التصعيد الإسرائيلي بين الداخل والخارج: هل نتّجه إلى حرب شاملة؟

التصنيفات : |
أبريل 12, 2023 7:10 ص

*قاسم قصير

نشهد هذه الأيام تصعيداً في العدوان الصهيوني سواء داخل فلسطين المحتلة ضد الشعب الفلسطيني والأماكن المقدسة، أو من خلال العمليات العسكرية والأمنية التي تستهدف المنشآت العسكرية والمدنية في سوريا، ومن الواضح أنّ العدو الصهيوني وفي ظل الأزمة الداخلية التي يواجهها بسبب الصراعات والخلافات بين مختلف الاحزاب الصهيونية، يحاول نقل المعركة إلى خارج الكيان أو من خلال إطلاق يد المستوطين في الداخل الفلسطيني ولاقتحام المسجد الأقصى كي يؤكد قدرته على المواجهة وأنّه لا يزال يمتلك قوة الردع والرد على عمليات المقاومة والتحديات الكبرى التي يواجهها اليوم.

فكيف تقرأ قيادات قوى المقاومة في لبنان وفلسطين هذا التصعيد الإسرائيلي في الداخل والخارج؟، وإلى أين تتّجه الأوضاع في المرحلة المقبلة؟، وهل ستكتفي قوى المقاومة بردود موضعية على العدوان الصهيوني أو قد تتطور الأمور إلى حرب شاملة في المنطقة كلها؟.

بداية، كيف تقرأ قيادات المقاومة تطور الاعتداءات الصهيونية في الداخل والخارج ولا سيما الاستهداف المركّز لعدد من المنشآت العسكرية والمدنية في سوريا والتي أدّت إلى سقوط عدد من الشهداء من الجيش السوري والمدنيين السوريين والمستشارين الإيرانيين الموجودين في سوريا؟.

يعتبر العدو أنّ هناك قيادة مشتركة لقوى المقاومة تعمل بشكل مشترك ولا سيما بعد عودة حركة حماس إلى الشام والاجتماعات التي عُقدت في دمشق لكافة الفصائل الفلسطينية.

مصادر قيادية في قوى المقاومة وضعت الملاحظات التالية حول ما يجري:

أولا، بعد عملية مجدو وتصاعد عمليات المقاومة في المناطق الفلسطينية المحتلة والإرباك الذي واجهته الأجهزة الأمنية والعسكرية الصهيونية بشأن ما جرى، كان الخيار الأفضل للصهاينة تصعيد العمليات العسكرية والأمنية ضد سوريا، وذلك لتأكيد قدرة الردع الصهيونية ولأنّ العدو يعتبر أنّ هناك قيادة مشتركة لقوى المقاومة تعمل بشكل مشترك ولا سيما بعد عودة حركة حماس إلى الشام والاجتماعات التي عُقدت في دمشق لكافة الفصائل الفلسطينية.

ثانيا، ينظر العدو الصهيوني إلى سوريا كونها الممر الأساسي للأسلحة والإمدادات التي تصل لقوى المقاومة وكونها أحد أهم مراكز التدريب والتنسيق بين قوى المقاومة، ولذا عمد لاستهداف المطارات وبعض المنشآت العسكرية وذلك لقطع طرق الإمدادات، وتوجيه ضربات أمنية وعسكرية ضد المجموعات والجهات التي يحملّها مسؤولية تصعيد العمل المقاوم داخل فلسطين المحتلة، ولا يزال العدو الصهيوني يراهن على عدم رغبة سوريا وقوى المقاومة بفتح الجبهة السورية بشكل كبير نظراً للتحديات التي تواجهها سوريا اليوم، ولأنّ هناك أولويات أخرى في المنطقة.

ثالثا، ابتعد العدو الصهيوني عن القيام بعمليات عسكرية مباشرة ضد لبنان وإيران، وذلك بعد التهديدات التي أطلقها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بأنّ أي استهداف للبنان سيتمّ الرد عليه بقوة وبعد الاتفاق الإيراني – السعودي والتقارب العربي – الإيراني والذي يمنع استفادة العدو الصهيوني من المجال العربي للقيام بعمل عسكري ضد إيران، ولذلك قد يكون التصعيد في سوريا هو تعويض عن عدم القدرة على الدخول في مواجهة مباشرة ضد إيران وحزب الله. لكنّ ما جرى في الجنوب يؤكد أنّ الأمور مفتوحة على كل الاحتمالات في حال استمر التصعيد الإسرائيلي.

رابعا، إنّ تصعيد الاعتداءات الصهيونية على الشعب الفلسطيني والمقدسات الدينية في القدس وإعطاء المجال للمستوطنين الصهاينة لاقتحام باحات مسجد الاقصى يهدف لإعادة تصويب الصراع ضد الشعب الفلسطيني بعد بروز الصراعات الداخلية والعميقة داخل الكيان الصهيوني حول خطة إصلاح القضاء وفي ظل تنامي الصراعات بين مختلف الأحزاب والشرائح الصهيونية وللتأكيد على استمرار القدرة الصهيونية على الردع والقمع.

أما على صعيد قوى المقاومة وإيران فهما تستعدان لكل الاحتمالات وتعملان في الوقت نفسه على توجيه ردود موضعية كي تختارا التوقيت المناسب لتوسعة الصراع

لكن هل سيبقى هذا التصعيد الإسرائيلي في الداخل والخارج دون رد قوي؟ وهل سيؤدي الرد إلى تطور الأوضاع نحو حرب شاملة؟.

لقد حرصت قوى المقاومة حتى كتابة هذه السطور على الرد الموضعي والمحدود، سواء عبر إطلاق المسيّرات عبر الحدود أو تنفيذ عمليات أمنية أو إطلاق الصواريخ من قطاع غزة، مع العمل لتصعيد المواقف السياسية والإعلامية والتحركات الشعبية والعلمائية للتضامن مع الشعب الفلسطيني ودفاعاً عن المسجد الأقصى والمقدسات الدينية، لكن من غير الواضح إذا كانت هذه المواجهات ستتصاعد وتصل إلى حرب واسعة وشاملة، فالعدو الصهيوني يدرك أنّ توسعة العدوان والذهاب إلى حرب شاملة سيكون له نتائج خطيرة على هذا الكيان وخصوصاً في ظل المتغيرات الدولية والإقليمية. أما على صعيد قوى المقاومة وإيران فهما تستعدان لكل الاحتمالات وتعملان في الوقت نفسه على توجيه ردود موضعية كي تختارا التوقيت المناسب لتوسعة الصراع.

ولكن رغم حرص أطراف الصراع اليوم على إبقاء المواجهات ضمن سقف معين فإنّ ذلك لن يمنع إمكانية تدحرج الأوضاع إلى حرب واسعة والأمور مرتبطة بحجم الاعتداءات الصهيونية وتطورها في المرحلة المقبلة وكل الاحتمالات واردة.

*كاتب لبناني


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , , , ,