمجة والتسويق للمنتجات، وهذا ما يمكن رفده، من خلال الكوادر الأكاديمية من اللاجئين التي تمتلك الشهادة الجامعية في مجال التكنولوجيا، وهو ما يشكّل حاضنة للموارد البشرية داخل المخيّم. الأمر الثاني، هو المواد الأولية، ونقصد بها أجهزة الحاسوب وتكلفة إشتراكات الإنترنت، و يمكن تأمينها إما من خلال المنظمات التي تعمل على دعم اللاجئين، التي يمكن أن تجهّز لهم مكان عمل بأجهزة وأدوات تمكنهم من البرمجة والتدريب، أو تأمينها من قبل متبرعين وحتى لو كانت بأجهزة مستعملة وتمتلك القدرة على تأمين أبسط متطلبات العمل الإلكتروني. المسألة الثالثة هي الأفكار، والتي تنطلق أساساً من واقع المخيّم والإمكانيات التي يمتلكها، وهنا لا يمكن تجاوز الواقع السيء الذي يعيشه أبناء المخيّمات، إنّما البحث والإضاءة على المشاريع وخاصة الأهلية والفردية التي تبقى مرتبطة بحدود المخيّم بينما قد يؤمّن لها موقع إلكتروني التسويق والبيع في مناطق داخل وخارج البلاد. وهنا يكون للاجئين في أوروبا وأمريكا وغيرهما من الدول، دور ومساهمة في دعم المخيّمات، من خلال مساعدتهم في تسويق مشاريع اللاجئين في أسواق جديدة.

إنّ المشاريع الإفتراضية يكون رأسمالها التأسيسي هو العقل البشري وتكلفة اليد العاملة، فالمواد الأولية في مرحلة الإنطلاق ليست إلا عصف أفكار

دورة إقتصادية

بالنظر إلى مشاريع اللاجئين على الإنترنت، إن كان التعامل معها يتمّ على أساس مبادرات فردية من حيث التنفيذ والفائدة، فستكون نتيجتها آنية، أما إذا خُطط لها لتكون نواة لدورة إقتصادية يمكن تأسيسها في المستقبل القريب أو البعيد، حينها نضمن إستدامة المشاريع وتنميتها. وفي قراءة تجارب ونماذج لبدايات شركات عالمية أو محلية في بلدان مختلفة، ندرك أنّ الأمر لا يحتاج إلى بناءٍ بطوابق عالية وميزانيات ضخمة، وخاصة هذا النوع من المشاريع الإفتراضية يكون رأسمالها التأسيسي هو العقل البشري وتكلفة اليد العاملة، فالمواد الأولية في مرحلة الإنطلاق ليست إلا عصف أفكار، وهذا ليس تقليلاً من قيمة الفكر وإنّما في التوصيف، فمثلاً تأمين مواد في لبنان معظمها مستورد من الخارج، يشكّل تحدياً ماليا، أما القدرة على تأسيس مجموعة مبرمجين، حينها يكون التمويل مستداماً كون اللاجئ موجود في مكان لجوئه ويملك القدرة على تطوير أدواته الذهنية.

*كاتب لبناني


وسوم :
, , , , , , , ,