حقوق الأسرى: “إسرائيل” في مواجهة القانون الدولي

التصنيفات : |
مارس 31, 2023 5:35 ص

*وسام عبد الله

إحدى ساحات المعارك مع العدو الإسرائيلي هي القانون الدولي، والسعي الدائم لإظهار الوجه الحقيقي للكيان، بتثبيت حقوق الشعب الفلسطيني، وخاصة الأسرى والمعتقلين في سجونه، وأكبر دليل على اقتناع الكيان الصهيوني بأنّه ليس دولة بمعناها القانوني، هو سلوكه تجاه الاتفاقيات والقرارات الدولية، فعلى الرغم أنّه يُعتبر “دولة” طرف في اتفاقية جنيف لعام 1949 لحماية المدنيين في وقت الحرب، إلا أنّه لا يُطبّقها على الأراضي الفلسطينية المحتلة، دون أدنى اعتبار لدعوة مؤسسات دولية لتطبيقه، مثل محكمة العدل الدولية ومجلس الأمن الدولي.  

المدنيون لا يحميهم القانون

“الإطار القانوني المطبّق في الأراضي الفلسطينية المحتلة، في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة، هو قانون الاحتلال العسكري، الذي يتكوّن من القواعد المنصوص عليها في لوائح لاهاي لعام 1907، واتفاقية جنيف الرابعة والقانون الدولي الإنساني العرفي”، بهذه الكلمات يصف رئيس لجنة الصليب الأحمر الدولي بيتر ماورير سنة 2012، طريقة تعاطي الكيان مع الشعب الفلسطيني، وأنّه على حكومة الاحتلال الامتثال لاتفاقية جنيف.

تشير الفقرة الأولى من المادة الثالثة، إلى أنّ “الأشخاص الذين لا يشتركون مباشرة في الأعمال العدائية، بمن فيهم أفراد القوات المسلحة الذين ألقوا عنهم أسلحتهم، والأشخاص العاجزون عن القتال بسبب المرض أو الجرح أو الاحتجاز أو لأي سبب آخر”، أنّهم يعاملون في جميع الأحوال معاملة إنسانية، فذكر عدد من الفقرات لتطبيقها، منها منع تعرّضهم للتعذيب والتشويه، والاعتداء على الكرامة الشخصية، وتنفيذ العقوبات دون إجراء محاكمة سابقة. فأين الاحتلال منها؟.

ومن أساليب الضغط التي يتعرّض لها الأسرى، تغطية الوجه والرأس والحرمان من النوم، والتهديد بإحداث إصابات وعاهات، وبالاغتصاب والاعتداء الجنسي عليهم أو على زوجاتهم، والاعتداءات الجسدية مثل ضرب الرأس بالجدار، والضرب بالهراوة وتقييد اليدين وغيرها.

بين عامي 2000 و2014 قتلت قوات الاحتلال وبالشراكة مع المستوطنين أكثر من ألف طفل فلسطيني، ومن أساليب الضغط التي يتعرّض لها الأسرى، تغطية الوجه والرأس والحرمان من النوم، والتهديد بإحداث إصابات وعاهات، وبالاغتصاب والاعتداء الجنسي عليهم أو على زوجاتهم، والاعتداءات الجسدية مثل ضرب الرأس بالجدار، والضرب بالهراوة وتقييد اليدين وغيرها.

المقاومة واتفاقية جنيف  

تحدد الاتفاقية معنى أسرى الحرب، فتذكر الفئات التي تشملها ومنهم: “أفراد القوات المسلحة لأحد أطراف النزاع، والميليشيات أو الوحدات المتطوعة التي تشكّل جزءاً من هذه القوات المسلحة، أفراد الميليشيات الأخرى والوحدات المتطوعة الأخرى، بمن فيهم أعضاء حركات المقاومة المنظّمة”، إضافة إلى أفراد القوات المسلحة النظامية الذين يعلنون ولاءهم لحكومة أو سلطة لا تعترف بها الدولة الحاجزة، والأشخاص الذين يرافقون القوات المسلحة دون أن يكونوا في الواقع جزءاً منها، كالأشخاص المدنيين الموجودين ضمن أطقم الطائرات الحربية، والمراسلين الحربيين وغيرهم. تُطبَّق هذه المادة بشكل كامل على المقاومة الفلسطينية، بمختلف أشكالها وفصائلها، العسكرية منها والمدنية، وتُلزم المادة بمعاملة أسرى الحرب معاملة إنسانية في جميع الأوقات، وتُحظِّر أن تقترف الدولة الحاجزة أي فعل أو إهمال غير مشروع يسبب موت أسير في عهدتها. وتفضح الأرقام وحشية الاحتلال وعدم تنفيذه لبنود الاتفاقية.

وفق إحصائيات رسمية من هيئة الأسرى ونادي الأسير الفلسطيني، بلغ عدد الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال نحو 4780، بينهم 29 امرأة، 160 طفلا، 915 معتقلاً إدارياً  و554 أسيراً صدرت بحقّهم أحكاماً بالسجن المؤبد، كما يبلغ عدد الأسرى المرضى نحو 600 أسير وهم بحاجة إلى متابعة ورعاية صحية، منهم حوالي 24 أسيراً مصابين بالسرطان.  

النساء الأسرى

تنص المادة الرابعة عشرة من إتفاقية جنيف أنّ “لأسرى الحرب حقّ في احترام أشخاصهم وشرفهم في جميع الأحوال. ويجب أن تُعامل النساء الأسيرات بكل الاعتبار الواجب لجنسهن. ويجب علي أي حال أن يلقين معاملة لا تقل ملاءمة عن المعاملة التي يلقاها الرجال”.

إطلاق الرصاص عليهن أثناء عمليات الاعتقال، وتفتيشهن عاريات، واحتجازهن داخل زنازين قذرة، والتقييد طوال فترة التحقيق، والحرمان من النوم لفترات طويلة، والإهمال الطبي وما ينتج عنه من تدهور الحالة الجسدية والنفسية إلى حد الوفاة

يشير نادي الأسير الفلسطيني إلى أنّ الاحتلال يعتقل في سجن “الدامون” 29 أسيرة فلسطينية، أقدمهن الأسيرة ميسون موسى من بيت لحم، المعتقلة منذ عام 2015، ومن بينهن طفلتان هما: نفوذ حماد من القدس المحتلة، وزمزم القواسمة من الخليل وقد أتمّت عامها الثامن عشر هذه السنة. وأكد النادي تعرُّض الأسيرات لكافة أساليب التنكيل والتعذيب، من عمليات الاعتقال وحتى النقل إلى مراكز التوقيف، والتحقيق، واحتجازهن لاحقاً في السجون بما فيها من أدوات تعذيب مستحدثة. ومن الأساليب المتّبعة، إطلاق الرصاص عليهن أثناء عمليات الاعتقال، وتفتيشهن عاريات، واحتجازهن داخل زنازين قذرة، والتقييد طوال فترة التحقيق، والحرمان من النوم لفترات طويلة، والإهمال الطبي وما ينتج عنه من تدهور الحالة الجسدية والنفسية إلى حد الوفاة كما حصل سنة 2022 مع الأسيرة سعدية فرج الله التي لم تلقَ العناية الصحية اللازمة وتُركت لمصيرها تموت ببطء.

الحقّ في الحياة

“لا أفهم لماذا يتلقى الإرهابيون، قتلة الأطفال والنساء، خبزاً طازجاً كل صباح، كما لو أنّهم في مطعم.. لن يستمر ذلك أمام عيني”، تصريح صادر عن وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال، إيتمار بن غفير، والذي تلاه إغلاق المخابز في سجني ريمون وكيتسعوت. وتعبّر هذه المواقف عن حقيقة مواقف الحكومات المتعاقبة، فإن كان الوزير الحالي يتحدث علنية، بشكل لا يمكن أن تتقبله حتى الإدارة الامريكية، حليفة العدو والحاضنة الرسمية لممارساته الإجرامية، فهو يشكّل في حقيقة الأمر الصورة الأنصع والاوضح عن سياسة الاحتلال تجاه الاسرى.

حين نضع كلمتي القانون و”إسرائيل”، نعرف أنّ خضوعها له أو محاولة إخضاعها دولياً له، صعب التنفيذ، ولكن هذه الاستحالة في المرحلة الحالية، لا يجب أن تمنع رفع الصوت وتقديم الشهادات والأدلة القانونية على الانتهاكات بحقّ الشعب الفلسطيني، فالعمل القانوني يقوم على التراكم والمتابعة مع المنظمات الدولية والناشطين، والأهم، هو حقّ الأسير الفلسطيني علينا، بأن ندافع عنه ومعه، عن حقّ الفلسطينيين بحياة طبيعية كريمة وعادلة.

*كاتب لبناني


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , , , ,