مديرة الأونروا في لبنان: الست حشورة ونظرية كانط

التصنيفات : |
مارس 1, 2023 8:22 ص

*حمزة البشتاوي

في سيرة وطبيعة الدكتورة دورثي كلاوس مديرة الأونروا في لبنان يلاحَظ أنّها تتدخل بكل شيء وتريد أن تعرف كل شيء، خاصة عن التاريخ الخاص بالنكبة واللجوء، دون موافقة أصحاب الشأن الذين يمتلكون الحقّ والمصداقية في شرح قضيتهم ومعاناتهم، ودون موافقة من مرجعيتهم السياسية، وهذا الأمر ليس مرتبطاً بحشريتها الزائدة بل بالمشروع الذي تحمله، بغض النظر عن اللاجئين ومصالحهم.

وعن حشريتها الزائدة تقوم المديرة بتوجيه مئات الأسئلة يوميا، حتى أنّها إذا رأت موظفاً يحمل ملفاً من الأوراق تسأله ماذا مكتوب فيها، ولماذا هي معك، وأين ستذهب بها، لدرجة أنّك تتخيلها الممثلة اللبنانية كارين رزق الله بدور الست حشورة وهي تقول:

“أنا الست حشورة بحشر حالي بكل شي

وين ما في خبرية بركض أول شي

بحب أعرف شو صار واللي عم يصير

أنا الست حشورة بحشر حالي بكل شي”

وفي الجانب العلمي من شخصيتها تبرز دراستها للجغرافيا وعلم الإنسان، وهما من التخصصات التي يمكن الإستفادة منها بالتعامل مع أوضاع اللاجئين الفلسطينيين، بشرط الإلتزام بالأساسيات، ومنها علم الجغرافيا والذي أساسه الموقع الطبيعي والحدود والتضاريس والسكان والعمران ووصف الأرض، والأرض بالنسبة للاجئين الفلسطينيين هي فلسطين التي يحدها من الشمال لبنان ومن الشمال الشرقي سوريا ومن الشرق الأردن ومن الجنوب مصر.

وتبلغ مساحتها 27000,9 كلم بحسب حدودها أيام الإنتداب البريطاني وقبل إنشاء “إسرائيل”.

منذ النكبة، يتمسك الفلسطينيون بحقّهم بالعودة إلى ديارهم وأرضهم التي هُجّروا منها قسرا، وهذا أمر يجب أن لا تمسّ به الدكتورة دورثي كلاوس إنطلاقاً من تخصصها وعملها في وكالة دولية تُعتبر الشاهد الحي على النكبة ومأساة اللجوء

ومنذ النكبة، يتمسك الفلسطينيون بحقّهم بالعودة إلى ديارهم وأرضهم التي هُجّروا منها قسرا، وهذا الحقّ ينطبق على كل لاجئ فلسطيني وذويه مهما بلغ عددهم وتعددت أماكن تواجدهم وولادتهم ومهما كانت ظروفهم السياسية والإجتماعية والإقتصادية وهذا أمر يجب أن لا تمسّ به الدكتورة دورثي كلاوس إنطلاقاً من تخصصها وعملها في وكالة دولية تُعتبر الشاهد الحي على النكبة ومأساة اللجوء.

وفي ما يتعلق بتخصصها في مجال علم الإنسان (الإنثروبولوجيا) وهو اختصاص يدرس حياة الإنسان في الماضي والحاضر، والمجتمعات البشرية معتمداً على الكثير من النظريات لمعرفة البيئة والعائلة والمفاهيم.

ومن الأسماء البارزة في هذا العلم الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط صاحب منهج النقد والتنوير ومن الممكن أن تكون الدكتورة دورثي كلاوس متأثرة بإبداعاته الرائدة في تقديم نظرية أخلاقية مميزة في تاريخ الفكر الإنساني، ولكن وعلى الرغم من السمو الأخلاقي، فقد رشحت من كتاباته مواقف عنصرية حيث طالب بجلد الأشخاص من ذوي البشرة السمراء باستخدام عصا البامبو لأنّها أفضل من السوط ولأنّ جلد ذوي البشرة السمراء سميكاً ولا يشعرون كثيراً بالسوط، واعتبر أيضاً أنّ ملكة العقل لدى الهنود الحمر ناقصة، ووصفهم في كتابه “الجغرافيا الطبيعية” بأنّ تعلّمهم أمر مستحيل، وهم لا يملكون العاطفة ولا يقعون في الحب وكسالى لا مجال لترويضهم أو تدريبهم.

ويمكن تلخيص آراء كانط العنصرية بقوله: “إنّ بعض الناس غير قادرين على السعي وراء مصالحهم ومن الأنسب لهم أن يكونوا أدوات حية يستخدمها أشخاص آخرون”.

“إنّ هذه المعلومات جاءت من أشخاص يعانون من مشاكل نفسية بحاجة للعلاج، وأعطوا المعلومات وهم غارقون بالبكاء”
(دورثي كلاوس)

وفي مشروع بعيد عن الطبيعة الشخصية والعلمية وحتى عن الواجبات الوظيفية تعمل الدكتورة دورثي كلاوس على تحديث الأرشيف الموجود أصلاً لدى الأونروا إنطلاقاً من تشكيكها المستمر بالمعلومات الموجودة به وقولها: “إنّ هذه المعلومات جاءت من أشخاص يعانون من مشاكل نفسية بحاجة للعلاج، وأعطوا المعلومات وهم غارقون بالبكاء”.

وتُشكك أيضاً بأعداد اللاجئين الفلسطينيين وبمصداقية ملفات الأونروا، وهذه الشكوك زادت بعد تصريح الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي قال: “إنّ اللجوء لا يورّث ويجب حصر عدد اللاجئين بمن بقيوا أحياء بعد الخامس عشر من أيار 1948”.

وتريد دورثي كلاوس، وفق الرؤية التي توجّه مشروعها، أن تعرف وتنشر التاريخ الخاص بالنكبة واللجوء، دون موافقة اللاجئين الذين يمتلكون الحقّ والمصداقية في شرح قضيتهم ومعاناتهم، مع تخوفهم من أن يكون هذا المشروع من مندرجات الرؤية الإسرائيلية – الأمريكية التي تدعو إلى ثلاثة حلول لقضية اللاجئين وهي: التوطين، والموطن البديل، والعودة لأعداد محدودة وبشروط أمنية وسياسية تجعل مسألة التنفيذ من سابع المستحيلات.

بدأت الدكتورة دورثي كلاوس بمشروعها الذي رفضه المفوض العام السابق ووافق عليه المفوض العام الحالي وتعمل عليه خارج مراكز الأونروا حيث حصلت على مكاتب خاصة بالمشروع داخل مقر الإسكوا في بيروت وتلقّت تمويلاً خاصاً من بلجيكا بقيمة مليوني دولار وقامت بتوظيف 15 شخصاً

ورغم كل التحذيرات بدأت الدكتورة دورثي كلاوس بمشروعها الذي رفضه المفوض العام السابق ووافق عليه المفوض العام الحالي وتعمل عليه خارج مراكز الأونروا حيث حصلت على مكاتب خاصة بالمشروع داخل مقر الإسكوا في بيروت وتلقّت تمويلاً خاصاً من بلجيكا بقيمة مليوني دولار وقامت بتوظيف 15 شخصا، وتحاول الآن أن تُقنع الجهات التي تسألها عن المشروع بأنّها تعمل على تحديث ومكننة أرشيف الأونروا وإعداد شجرة عائلة لكل لاجئ فلسطيني بعد أخذ بصمة العين له ومنحه بطاقة فردية تصدرها الوكالة.

– شطب إسم رب الأسرة من سجلات الأونروا والتعامل مع أفراد وليس مع عائلات بهدف تخفيض أعداد اللاجئين.

– إصدار بطاقة فردية وأخذ بصمة العين، ومن لا يقوم بذلك ولأي سبب كان يتمّ شطبه من السجلات.

– حصر العدد المتبقي من أصل 100 ألف لاجئ فلسطيني هُجّروا قسراً من أرضهم عام 1948.

– تحويل دور الأونروا من إغاثي إلى سياسي وفقاً للشروط والإملاءات الأمريكية والدول الصديقة لـ”إسرائيل” الذين يريدون إنهاء دور الوكالة ونقل ملفات اللاجئين الفلسطينيين إلى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بهدف تمرير مشروع التوطين في الدول المضيفة والمنافي البعيدة.

ولمواجهة أي تلاعب بأرشيف اللاجئين الفلسطينيين، فإنّ المطلوب وبالحد الأدنى رد فلسطيني ومن الدول المضيفة وإلى تشكيل لجنة رقابة تضمن عدم التلاعب بالملفات الموجودة لدى وكالة الأونروا، وأخذ موافقة المرجعية الفلسطينية وإشراك اللاجئين أنفسهم بأي مشروع يتعلق بقضيتهم التي هي العنوان الأساسي للقضية الفلسطينية، والمطلوب أيضاً أن يتحرك الجميع تجاه هذا المشروع وفحص أهدافه وخلفياته ومخاطره على قضية اللاجئين التي يجب على الجميع وخاصة الدكتورة دورثي كلاوس ومن يلتقي معها من المسؤولين، أن يعرفوا بكافة التفاصيل والحيثيات، وهذا يتطلب إدراكاً تاريخياً وجغرافياً وإنسانياً وسياسياً للقضية والغوص في عمق المعرفة السياسية والإجتماعية وهذا أمر بديهي ومن المسلمات.

*كاتب وإعلامي


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , ,