حقل “الألغام” كاريش.. على أي موجة تطفو “إسرائيل”؟

التصنيفات : |
أغسطس 5, 2022 7:12 ص

*منى العمري – صمود:

“في 19 نيسان/ أبريل 2019، أعلنت الشركة اليونانية – البريطانية “إنرجين” للنفط والغاز، والتي تبيع أسهمها في بورصات “تل أبيب” ولندن، عن اكتشاف كمية هائلة من الغاز الإضافي في حقل “كاريش” الشمالي، على بعد 90 كم من حيفا، تتراوح ما بين 1 و1.5 ترليون متر مكعب، أو ما يعادل 28-42 ترليون قدم مكعب، وهذا يُضاف إلى الكمية الأساس في حقل “كاريش” التي اكتُشفت من قبل والتي تبلغ 45 ترليون قدم مكعب.

وفي أعقاب هذا الإكتشاف، إزدادت شهية الشركة ومن أوكلها في التنقيب: “إسرائيل”، كما ازدادت حدّة التوتر بين الأخيرة ولبنان، وتدخّل المبعوث الأمريكي لشؤون الطاقة آموس هوكستين للوصول إلى تسوية بين الطرفين بعيداً عن القانون الدولي الخاص بترسيم حدود البحار والثروات الإقتصادية، وذلك لأنّ “إسرائيل” لم تصادق على المعاهدة الدولية، ولأنّ الوسيط الأمريكي الصهيوني يمكن أن يخدمها، في حين أنّ القانون الدولي يقف إلى جانب لبنان في تحديد خطوط الحدّ البحري.(١) 

ما قصة النزاع؟

يتنازع لبنان مع الكيان الإسرائيلي على منطقة في البحر المتوسط غنية بالنفط والغاز، تبلغ مساحتها نحو 860 كم مربعا، وتُعرف بالـ”بلوك رقم 9″.

وفي تشرين الأول/أكتوبر 2020، بدأ الجانبان مفاوضات برعاية الأمم المتحدة ووساطةٍ أمريكية، بهدف الإنتهاء من ملف ترسيم الحدود.

يعتبر لبنان أنّ “كاريش” يقع ضمن المنطقة المتنازع عليها، الأمر الذي استدعى إحياء المفاوضات لضمان ما يؤكّد أنّه حقّ له. وبحسب الخرائط المودعة من الجانبين لدى الأمم المتحدة، تبلغ مساحة المنطقة المتنازع عليها 860 كيلو متراً مربعا، غنية بالنفط والغاز

ومنذ بداية حزيران/يونيو الماضي، تسارعت التطورات إثر وصول سفينة إستخراج وتخزين الغاز على مقربة من حقل “كاريش”، تمهيداً لبدء إستخراج الغاز منه لصالح “إسرائيل”.

فلبنان يعتبر أنّ “كاريش” يقع ضمن المنطقة المتنازع عليها، الأمر الذي استدعى إحياء المفاوضات لضمان ما يؤكّد أنّه حقّ له. وبحسب الخرائط المودعة من الجانبين لدى الأمم المتحدة، تبلغ مساحة المنطقة المتنازع عليها 860 كيلو متراً مربعا، غنية بالنفط والغاز.(٢)

العودة إلى المفاوضات مع وصول هوكستين إلى لبنان

وصل الأحد 31/7/2022، المبعوث الأمريكي لشؤون الطاقة آموس هوكستين إلى بيروت، لمواصلة البحث في ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والعدو الإسرائيلي، وبعد اجتماع دام حوالي ساعة الإثنين الفائت، مع الرؤساء ميشال عون، نجيب ميقاتي ونبيه بري في بعبدا، قال الوسيط الأمريكي: “أنا متفائل جداً بالوصول إلى إتفاق، وسأعود إلى المنطقة قريباً من أجل ذلك”.

وبعض ما تسرّب من الإجتماع، يُشير إلى أنّ هوكستين أبلغ لبنان مجدداً بالعرض الإسرائيلي حول ترسيم الحدود على أساس الخط 23 مع حصول لبنان على كامل حقل “قانا”، ولكن في المقابل العودة إلى الخط المتعرّج في عمق البحر، أي أخذ مساحة من البلوك رقم “8”، علماً أنّ هذا الطرح “مرفوض لبنانيا”.

وبعض ما تسرّب من الإجتماع، يُشير إلى أنّ هوكستين أبلغ لبنان مجدداً بالعرض الإسرائيلي حول ترسيم الحدود على أساس الخط 23 مع حصول لبنان على كامل حقل “قانا”، ولكن في المقابل العودة إلى الخط المتعرّج في عمق البحر، أي أخذ مساحة من البلوك رقم “8”، علماً أنّ هذا الطرح “مرفوض لبنانيا”.

هذا الكلام بقي من دون تأكيد أو نفي، بسبب تمنّي الرئيس عون على الحاضرين “عدم تسريب وقائع الاجتماع”، لكنّ الأكيد أنّ “لبنان الرسمي أبلغه بعدة مطالب”، وهي: “العودة إلى الناقورة، الترسيم على أساس الخط 23 من دون أي تنازل عن أي من الحقول في كامل البلوكات، ورفض أي نوع من الشراكة التجارية أو في التنقيب”.

من جهة أخرى، أشارت القناة “14” العبرية إلى: “ضغوط أمريكية في المحادثات مع لبنان للتوصل إلى تسوية”.

وأضافت: “في لبنان راضون عن تقدّم المحادثات بشأن ترسيم الحدود البحرية بين الطرفين والتنازلات الإقتصادية من قِبل “إسرائيل””.

وفي وقتٍ سابق، ذكرت وزارة الخارجية الأمريكية في بيانٍ لها أنّ: “التوصّل إلى حلّ بشأن الحدود البحرية بين “إسرائيل” ولبنان أمر ممكن بالتفاوض والدبلوماسية”.

كما نقلت وكالة “رويترز” عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله: “إنّ المبعوث الأمريكي سيعرض إقتراحاً إسرائيلياً جديداً يتضمّن حلاً يسمح للبنانيين بتطوير إحتياطيات الغاز في المنطقة المتنازع عليها، مع الحفاظ على الحقوق التجارية لـ”إسرائيل””.

وقال المسؤول الإسرائيلي: “إذا تمّ التوصل إلى إتفاق، فسوف يتمكّن اللبنانيون من القيام ببعض التنقيب هناك”.

وفي هذا الصدد، أصدرت وزارات الجيش والخارجية والطاقة “الإسرائيلية” بياناً مشتركاً بثلاث لغات على وسائل التواصل الإجتماعي بشأن حقل “كاريش” للغاز، يفيد بأنّه من الأصول الإستراتيجية لـ”إسرائيل” ويقع خارج حدود المنطقة المتنازع عليها مع لبنان وأنّ “إسرائيل” على استعداد لحمايته.(٣)  

“حزب الله” في حالة تأهّب

أعلنت المقاومة الإسلامية في لبنان “حزب الله” الشهر الفائت، إطلاقها 3 مُسيّرات غير مسلّحة في اتجاه المنطقة البحرية المتنازع عليها مع الاحتلال في المياه الإقليمية لفلسطين المحتلّة ولبنان، عند حقل “كاريش”، مؤكدةً أنّها كانت “في مهمّات إستطلاعية”، وأنّ “المُسيّرات أنجزت المهمة المطلوبة، وأوصلت الرسالة”.

رسالة قوية حملتها المُسيّرات جواً في عمق البحر، لتؤكّد قدرات المقاومة في ردع “إسرائيل”، لكنّ الأمر لا يقتصر على محاولات السطو على الثروات اللبنانية، بل يأتي أيضاً في سياق مواجهة التهديدات الإسرائيلية لحركات المقاومة و”حلف القدس” أيضا.

رسالة قوية حملتها المُسيّرات جواً في عمق البحر، لتؤكّد قدرات المقاومة في ردع “إسرائيل”، لكنّ الأمر لا يقتصر على محاولات السطو على الثروات اللبنانية، بل يأتي أيضاً في سياق مواجهة التهديدات الإسرائيلية لحركات المقاومة و”حلف القدس” أيضا.

ومما لا شك فيه أنّ لـ”حزب الله” سلاح جو متأهّب، والأمر يتّسم بكثير من الجدية، وهو ما أظهرته المهمة الإستطلاعية الأخيرة، لمُسيّرات المقاومة التي أنجزت المهمة وأوصلت الرسالة.

وفي هذا السياق، أشار الكاتب في الشؤون السياسية روني ألفا، خلال حديثه لقناة “الميادين”، إلى أنّه “عندما يُصدر “حزب الله” موقفاً أو بياناً فهو يحدد أيضاً مفاعيله التنفيذية”، قائلا: “ليس هناك موقف للمقاومة لا يتبعه دائماً إقرار بهذا الوعد”.

ورأى ألفا أنّ بيان “حزب الله” أكّد “أنّنا نتحدث عن منطقة متنازع عليها، خلافاً لما حاولت “إسرائيل” الترويج له”، موضحاً أنّ: “رسالة المقاومة واضحة وهي أنّ “كاريش” ليس خارج المعادلة بل إنّه جزء من المنطقة المتنازع عليها”.

وأضاف: “إنّ المقاومة تمتلك عدة أنواع من المُسيّرات، وقامت بإرسال المسيّرات غير المسلّحة من أجل أن يسقطها العدو لكشف مواقع الدفاعات البحرية التابعة له”.

وتابع ألفا: “المقاومة اليوم لديها مسح بحري متكامل حول كلّ البنى التحتية التي أنشأها العدو في محيط “كاريش”، وتمتلك مواقع الدفاعات الجوية للعدو الإسرائيلي”.(٤)

“هناك شكوك كبيرة على مستوى الإسرائيليين في قدرات جيشهم وهم يصدّقون ما يقوله “حزب الله”، ويكذّبون ما يقوله الجيش “الإسرائيلي”، وصرّح الكثير من المعلّقين بأنّ لو أراد الحزب أن يصيب المنصات لفعل ذلك”.

جيش الاحتلال يواجه واقعاً مُقلقاً

من جهته، قال الخبير في الشؤون الإسرائيلية أليف صباغ: “إنّ الطائرات الإسرائيلية لم تهدأ فوق أراضي الجليل (في وقتٍ سابق من الشهر الماضي) وهذا تعبير عن خوف”، لافتاً إلى أنّ تأخّر بيان الحزب عن هذه المسيّرات أربك جميع المحلّلين الإسرائيليين”.

ورأى صباغ أنّ “هناك شكوكاً كبيرةً على مستوى الإسرائيليين في قدرات جيشهم وهم يصدّقون ما يقوله “حزب الله”، ويكذّبون ما يقوله الجيش “الإسرائيلي”، قائلا: “إنّ الكثير من المعلّقين قالوا لو أراد الحزب أن يصيب المنصات لفعل ذلك”.

وأكّد صباغ أنّ حكومة الكيان تحاول أن تبني أمام جمهورها صورة “إسرائيل” القوية وتحاول رفع معنويات الجمهور”، وتابع: “لكنّ القيادة العسكرية تعرف الحقيقة أنّ “إسرائيل” لا تستطيع مواجهة “حزب الله” بصواريخه الدقيقة”.

في المقابل، قال الرئيس السابق لشعبة الإستخبارات العسكرية الإسرائيلية “أمان”، جنرال الإحتياط عاموس يادلين: “إنّ “حزب الله” يقوّض السيطرة الإسرائيلية في السماء ويضع معادلة جديدة”.

بدوره، أكّد الجنرال في الإحتياط إيتان دنغوت، أنّ: “حزب الله” منظّمة جدية جداً وإستراتيجية، تحسب خطواتها وتحسب ردّ “إسرائيل” على هذه المشكلة أو تلك، وقد وسّعت ساحة المواجهة عبر ضمّ المنطقة البحرية إلى مزارع شبعا”، معتبراً أنّ توقيت إطلاق المسيّرات “يخدم “حزب الله” تحديدا”.(٤)  

طريق المفاوضات غير سالك: هل الحرب خياراً تفضيليا؟ 

تحت عنوان “بدء التنقيب في كاريش: صفقة أم حرب؟”، تقول سابين عويس في صحيفة “النهار” اللبنانية: “لم يكن موعد وصول الباخرة مفاجئاً للمتابعين لهذا الملف، لكن ما كان مفاجئاً هو الخفّة التي تعامل بها لبنان معه وعدم توصّله إلى حسم مسألة الخلاف الداخلي أولاً على تحديد الحدود البحرية المتنازع عليها مع “إسرائيل” والتي يدخل حقل “كاريش” من ضمنها”.

أعلن نصر الله أنّه في حال وصلت الأمور إلى الخواتيم السلبية في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية الجنوبية للبنان، فإنّ حزبه لن يقف عند حدود حقل “كاريش”، بل سيرسي ما وصفه “بمعادلة ما بعد بعد كاريش”، ليكرّر نصر الله تهديداً أطلقه قبل أسابيع قليلة من حرب استمرت 33 يوماً بين الحزب و”إسرائيل” عام 2006 عندما هدّد بضرب “حيفا وما بعد حيفا”.

وفي وقتٍ سابق من الشهر الماضي، قال الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصر الله أنّه في حال مُنع لبنان من الإستفادة من ثروته النفطية، فإنّ “إسرائيل” لن تستطيع إستخراج أو بيع الغاز والنفط”.

وأعلن نصر الله أنّه في حال وصلت الأمور إلى الخواتيم السلبية في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية الجنوبية للبنان، فإنّ حزبه لن يقف عند حدود حقل “كاريش”، بل سيرسي ما وصفه “بمعادلة ما بعد بعد كاريش”، ليكرّر نصر الله تهديداً أطلقه قبل أسابيع قليلة من حرب استمرت 33 يوماً بين الحزب و”إسرائيل” عام 2006 عندما هدّد بضرب “حيفا وما بعد حيفا”.

ورأى نصر الله أنّ لبنان لديه “فرصة ذهبية” في الشهرين المقبلين لتأمين حقوقه البحرية قبل أن تكمل “إسرائيل” العمل في حقل “كاريش”، وحثّ المسؤولين اللبنانيين على استخدام حزبه كوسيلة ضغط، بالقول: “إنّ “حزب الله” هو القوّة الوحيدة في لبنان”.(٥)   

وقبل أمس، أكّدت وسائل إعلام عبرية أنّه تمّ إبلاغ الوزراء في “الكابينت” عن إمكانية تأجيل إستخراج الغاز من منصّة “كاريش”.(6)

المصادر المتعلّقة:

  1. https://www.almayadeen.net/articles/%D8%AD%D 
  2. https://www.aa.com.tr/ar/%D8%A5%D8%B3%D8 
  3. https://www.amad.ps/ar/post/462872 
  4. https://www.almayadeen.net/news/politics/%D9 
  5. https://www.aljazeera.net/news/politics/2022/7/14/%D8%
  6. https://somoud.com.ps/2022/08/04/%d9%88%d8%b2%d8%b1%d8%a7%d8%a1-%d8%a7%d9%84%d9%83%d8%a7%d8%a8%d9%8a%d9%86%d8%aa-%d8%a3%d9%8f%d8%a8%d9%84%d8%ba%d9%88%d8%a7-%d8%a7%d8%ad%d8%aa%d9%85%d8%a7%d9%84-%d8%aa%d8%a3%d8%ac%d9%8a%d9%84/

وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , ,