الأرضُ لنا

التصنيفات : |
مارس 30, 2023 5:38 ص

*حمزة البشتاوي

يُحيي الفلسطينيون في الثلاثين من آذار/مارس كل عام، ذكرى يوم الأرض الذي بدأت أحداثه عندما قررت الحكومة الإسرائيلية سنة 1976 تحريك مخطط الاستيطان والتهويد في الجليل عبر مصادرة 21 ألف دونم من أراضي سهل البطوف والمل والشاغور، تعود ملكيتها لمزارعين من سخنين وعرابة ودير حنا وعرب السواعد تحت ما يُسمّى مشروع (تطوير الجليل).

وقد اعتبر الفلسطينيون هذا المشروع وهذه القرارات تهديداً وجودياً يهدف إلى استكمال فصول النكبة وأحداثها من مجازر وتهجير، ولذلك قاموا بهبّة واحدة جددوا فيها تمسّكهم بأرضهم و كسروا حواجز الخوف والقمع بالغضب ومسيرات التحدي للاحتلال، الذي نشر بوجههم دباباته ونيران أسلحته الرشاشة عندما اقتحم الجيش الإسرائيلي بلدات سخنين وعرابة ودير حنا في الجليل وجرى إطلاق النار على أبناء الأرض لمنعهم من المشاركة بالمظاهرات والأضراب رفضاً للتهويد والاستيطان، واستُشهد وقتها ستة فلسطينيين وهم: خديجة شواهنة، خير أحمد ياسين، رجا حسين أبو ريا، خضر خلايلة، محسن طه ورأفت زهيري، إضافة لجرح المئات وزجّ الآلاف في السجون لتتحوّلَ لاحقاً تلك المعركة الخالدة إلى مناسبة وطنية يتصدّى خلالها الفلسطينيون لمخططات الاحتلال وسياساته.

ومنذ ذلك الوقت، يواصل الفلسطينيون إحياء ذكرى يوم الأرض في الداخل والشتات كمناسبة نضالية يؤكدون فيها على رفضهم ومقاومتهم لسياسة الاستيطان والتهويد التي ما زالت مستمرة من خلال بناء الوحدات الاستيطانية والقواعد العسكرية خاصة في الضفة الغربية والنقب والقدس والجليل .

يتحرك الفلسطينيون في ذكرى يوم الأرض وكأنّهم عشرون مستحيل مؤمنين بأنّ الأرض هي جوهر وجودهم وهويتهم وتاريخهم وثقافتهم المنيعة

وبعد أن كان يتمّ إحياء مناسبة يوم الأرض ببعض الأنشطة والمهرجانات وزراعة المزيد من أشجار الزيتون، أصبحت الذكرى اليوم مناسبة للتحركات الشبابية والمسيرات الشعبية التي تؤكد على صمود وتمسك الإنسان الفلسطيني بأرضه لتعود الحكاية إلى البدايات وكأنّ النكبة قد حصلت اليوم وليس منذ أكثر من سبعة عقود ونيّف.

ويتحرك الفلسطينيون في ذكرى يوم الأرض وكأنّهم عشرون مستحيل مؤمنين بأنّ الأرض هي جوهر وجودهم وهويتهم وتاريخهم وثقافتهم المنيعة ويرددون ما قاله الشاعر محمود درويش:

“أنتِ الأرض

والأرض أنتِ

خديجة لا تُغلقي الباب

لا تدخلي في الغياب

سنطردهم من إناء الزهور وحبل الغسيل

سنطردهم من حجارة هذا الطريق الطويل

سنطردهم من الجليل”

وفي الجليل وعموم الأرض الفلسطينية ما زالت الدعاية الصهيونية تحاول تثبيت روايتها الزائفة بأنّ فلسطين هي أرض بلا شعب لشعب بلا أرض وفق مخطط لاحتلال أرض أكثر بسكان أقل، وهذه المخططات والمقولات يكسرها الشعب الفلسطيني بصموده و مقاومته، حيث كان وما يزال يقدّم في ذكرى يوم الأرض حصة جديدة في دروس العشق والمقاومة والتصدّي لسياسة التهويد والاستيطان.

وأما رسالة الشعب الفلسطيني في هذا اليوم فهي التأكيد الذي لا يقبل القسمة أو التأويل على أنّ الأرض كانت وستبقى محور الصراع بين أصحاب الحقّ والعشب وأعداء الحرية والعدالة والتاريخ.

*كاتب وإعلامي


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , , ,