مختصّون وقادة فلسطينيون لـ”صمود”: التطرّف سمة مجتمع صهيوني كامل وليس نهجاً فردياً

التصنيفات : |
يناير 20, 2023 9:30 ص

*سنان حسن

لأول مرة منذ وجود كيان الاحتلال الإسرائيلي على أرض فلسطين، يتمّ الحديث عن حرب أهلية وانقلاب ونزول الجيش إلى الشارع لاستعادة نظام الحكم، وهذا ما حذّر منه رئيس الحكومة السابق السابق إيهود باراك، والسبب حكومة بنيامين نتنياهو الجديدة وسلوك أعضائها المتطرّفين (بن غفير – سموتريتش- أدرعي) ونزعتهم إلى تغيير القوانين لتكون في خدمة أحلامهم التلمودية الصهيونية، حيث جاءت مطالبة وزير الأمن الداخلي إيتمار بن غفير الشرطة باعتقال قادة المعارضة خلال المسيرة التي نظّمتها رفضاً لوجود حكومة نتنياهو مثالاً على ذلك، كما أنّ ضعف واستسلام نتنياهو نفسه لمطالب حلفائه في الوصول إلى ما يريدون من تشريعات أملاً في تأمين ذاته من المحاكمات التي تطوله بقضايا الفساد زادا من هذه الشكوك، ولعلّ في تهديد حزب “شاس” المتطرّف بحل حكومة نتنياهو إذا رفضت المحكمة العليا الإسرائيلية تعيين أرييه درعي في منصب وزير الداخلية خير دليل على ذلك.

“صمود” استطلعت آراء عدد من المختصّين بالشأن الصهيوني وبعض قادة الفصائل الفلسطينية حول خيارات نتنياهو وقدرته على كبح جماح حلفائه ونزعتهم الواضحة للسيطرة وفرض أجنداتهم على كامل المجتمع الإسرائيلي، وهل هناك تهديد حقيقي على الكيان ووجوده وما هي احتمالات اندلاع حرب أهلية فيه؟.

حسابات “الثعلب”

قال الكاتب والصحافي المختصّ بالشأن الصهيوني حسن اللافي: “أعتقد أنّ نتنياهو ليس لديه الأدوات الكافية لكبح جماح المتطرّفين داخل الحكومة، والأهم من ذلك ليس لديه مصلحة. أولا: الأدوات، لأنّه يريد من خلال هذه الهجمة من المتطرّفين على الكثير من القضايا أن يؤمّن نفسه في ملف القضاء الموجّه ضده. وبالتالي، هو يريد ضرب منظومة القضاء لكي يخرج من أزماته القانونية، ولذلك سيبقى تحت ضغط شركائه في الائتلاف الحكومي حتى ينهيَ هذا الموضوع. أما الأمر الثاني، فهو يدرك أنّ التطرّف ليس سمة بن غفير وسموتريتش فقط، فالتطرّف والإرهاب سمتا المجتمع الإسرائيلي بشكل أساسي. وهؤلاء هم الشارع الإسرائيلي الذي اختاره وانتخبه، وبالتالي، هو يدرك أنّ مزيداً من التطرف يعني مزيداً من القوة السياسية لهذه الحكومة داخل المجتمع الإسرائيلي لتبقى أطول فترة ممكنة، وبالتالي ليس لديه لا الأدوات ولا الرغبة في أن يلجم هذا التطرّف الحاصل، لأنّ هذا التطرّف ليس سمة أفراد بل هو سمة مجتمع ينتخب نتنياهو لأجله”.

بدوره رأى المختصّ بالشأن الصهيوني عيد مصلح أنّنا “أمام حكومة مجنونة أفقها السياسي ضيّق، ونتنياهو وحلفاؤه اتفقوا على مجموعة من القوانين لتغيير النظام السياسي في الكيان، وهو ذاهب معهم إلى النهاية. وهذا ما نشهده الآن في الكيان حول الكثير من القضايا سواء المتعلق منها بالشأن الفلسطيني.. من قضايا الأسرى والتصعيد ضدهم، وعدم رفع العَلَم الفلسطيني، واقتحام الأقصى والاستيطان، أم في ما يتعلق بالشأن الداخلي الإسرائيلي من خلال عزمهم تغيير عدد من القوانين من إقرار قانون الغلبة وتغيير القضاء وقانون أدرعي، إضافة إلى طلبات بن غفير وسموتريتش، رغم أنّ نتنياهو محتال ويملك من المرونة الكثير لمنعهم من خنقه والتحكم به، ولكنّ الوقائع على الأرض تقول عكس ذلك، إذ أنّ نتنياهو وضع في كل بند من بنود الاتفاق مع حلفائه خياراً مفاده أنّه في حال الاختلاف على أي قضية أو عند تغيير الوضع الاستراتيجي أو تغيّر البيئة الأمنية يعود إليه القرار، لكنّ هذا كلام فارغ، فما حدث في قضية وزارة الدفاع مثال على عدم قدرته على فعل أي شيء أمام تغوّل حلفائه وسيطرتهم، فبعد تقسيم الوزارة إلى قسمين: قسم بزعامة وزير الدفاع يؤاف غالانت، وقسم آخر تحت إمرة بتسلئيل سموتريتش، جاء رئيس الأركان السابق أفيف كوخافي وأراد الاجتماع مع غالانت لمناقشة قضايا الجيش ومتطلباته، فتمّ الضغط عليه وطُلب منه أن يجتمع مع سموتريتش ويناقشه بشؤون المناطق وشؤون السلطة الفلسطينية، وهذا ما حصل بالفعل حيث عقد كوخافي اجتماعين مع غالانت وسموتريتش، ما يؤكد أنّنا أمام أزمة داخلية عميقة ومتجذّرة في المجتمع الإسرائيلي من الممكن أن تحمل الكثير من المفاجآت”.

“قد نصل إلى ما يُسمّى عمليات الاغتيال الداخلي كما حدث مع “إسحاق رابين”.. “إسرائيل” تعاني من أزمة حقيقية”

(حسن اللافي)

تهديد وجودي

أما في ما يتعلق بالتحذيرات التي يطلقها قادة المعارضة الإسرائيلية عن قرب اندلاع حرب أهلية وتهديد الديمقراطية المزعومة في الكيان، فقد رأى الكاتب والمحلل حسن اللافي أنّه “على المستوى الاستراتيجي هو تهديد جدي. لكن على المستوى المنظور قد نجد إحداث بعض المعالجات. ولكنّنّي أعتقد أنها معالجات ترقيعية لن تستطيع سدّ الفجوات والخلافات الداخلية اليهودية – اليهودية. وبالتالي، على المدى البعيد وخاصة إذا ازدادت الفجوة وزاد الضغط الخارجي بشكل كبير يمكن أن نجد هناك اختلافات، ويمكن أن نصل إلى إشكاليات داخلية كبيرة وأزمات سياسية، وقد نصل إلى ما يُسمّى عمليات الاغتيال الداخلي كما حدث مع “إسحاق رابين”.. “إسرائيل” تعاني من أزمة حقيقية. وهذا ما تحدّث به كبار قادتها الاستراتيجيون”.

“أستبعد احتمالية الحرب الأهلية، ما سيحصل هو المزيد من التفكك المجتمعي والتصدّع”

“عيد مصلح)

بدوره قال الكاتب والمحلل عيد مصلح: “أستبعد احتمالية الحرب الأهلية، ما سيحصل هو المزيد من التفكك المجتمعي والتصدّع، فما زال هناك بعض المؤسسات التي تدافع عن الاستقرار في الكيان من جيش وشرطة وقضاء، ولم يتركوا الأمور تفلت من عقالها، على الرغم من أنّ المعارضة الإسرائيلية في تصريحاتها ذاهبة إلى الشلل التام لأنّ القوانين التي سيتمّ تعديلها تصيب الجميع دون استثناء وليس فقط اليسار والوسط وإنّما اليمين أيضا، وبالتالي الموضوع متأزم، وحديث إيهود باراك عن انقلاب والمطالبة بتدخل الجيش لحماية النظام يؤكد من جديد أنّ الوضع متأزم جدا”.

الممارسات الإجرامية لن تُتعب الشعب الفلسطيني

رأى القيادي في حركة الجهاد الإسلامي الدكتور أحمد المدلل، أنّ “جميع الحكومات الإسرائيلية منذ إنشاء هذا الكيان الصهيوني على أرض فلسطين هي حكومات مجرمة. ولكنّ هذه الحكومة المتطرّفة الفاشية بزعامة نتنياهو وبن غفير وسموتريتش هي من أكثر الحكومات تطرّفاً وفجاجةً وإجراماً ضد الشعب الفلسطيني، فهي المعبّر الحقيقي عن الكيان الصهيوني الذي يمارس جرائمه صبح مساء ضد الشعب الفلسطيني.

وبالتالي، فإنّ هذه الحكومة المتطرّفة هي بالفعل نذير شؤم على الكيان الصهيوني، لأنّ الشعب الفلسطيني كلما ازدادت جرائم الاحتلال الصهيوني بحقّه ازداد إصراراً على تصعيد المقاومة وإشعالها وخصوصاً في الضفة الغربية التي يعدّها الاحتلال وهذه الحكومة المتطرّفة جوهر المشروع الصهيوني الذي يمثّل عندهم مملكة يهودا والسامرة، في الوقت الذي يعدّ فيه الشعب الفلسطيني الضفة الغربية والقدس جوهر مشروع التحرّر الفلسطيني. وأمام برميل البارود المتفجر في الضفة الغربية لا يمكن للمجتمع الصهيوني أن يعيش حالة الأمن والأمان، وهذا ما أكده كثير من المسؤولين العسكريين الصهاينة لأنّ المجتمع الإسرائيلي لم يعُد يستطيع تحمّل ضربات المقاومة”.

وأضاف المدلل: “يُعتبر نتنياهو “ثعلب” السياسة الصهيونية الحالية، خاصة وأنّه يعرف طبيعة  المجتمع الصهيوني الذي يجنح نحو التطرّف. ومن يمثّل هذا المجتمع هو الذي انتخب هذه الحكومة المتطرّفة. لذا هو يحاول جاهداً إرضاء المتطرّفين الصهاينة وإبقاء حكومته قوية، وفي الوقت عينه لا يزال ساعياً باتجاه التطبيع مع العرب، لذا من المرجّح لهذه الحكومة المتطرّفة أن تستمرّ نتيجة هذا التناسب”.

“هشاشة هذا الكيان تأتي من خلال قوة المقاومة وإصرارها على الاستمرار في مواجهة الاحتلال الصهيوني”

(د. أحمد المدلل)

وأوضح المدلل أنّ “الكيان الصهيوني هو بالفعل في حالة ضعف داخلي وتفكّك مجتمعي يسيطر فيه المتطرّفون اليهود على العلمانيين الصهاينة ما يزيد من حالة التطرّف لدى الاحتلال الصهيوني. أيضاً هشاشة هذا الكيان تأتي من خلال قوة المقاومة وإصرارها على الاستمرار في مواجهة الاحتلال الصهيوني، وكذلك التصاعد في قوة محور المقاومة الذي يشكّل تهديداً حقيقياً لهذا الاحتلال”.

وبيّن المدلل أنّ حديث بن غفير وغيره من المتطرّفين عن أنّ الفرصة مواتية لإقامة الدولة اليهودية المزعومة، “هو تعبير عن أوهامه وأوهام غيره من القادة الصهاينة المتطرّفين، ولكنّه نسي، هو وغيره، أن الشعب الفلسطيني اليوم لديه مقاومة تتصاعد أكثر فأكثر، وأنّ ممارسات بن غفير الإجرامية لن تتعب الشعب الفلسطيني ولن تكسر إرادته، بل على العكس تماماً ستزيد من مقاومته. وهذا ما نراه في الضفة الغربية من هذا التمدّد الكبير لكتيبة جنين في كل أنحاء الضفة المحتلة والترتيب المنظّم الذي تتميز به مع مجموعة “عرين الأسود” وانخراط كتائب شهداء الأقصى أيضاً مع المقاومين، حيث استطاعت “كتيبة جنين” ببراعة أن تحوّل المقاومة من تنظيم مقاوم إلى مقاومة لها حالة جماهيرية وشعبية. وهذا يزيد في إرباك الاحتلال الصهيوني ويجعل ما يطرحه بن غفير من أوهام تتلاشى، لأنّ بن غفير وهذه الحكومة المتطرّفة، سيؤديان إلى زوال الاحتلال الصهيوني نتيجة لتقدّم المقاومة وقوّتها”.

*كاتب سوري


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , , , ,