الفلسطيني “غير مرغوب به” ولو كان نبيّاً

التصنيفات : |
أغسطس 23, 2022 7:11 ص

*رامي سلّوم

تعرّض سياسي فلسطيني لما أسماه “مزحة سمجة” من أحد موظّفي الحدود في دولة عربية، عند وصوله لحضور مؤتمر يخصّ القضية الفلسطينية برفقة زوجته التي تحمل جنسية الدولة العربية نفسها بالإضافة إلى الجنسية الألمانية. وحاول ضابط الجوازات المزاح مع زوجة السياسي الفلسطيني الذي يحمل الجنسية الألمانية بدوره، بالقول لها باعتبارها مواطنته: “ذهبتِ إلى ألمانيا ولم تستطيعي انتقاء زوج أفضل منه”، قاصداً زواجها من فلسطيني وهي التي تقيم في الخارج.

وعبّر السياسي الفلسطيني عن صدمته بما سمعه من زوجته لاحقا، مستغرباً تبنّي النظرة السلبية والتنميط الإجتماعي بين شعوب الدول العربية، بفعل عمل ممنهج من وسائل إعلام وأدوات مشبوهة على وسائل التواصل الإجتماعي تتعمّد تشويه صورة شعوب بأكملها.

إنّ محاولة إعادة صياغة نظرة “الضيف الثقيل” على البلدان العربية وشعوبها، يندرج ضمن مخطط الهجرة الثانية الذي يستهدف إخراج الفلسطينيين من بلدان اللجوء إلى الدول الأوروبية وطمس حقّ العودة، عبر سياسة الترانسفير الإسرائيلية المستمرة، والتي تنفّذها اليوم الشعوب بين بعضها بقصد أو بدون قصد

وذكر السياسي الفلسطيني أنّ ما يجري اليوم من تحميل اللاجئ الفلسطيني وِزر المشكلات الإقتصادية في البلدان العربية والإبتعاد عن المسببات الرئيسية لتلك المشكلات في محاولة إعادة صياغة نظرة “الضيف الثقيل” على البلدان العربية وشعوبها، يندرج ضمن مخطط الهجرة الثانية الذي يستهدف إخراج الفلسطينيين من بلدان اللجوء إلى الدول الأوروبية وطمس حقّ العودة، عبر سياسة الترانسفير الإسرائيلية المستمرة، والتي تنفّذها اليوم الشعوب بين بعضها بقصد أو بدون قصد.

واعتبر السياسي الفلسطيني أنّ مواجهة تلك الأفكار، التي دخلت كل بيت عن طريق النكات وغيرها على وسائل التواصل الإجتماعي لتخلّفَ آثاراً هدّامة في المجتمعات، بات ضرورياً وبصورة فاعلة وقادرة على الوصول بدورها، خصوصاً أنّ الفلسطينيين موجودون في بلدان اللجوء منذ النكبة وكانوا رافعاً إقتصادياً وفكرياً حقيقياً أينما حلّوا، غير أنّ استغلال حاجات الناس لدعم توجّهات غربية واللعب على الأوتار المعيشية هو سياسة معروفة مهما اختلفت وتغيّرت أدواتها.

إنّ تلك السياسات استُخدمت ضد الشعوب العربية خاصة السودانية والسورية والعراقية والفلسطينية وجميع البلدان التي تعرّضت لأزمات كبيرة، غير أنّ شعوب تلك الدول نفسها تمارس ذات النوع من الإنتقاص بحقّ الشعوب الأخرى متناسية ما مورس ضدها لاختلاف الصيغة ونقص الوعي عند كثيرين

وقال السياسي الفلسطيني إنّ بعض الأنظمة العربية لا تحاول مواجهة هذه الظاهرة وتتجاهلها لكونها تزيح المسؤولية الحقيقية في التردّي العربي الحاصل عن الحكومات وتوجّهها باتجاه آخر، مبيّناً أنّ تلك السياسات استُخدمت ضد العديد من الشعوب العربية خاصة السودانية والسورية والعراقية والفلسطينية وجميع البلدان التي تعرّضت لأزمات كبيرة، غير أنّ شعوب تلك الدول نفسها تمارس ذات النوع من الإنتقاص بحقّ الشعوب الأخرى متناسية ما مورس ضدها لاختلاف الصيغة ونقص الوعي عند كثيرين.

وأوضح السياسي الفلسطيني أنهّ يدرك تماماً أن لا يكون للكلمة مقاصدها ربما، وإنّما هي عبارة عن “مزحة سمجة” من موظف الحدود لكنّها في غير مكانها، وتدلّ على اختراق الدعاية السلبية المعادية للأفكار والعقائد والقيم وتأثيرها في الشعور الداخلي لتطفوَ على شكل مزاح غير مقصود يشير إلى النظرة الدونية من البعض لشعب يلهث خلف حريته المسروقة مثلها مثل باقي حقوقه.

تعمل أذرع الاحتلال الإسرائيلي على توجيه وسائل التواصل الإجتماعية وغيرها من الأدوات الدعائية لنشر رسائل خبيثة تحطّ من شأن الشعوب العربية بين بعضها البعض

وألمح السياسي الفلسطيني أنّه امتنع عن ذكر الحادثة في المؤتمر الذي يحضره عدد من كبار قيادات الدولة المستضيفة، والذي كان سيشكّل عواقب وخيمة على صاحب النكتة السمجة، على الرغم من أنّ وقع القصة عليه في وقتها كان شديداً وكان سيؤدي إلى إشكال كبير مع الموظف، غير أنّه ارتأى عدم تحميل شخص بعينه رواسب إهمال المجتمع والإعلام العربي وبعض ممارسات الفلسطينيين لشخص بعينه، داعياً الإعلام والمجتمع العربي لصدّ الهجمات الفكرية الصهيونية وعدم الإنجرار وراء تسطيح القضية واللعب الصهيوني على قتلها داخلياً من زاوية عدم التأثير، مؤكداً على الأثر الكبير للبعدين النفسي والوجداني على القضية الفلسطينية، والإبقاء على الثوابت وحقّ العودة ومواجهة آلة القتل الإسرائيلية، والثبات على المقاومة التي تسطّر يومياً أروع البطولات بأدوات بسيطة أمام أدوات الإجرام التي يملكها الاحتلال ويستخدمها يوميا.

وتعمل أذرع الاحتلال الإسرائيلي على توجيه وسائل التواصل الإجتماعية وغيرها من الأدوات الدعائية لنشر رسائل خبيثة تحطّ من شأن الشعوب العربية بين بعضها البعض.

كما تستخدم أدوات أخرى مثل فتاوى مجهولة المصدر وغيرها، لخلق انقسام في الشارع العربي وإضعاف الثبات الداخلي حول قضايا مصيرية، وهو الأمر الذي على الرغم من النظر إليه بعدم جدية من الدول العربية، غير أنّه يعمل بأساليب مدروسة لزعزعة القناعات وربط الثوابت بالتهكّم ومنحها سياقاً من عدم الجدية وإظهارها بالشكل غير اللائق والمخالف للقيم الحقيقية التي بُنيت عليها، الأمر الذي يخلق فجوة واسعة بين المتابعين العرب خصوصاً أنّهم الأضعف مناعة تجاه وسائل الدعاية لتوقهم للتخلص من الأحمال الإجتماعية الثقيلة بعد المشكلات التي ألمّت بالدول العربية وأثّرت على معيشة شعوبها، وعدم تعوّدهم على تلك الأدوات الدعائية لنقص أو انعدام الشفافية في وسائل الإعلام العربية، واعتمادها على أدوات قديمة و(كليشيهات) انقضى زمان تأثيرها على فرض الحقائق الوطنية بدل الإقناع بها وبأحقّيتها.

*كاتب سوري


وسوم :
, , , , , , , , , , ,