في ذكرى اغتيال ناجي العلي: الكاريكاتير الفلسطيني من فنّ التنكيت إلى فنّ التفكير!

التصنيفات : |
أغسطس 29, 2022 7:52 ص

*فاطمة شاهين

        مذ وُلد التعبير الإنساني، وُلد الكاريكاتير. لم يحمل اسمه هذا في ذلك الوقت، ولم تصل إلينا أولى تسمياته، ولا حتى حمل الأشكال والأنواع المختلفة التي عرفناها بعد اختراع الطباعة، ولكنّ الإنسان مذ وُجد على هذه الأرض، حمل الطبيعة نفسها، تلك التي تفرح وتحزن وتضحك وتسخر وتنتقد. وهكذا، عرف الإنسان الرسم الساخر مع قدماء المصريين، مروراً بسكان بلاد الرافدين، كما اليونايين، والحضارات القديمة، وصولاً إلى الحضارة العربية والإسلامية. رسم الإنسان وشكّل الحجر وحفر عليه، وصنع اللباس والأقنعة، ومع اختراع الطباعة، استطاع نقل أفكاره ومشاعره باللغة والرسم إلى الورق[1]. وها هو اليوم، يجوب بها العالم كلّه في تبادل إفتراضي عبر أثير الشبكات الإلكترونية والأقمار الإصطناعية.

بدأ استعمال تعبير “الكاريكاتير” في النصف الثاني من القرن العشرين بحسب بوين لينش، مؤلف كتاب تاريخ الكاريكاتير(1926)، هذا الفنّ الذي يحمل في أدواته الفنية الساخرة، دوراً توعوياً سياسياً وإجتماعياً وإنسانيا شاملا. وسواءً أرجعوا هذه الكلمة إلى ما ذكره الشاعر والناقد الفني العراقي بلند الحيدري، من أنّها تعود إلى رسّام الكاريكاتير الإيطالي أنيبال كراكي، بينما يذكر الكاتب والناقد الأردني شاكر النابلسي أنّ اسم هذا الفنان يُنطق كراتشي وليس كراكي، وسواء كان مصدر التسمية، هو الكلمة اللاتينية “Caricare”، التي تعني “يحمّل، يشحن، يغالي”[2] أو كان مصدرها هو كلمة Character، والتي اتفقت آخر الآراء على أنّها الأصلح، يبقى دور الكاريكاتير هو نفسه، كما بدا ونما وتطور من الفكاهة والسخرية، إلى “النقد وتوجيه الرأي العام وتنظيم حملات لمواجهة بعض سلبيات المجتمع أو توجيه الناس إلى السلوكيات الإيجابية، بالإضافة إلى دوره السياسي الكبير والخطير سواءً في السياسة الداخلية أو الخارجية”، كما يُثبت في كل ذلك أهمية دوره في التأريخ أيضا[3].

“هذا الفَنّ المميز يستطيع أن يحوّل حدثاً بالغ التعقيد لرسمةٍ بسيطةٍ توصل رسالة واضحة دون الحاجة للكلمات”[4].

حين نجد لفنّ الكاريكاتير تعريفاً كالذي سبق، ونبتغي الحديث عنه كفنٍّ رافق القضية الفلسطينية منذ بداية الاحتلال والتعدّي، نقول ببساطة، إنّ احتلال فلسطين لم يكن يوماً حدثاً بالغ التعقيد، لقد كان حدثاً واضحاً أشدّ الوضوح: وطن جاءته، واستُقدمت إليه، عصابات دموية احتلت أرضه وشرّدت شعبه. ولكن العالم أراد لهذه القضية حتى اليوم، أن تكون بالغة التعقيد، لأنّهم ببساطة، يريدون تثبيت هذا الاحتلال، والإبقاء على تشريد الشعب الفلسطيني وجعل المسمّاة “إسرائيل” أمراً واقعا. فكيف استطاع الكاريكاتير الفلسطيني، أن يعرّي هذه النوايا؟ بل كيف نقل للعالم معاناة الشعب الفلسطيني في ظل الاحتلال، وفي مخيّمات اللجوء/ العودة، وفي تفاعل الدول العربية والعالم مع كل التطورات  المرافقة للاحتلال، سياسيا، إجتماعياً وإنسانياً على مدار أربع وسبعين عاما، من خلال رسامي الكاريكاتير الفلسطينيين؟.

قبل القضية، كان الكاريكاتير!

إنّنا عند الحديث عن الكاريكاتير في فلسطين، يحضر مباشرة رساموه أمثال ناجي العلي وبهاء الدين البخاري، اللذين كانا أشهر من ساهم في انطلاقته في الستينيات، إلا أنّه قد شهد معهما إنطلاقة جديدة بعدما واجهت الصحافة من عوائق وقمع في فترة الاحتلال البريطاني، وبعدها تكبيل بالقوانين من قِبل الإدارتين المصرية والأردنية، إلّا أنّ بدايته الفعلية كانت في العام 1908 مع اأوائل نشر الأشكال التعبيرية الكاريكاتيرية في مجلة “النفائس” التي أسسها الفلسطيني المولود في الناصرة خليل بيدس (1875-1949) والتي عرّفها حينها  بأنّها مجلة أدبية فكاهية، قبل أن يعدّل اسمها إلى “النفائس العصرية”. وقد شجع ذلك الكثير من الصحافيين في عصره لاعتماد الأسلوب الساخر في انتقاد الحكومة التركية، وكان أبرزها وآخرها في العهد التركي جريدة “أبو شادوف” في العام  1912 لصاحبها “وهبي تماري”[5].

روّاد الإنطلاقة في الستينيات

أما مع انطلاقة فنّ الكاريكاتير في فترة الستينيات، فيظهر قبل أي شيء وأي أحد، الفنان ناجي العلي (1937-1987) حتى ليكاد كل الكاريكاتير السياسي المرتبط بفلسطين، يُختصر، مجازا، برسوماته. وما ذلك إلا لأنّ ناجي العلي لم يصنع فقط الأيقونة الفلسطينية، بل أصبح  هو نفسه الأيقونة، بحرّيته وجرأته وثباته الذي لم يحد يوماً عن القضية.

“أنا إنسان غير ملتزم بأي شيء إلا بفلسطين

(ناجي العلي)

هو المولود في الجليل الأعلى، بين طبريا والناصرة، في قريةٍ اسمها الشجرة، يعلن للكاتب والصحافي الفلسطيني غسّان كنفاني، أنّه غير ملتزم لا بأحزاب ولا بقيادات ولا بسلطة “أنا إنسان غير ملتزم بأي شيء إلا بفلسطين”[6]. وفي احتفال شعبي وأمام لوحةٍ لخيمة على شكل هرم، رسمها ناجي العلي، كان اللقاء بينهما في العام 1962، وكانت دهشة غسّان كنفاني بالشرح العميق والدقيق الذي سمعه من ناجي العلي حين ربط له الهرم بالخيمة بالحجر بالحرية، وأكّد في تلخيصه للرسم: “ما برجّع فلسطين غير هالحجر”. هذا الرسم الواعي للقضية، الذي أبهر كنفاني، نشره له في مجلة الحرية.

وحين نتحدث عن الريادة، نذكر من الروّاد رباح الصغير (1937-1989) الذي درس فنّ الكاريكاتير بالمراسلة في الجامعة الأهلية بالقاهرة، واضطُّر إلى مغادرة فلسطين نحو الأردن بسبب مقاومته للاحتلال، ليعمل رساماً ومستشاراً في العديد من المؤسسات والوزارات. لقد كان يعكس في رسوماته بالأبيض والأسود، وبخطوطها البسيطة، نبض الناس، رسم حتى للأطفال، وكان ملتزماً بقضية فلسطين حتى وفاته[7].

ربما أمكننا القول، إنّ الكويت احتضنت أولى انطلاقات فنّ الكاريكاتير الفلسطيني، رغم أنّها عادت لتلاحق وتمنع وتنفي، كما حدث مع ناجي العلي، الذي اتتقل إلى لندن إثر ذلك. ولكنّها استطاعت أيضاً أن تجمع رساماً آخر في نفس فترة نشاط العلي في الستينيات، لتغتنيَ الصحف الكويتية بالفنّ الكاريكاتيري الفلسطيني، ولتظهر شخصية “أبو عرب”، التي ابتكرها الرسام والفنان التشكيلي بهاء الدين البخاري (1944-2015) المهاجر من القدس مع عائلته إلى سوريا بعد العام 1948.  كان البخاري قامة وطنية كبيرة، في الفنّ التشكيلي والرسم الكاريكاتيري، فاستطاع من خلالهما أن ينقل القضية الفلسطينية إلى العالم فضلاً عن نبض الناس اليومي.

الشخصيات الكاريكاتيرية، أيقونات القضية!

تتنوع الشخصيات في الكاريكاتير الفلسطيني، إلا أنّ بعضها أصبح أيقونة، أو بات يعرّف عن صاحبه بمجرد إيجاده في الرسم الكاريكاتيري. إنفرد الرسامون بشخصيات حفرت في الوجدان الفلسطيني والعربي، نجد أشهرها شخصية “الطفل” حنظلة، والذي يعتبره ناجي العلي بوصلته التي تشير إلى فلسطين، وهو كما يعبّر عنه رسام الكاريكاتير الفلسطيني ماهر الحاج “ّإنّه الضمير الذي لا يُباع ولا يُشترى”[8]. لقد كان حنظلة في البداية كثير الحركة وينتقل بمواقعه في الرسم،  ليصبح أكثر صمتاً في الفترة التي حدثت فيها تحولات سياسية خطيرة في المنطقة، صامتاً شاهداً متمسكاً بمواقف مبتكره. لم يبتكر ناجي العلي طفلاً عادياً في رسمة، بل أيقونة يمكننا الإستناد إلى شهرتها وتأثيرها، للحديث عن تأثير الكاريكاتير على الشعوب، ودوره في نقل القضية وترسيخها، بل والتحريض لنصرتها، بعدما انتقل “حنظلة” من الرسم الكاريكاتيري لناجي العلي، إلى المنحوتات واللوحات وبات يُنقش على الخشب والحجر ويُطبع على الأقمشة والكوفيات والأكواب، ويُعلّق سلاسلا، ويُرسم كرمز للقضية، إلى جانب خريطة فلسطين ومفتاح العودة.

وقد جاء على يد بهاء الدين البخاري، شخصيتان هما: أبو عرب وأبو العبد. أما أبو عرب، فقد ابتكره البخاري ليمثّل السادات في البداية، وليكون شخصية ينتقد البخاري من خلالها سياساته، “فأحداث أكتوبر ومن ثم السير باتجاه كامب ديفيد جعلت السادات كاريكاتيري اليومي” كما يعبّر البخاري في إحدى مقابلاته[9]. ليستمرّ بعدها ويرمز إلى الأنظمة العربية، حيث هناك أكثر من سادات وأكثر من أبو عرب واحد. وبرزت في رسومات البخاري، شخصية أبو العبد، وهي شخصية حقيقية استقاها من صديق له، عبّر به البخاري عن المواطن الفلسطيني العادي الذي يعيش حياته اليومية بكل تفاصيلها ومآسيها، وأضاف إليه زوجته أم العبد، لتمثّل المرأة والوطن والأم[10].

ولدى ناجي العلي أيضاً نجد الفلسطيني وزوجته. إنّ شخصية الرجل الفلسطيني الشعبي، الذي يسكن المخيّمات ويقاتل من أجل حقوقه، ذو الملابس البسيطة ذات الرقع، والملامح المنكسرة،  ابتكره ناجي ليعبّر به عن الرجل الفلسطيني ولكن أيضاً عن الرجل العربي بكل مآسيه. أما شخصية فاطمة، زوجته، فقد أراد لها أن تمثّل صلابة وقوة وصبر وحكمة المرأة الفلسطينية.

استطاعت أُميّة جحا (زوجة الشهيدين)أن تكون أول رسامة كاريكاتير احترفته كمهنة، وهي التي ترسم فلسطين بالمرأة والقدس بالمرأة

وأكثر ما تظهر شخصية المرأة الفلسطينية في رسومات الفنانة أُميّة جحا (1972-) التي استطاعت أن تكون أول رسامة كاريكاتير احترفته كمهنة، فتقول في مقابلة لها إنّ للمرأة نصيب الأسد في رسوماتها، وأنّها ترسم فلسطين بالمرأة والقدس بالمرأة[11].

ونجد أيضاً شخصيتين تشتركان في أغلب الرسومات الكاريكاتيرية الفلسطينية، وهما: الجندي الإسرائيلي، الذي يظهر غالباً بأنف طويل، وبلباسه العسكري، يرسمه ناجي العلي بملامح تظهر خبثه، كما إرباكه إشارة إلى جبنه وضعفه الدائم أمام الفلسطينيين الأطفال والمقاومين. أما حين نجد في رسوماته الرجل صاحب الكرش والمؤخرة الكبيرة، فهو حتماً تجسيداً للحكومات العربية والبرجوازية، الذي يقف بخنوع وضعف أمام القوى الإسرائيلية[12].

أما رموز القضية أمثال الشهيد القائد ياسر عرفات، فلم يكن  لطبيعة الفنّ الكاريكاتيري أي سبب يمنع من رسمه، لإيصال رسالة عنه كرمز هام من رموز القضية. وقد شارك الفنان الفلسطيني خليل أبو عرفة (1957-) مؤخراً بثلاث رسومات كاريكاتيرية للشهيد ياسر عرفات في معرض “كاريكاتير.. فلسطين وياسر عرفات”، الذي افتُتح في متحف الزعيم الفلسطيني الراحل في رام الله، في 23 كانون الثاني/ ديسمبر من هذا العام، المعرض الذي أثار جدلاً واسعا، توزّع بين الاتهام بالإساءة للشهيد الراحل، والاعتراض على منع مشاركة بعض الرسامين  بسبب ميولهم السياسية، ولكنّ أبو عرفة يعبّر عن هذه المشاركة عبر صفحته على الفيسبوك بقوله: “كانت فكرة المعرض بحد ذاتها تكريسًا لفسحة الحرية الضئيلة، والتي تكرّس دور الكاريكاتير في الثقافة والفن بالاستناد لرسوم كاريكاتورية عن ياسر عرفات”.

على درب الجلجلة!

ربما أفضل ما يعبّر عن انعكاس القضية الفلسطينية في تفاصيلها على الفن، واغتناء الفنّ الكاريكاتيري بها، هو ما عبّر عنه رسام الكاريكاتير الشاب ماهر الحاج، المقيم في مخيّم برج البراجنة في بيروت، حين قال بلهجته العامية: “في مشاهد بالمخيّم هي أساساً تصلح أن تكون رسماً كاريكاتيريا، البناء المكسّر مع شرايط المي مع شرايط الكهربا والأطفال قاعدة عم تلعب”[13].

أما في الزنزانة 28، فقد قضى محمد سباعنة (1996-) خمسة أشهر من الأسر في سجون الاحتلال. وهو اليوم مقيم في بريطانيا، ينقل تجربته وفنّه في الرسم الكاريكاتيري إلى العالم. كما يفعل أيضاً الفنان سليم عاصي، الذي تفتّحت عيناه في مخيّم اللجوء/ العودة، مخيّم الجليل في مدينة بعلبك، فبدأ بالرسم الغرافيتي ليتبعه بالرسم الكاريكاتيري، حيث يكتب نص رسوماته الكاريكاتيرية باللغة الدنماركية ليحدث التفاعل من الجانب الدنماركي، وينقل القضية بشكل مفهوم وأقرب إليهم.

“إنّك تشيل أخوك وتتفاجأ إنّك شلت نصف جسد أخوك والنصف الثاني ما زال على الأرض، هذا الشيء، الشعب الفلسطيني كل يوم بعيشه”[14]. هذا ما يقوله الفنان محمود عباس (1986-) والذي أمام هذا الكم من القسوة وقهر الاحتلال، تفجّر إبداعاً وفنّاً وإصراراً على إيصال الرسالة المنحازة لفلسطين رغم كل التهديد والتشويه كما يعبّر: “لا يهم أن أتعرّض للتهديد بالقتل أو أن تُشنّ ضدي حملات تشويه عبر مواقع التواصل الإجتماعي، المهم أنّ نضالي في دفاعي عن أرضي لن يتوقف”[15]. وفي إطار الملاحقة والتهديد نذكر الفنان أسامة النزّال، المقيم في رام الله، والذي تعرّض مرسمه للاقتحام من قِبل جنود الاحتلال، والعبث بمحتوياته، ومن ثم تدميره[16]. ولا تمثّل أُميّة جحا نفسها كرسامة كاريكاتير فقط، بل هي تمثل المرأة الفلسطينية التي تتعرض لكل أنواع المعاناة، في الظروف والحروب المختلفة، فأُميّة زوجة لشهيدين، وتعيش في غزة المحاصرة التي تتعرّض للعدوان المستمر.  

استطاع ناجي العلي أن ينقل الكاريكاتير من فن التنكيت إلى فن التفكير رافعاً شعار “الفنّ للجميع”

لقد شكّل ناجي العلي لكل هؤلاء الرسامين، أيقونة ورمزًا يُحتذى به، هو الذي استطاع أن ينقل فنّ الكاريكاتير في العالم العربي من فنّ التنكيت وإضحاك الناس وفي أحسن الأحوال النقد السياسي والإجتماعي بما تسمح به السلطات، ومن اعتباره فن ّالنخبة،  إلى فنّ  التفكير، رافعاً شعار “الفنّ للجميع”[17]، إلى آخر حياته، إلى أن “اغتالت عصابات الإجرام واحداً من أكبر فناني الكاريكاتير العرب، وأشدّهم إخلاصا، وأحدّهم لساناً وريشة، وأشملهم هجوماً على أمراض الأنطمة العربية جميعا، من المحيط إلى الخليج”[18]، وذلك في لندن في 22 تموز/ يوليو 1987، ليبقى ناجي العلي في المستشفى ويستشهد في  29 آب/ أغسطس من العام نفسه.

 الكاريكاتير الفلسطيني على كل الجبهات!

من الهندسة المعمارية مع خليل أبو عرفة، إلى الرياضيات مع أُميّة جحا، إلى طب التجميل مع علاء اللقطة، وغيرهم من الرسامين الذين تنوعت مجالاتهم ووحّدتهم المعاناة فجاءت موضوعات الرسومات لتعبّر عن الهم السياسي كما الإقتصادي والإجتماعي. ومن البداية مع الرسم بالأبيض والأسود، وعبر صفحات الجرائد فقط، وصولاً إلى الطريقة السينمائية التي اعتمدها ناجي العلي في رسوماته في السنتين الأخيرتين التي سبقتا اغتياله، من تقطيع للفكرة وتوزيعها على رسومات متعددة متصلة تشكّل الرسم الكاريكاتيري الواحد، إلى الرسم والنشر بالألوان، إنتقالاً نحو إلى الأثير وانتشار الرسومات عبر مواقع شبكة الإنترنت، وقنوات التلفزة، وصولاً إلى انتشارها الأوسع مع وسائل التواصل الإجتماعي. وعلى الرغم من تنوّع الخلفيات السياسية لرساميها، والذي يصل إلى حد الإنحياز الواضح لفصيل دون آخر، تبقى الموضوعات واحدة، فنجد فلسطين واللاجئين/ العائدين، مفتاح العودة، الأسرى، القدس، المرأة الفسطينية، المقاومة، فضح جرائم الاحتلال والإنحياز الغربي، الربيع العربي، الإنقسام الفلسطيني، الحكومات العربية والتطبيع، وقبلها إتفاقيات “السلام” أو كما كان يعبّر ناجي العلي عنها بـ”الحل السياسي/ السياحي للقضية الفلسطينية”، نجد كل ذلك في تمظهر هذا الفن، وانتشاره، ثم تحوّله إلى تهمةٍ تُعرّض صاحبها للاعتقال والاغتيال. وما ذلك إلا دليل بيّن على أنّ فنّ الكاريكاتير هو فنّ التحريض والوعي بامتياز، وأنّه سلاح حقيقي، في وجه الاحتلال، بل أيضاً في وجه أعوانه، ومقابل كل الهموم والمشكلات التي تطوّق المجتمع الفلسطيني داخل فلسطين وخارجها.

*كاتبة لبنانية


[1] .الرافعي، رويدا. (2017). إسهامات فن الكاريكاتير العربي في خلق الوعي وتنمية البيئة السياسية. في: مجلة الحداثة، السنة 24، العدد: 183-184، ربيع 2017. 

[2] . النابلسي, شاكر. (2007). أكله الذئب!!: السييرة الفنية للرسام ناجي العلي (1936-1987). بيروت: المؤسسة العربيى للدراسات والنشر.

[3] . هجرس، شوقية. (2005). فن الكاريكاتير. تقديم: مختار السويفي.- الطبعة الأولى. – القاهرة: الدار المصرية اللبنانية.

[4] . السعدي, لقاء. (2021). فن الكاريكاتير في فلسطين: عندما تفعل فرشاة الرسم فعل البندقية. مأخوذ من موقع بيت فلسطين للثقافة:

فَنّ الكاريكاتير في فلسطين.. عندما تفعل فرشاة الرسم فعل البندقية – بيت فلسطين للثقافة (palfcul.org)

[5] . سلامة، عاطف. (2016). دور الكاريكاتير في نصرة القضية الفلسطينية. الحوار المتمدن، العدد 5366، 9 كانون الاول 2016. مأخوذ من:

https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=540689

[6] . النابلسي, شاكر. مصدر سابق، ص.18.

[7] . إتمام الأعلام، رباح الصغير. ماخوذ من موقه تراجم الإلكتروني:

https://www.taraajem.com/persons/14667/%D8%B1%D8%A8%D8%A7%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%BA%D9%8A%D8%B1

[8] . لقاء مع رسام الكاريكاتير ماهر الحاج على قناة العربي، 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2017. مأخوذ من:

[9] . حمدان، بثينة. (2008). بهاء الدين البخاري: انطلقت لأرسم تاريخ القضية الفلسطينة. جريدة القبس، 2 أيار 2008، مأخوذ من:

http://arabcartoon.net/ar/%D9%86%D8%B5%D9%88%D8%B5-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%AD%D9%81/%D8%A8%D9%87%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AE%D8%A7%D8%B1%D9%8A-%D8%A7%D9%86%D8%B7%D9%84%D9%82%D8%AA-%D9%84%D8%A3%D8%B1%D8%B3%D9%85-%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B6%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A9

[10] . حمدان، بثينة. المصدر نفسه.

[11] . أمية جحا أول رسلمة كاريكاتير فلسطينية فما هي قصتها. مقابلة اجريت مع امية جحا عبر قناة Junha على اليوتيوب في  آذار/ مارس 2022، مأخوذة من:

[12]. أبو سمرة، إكرام. (2019). شخصيات ناجي العلي.. محاكاة لواقع “كله كاريكاتير”. المصري اليوم. 22.07.2019. مأخوذ من:

https://www.almasryalyoum.com/news/details/1414596

[13] . ماهر الحاج: رسام كاريكاتير فلسطيني يظهر واقع المخيمات الفلسطينية عبر ألوانه. (2022). مقابلة مأخوذة من موقع لاجئين الالكتروني:

https://refugeesps.net/video/240/%D9%85%D8%A7%D9%87%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%A7%D8%AC-%D8%B1%D8%B3%D8%A7%D9%85-%D9%83%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D9%83%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%B1-%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86%D9%8A-%D9%8A%D8%B8%D9%87%D8%B1-%D9%88%D8%A7%D9%82%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AE%D9%8A%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86-%D8%B9%D8%A8%D8%B1-%D8%A3%D9%84%D9%88%D8%A7%D9%86%D9%87

[14] . محمود عباس: تعرضت للتهديد وحملت نصف جسد شقيقي بعد إصابته بالقصف. (2021). من مقابلة للرسام محمود عباس مع برنامج ناس اونلاين. مأخوذ من:

https://arabic.rt.com/culture/1249347-%D9%85%D8%AD%D9%85%D9%88%D8%AF-%D8%B9%D8%A8%D8%A7%D8%B3-%D8%AA%D8%B9%D8%B1%D8%B6%D8%AA-%D9%84%D9%84%D8%AA%D9%87%D8%AF%D9%8A%D8%AF-%D9%88%D8%AD%D9%85%D9%84%D8%AA-%D9%86%D8%B5%D9%81-%D8%AC%D8%B3%D8%AF-%D8%B4%D9%82%D9%8A%D9%82%D9%8A-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%A5%D8%B5%D8%A7%D8%A8%D8%AA%D9%87-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D9%81/

[15] . حرب، هاجر. (2021). محمود عباس.. رسام كاريكاتير فلسطيني فجر العجز داخل الثورة فانتصر لفلسطين. مأخوذ من:

[16] . الكاريكاتير في فلسطين.. أداة نضالية حملت القضية للعالم وأغضبت المحتل. (2017). ارشيف موقع العهد الاخباري من 1999-2018. مأخوذ من:

https://archive.alahednews.com.lb/details.php?id=137301

[17] . دراسة في كاريكاتير ناجي العلي. إصدار: روضة الشهيد ناجي العلي – مجد الكروم.

[18] . الراعي، علي. (2004). عن الكاريكاتير والأغاني والإذاعة. القاهرة: دار الهلال. (سلسلة كتاب الهلال: العدد 643).


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , ,