الكتّاب الفلسطينيون منقسمون ويدعون إلى الوحدة

التصنيفات : |
مارس 23, 2023 8:33 ص

*حمزة البشتاوي

يُعوّل على الكتّاب والصحافيين الفلسطينيين القيام بدور رائد في المواجهة إلى جانب المقاومة، ولكن وكنتيجة للإنقسام السياسي في الساحة الفلسطينية ضعُف هذا الدور، وتشكّل أكثر من جسم نقابي للكتّاب الفلسطينيين وكل جسم ينتمي أو يعبّر عن توجّه سياسي معين، وهذا الوضع ما زال مستمراً رغم الإتفاق الذي تمّ توقيعه في العام 2016 من قِبل الشاعر الكبير الراحل خالد أبو خالد والشاعر مراد السوداني، ومنذ لحظة التوقيع جرى التحرك نحو عقد مؤتمر عام توحيدي للإتحاد بضغط وإصرار من قِبل الإتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب كي يوحّد الفلسطينيون إتّحادهم. وبدل أن يفعلوا ذلك راحوا يراوحون بالمكان الذي كانوا فيه قبل العام 2016 مع الإستمرار بإصدار البيانات التي تدعو إلى الوحدة الوطنية وإنهاء الإنقسام الذي يساهم في تراجع الحالة الفلسطينية على المستويين السياسي والثقافي كما يقولون في البيانات والخطابات.

وإذا كانوا يعتبرون الإنقسام حالة مستنكرة وخطيرة وآفة تحتاج إلى العلاج فلماذا توقفت جهودهم من أجل توحيد الإتحاد، دون التنكر لما بُذل من جهود من قِبل الكتّاب والأدباء في دمشق ورام الله على الصعد السياسية والنقابية والثقافية، من أجل أن يصبح الإتحاد حاضنة ثقافية مقاومة تحفظ كرامة المثقف، وترتقي بالمشهد الثقافي بما يليق بفلسطين وأسودها الميامين في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، وكافة الساحات والميادين بمواجهة الاحتلال، وبالتالي توظيف الحالة الثقافية في الإطار الصحيح، وتفعيل دور المثقف الفلسطيني وطنياً وسياسياً الذي يعبَّر عنه بطرق إبداعية وعبر المساهمة بعيداً عن خطاب الإنقسام بتحويل الصمود والمقاومة إلى قصائد ونصوص وأناشيد، وهذا أهم بكثير من البيانات والدعوات إلى الوحدة التي تصدر عن إتحادين، الأول ناشط في الضفة الغربية والثاني ناشط في الشتات، وكلاهما يدعوان الفصائل الفلسطينية إلى الوحدة دون أن يشكّلا النموذج أو مصدر إلهام في الدعوة إلى الوحدة المفقودة أصلاً لديهما كفئة يجب أن تكون قدوة ورائدة ومثالاً يحتذي به الآخرون.

انتقل الخلاف السياسي من مرحلة التأثر بالخلافات السياسية إلى مرحلة التأثير على مزاج المثقف ونظرته للأحداث التي يؤدي بعضها إلى خلق حالة من الإحباط والإنجرار نحو سجالات عصبوية ضيقة، تجعل من دعوات الوحدة وإنهاء الإنقسام من قِبل الذين لم يفلحوا حتى الآن في إعادة اللحمة في ما بينهم وتوحيد إتحادهم، مجرد كلام في الهواء لا أكثر ولا أقل.

ويلاحظ المتابع لما يصدر عن الإتحادين من مواقف وبيانات، بأنّ مساحة الخلاف السياسي قد ضاقت كثيراً من خلال التأكيد على تعميق المحتوى الكفاحي والتمسك بالميثاق الوطني الفلسطيني، وتحرير فلسطين من البحر إلى النهر، وفي ذلك إشارة واضحة إلى أنّ الخلاف السياسي انتقل من مرحلة التأثر بالخلافات السياسية إلى مرحلة التأثير على مزاج المثقف ونظرته للأحداث التي يؤدي بعضها إلى خلق حالة من الإحباط والإنجرار نحو سجالات عصبوية ضيقة، تجعل من دعوات الوحدة وإنهاء الإنقسام من قِبل الذين لم يفلحوا حتى الآن في إعادة اللحمة في ما بينهم وتوحيد إتحادهم، مجرد كلام في الهواء لا أكثر ولا أقل.

مع تقدير بأنّ حالة الإتحاد قد أصبحت كحال الفصائل الفلسطينية على ما يقوله المثل الشعبي الفلسطيني (عاشر المصلّي بتصلّي وعاشر المغنّي بتغنّي) وهكذا هي حال عدد كبير من الكتّاب الفلسطينيين الذين إذا صلّت الفصائل يُصلّون وإذا غنّت يغنّون، ولذلك فإنّ إنهاء الإنقسام السياسي والنقابي أمر يصعب تحقيقه أقلّه في القريب المنظور.

*كاتب وإعلامي فلسطيني


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , ,