كعك العيد ورائحة الأرض ونكهة الهوية

التصنيفات : |
أبريل 21, 2023 7:17 ص

*حمزة البشتاوي

يُحكى في الحكايات القديمة عن صناعة كعك العيد في فلسطين قبل النكبة، بأنّ أهالي مدينة يافا، ومن أجل الحفاظ على نوعية وجودة الكعك الفلسطيني، خرجوا بمظاهرة كبيرة إلى مقر المندوب السامي، حاملين مذكرة تتحدّث عن رداءة الطحين وعدم عناية المطاحن بتنظيفه، مما يسبب أمراضاً في المعدة ويجعل الطحين غير مناسب وغير صالح لصناعة الكعك، مطالبين بعدم خلط دقيق القمح بالشعير وأن يكون الطحين مصنوعاً فقط من القمح الخالص الذي تنتجه الأرض الفلسطينية.

ومنذ ما قبل هذه الحكاية، وما بعدها فإنّ شهر رمضان المبارك وعيد الفطر لا يكتملان لدى العائلات الفلسطينية بدون الكعك الذي يبدأون بتحضيره قبل حلول العيد بعدة أيام.

وكان الفلسطينيون في بلادهم قبل النكبة لا يعرفون من الحلويات سوى كعك العيد والقطايف وكعك القدس وكنافة نابلس وملبن الخليل وتمرية عكا.

وكلما طال عمر النكبة يزداد الفلسطينيون تمسكاً بعاداتهم وتقاليدهم التي ما زالت تحضر في يومياتهم وخاصة من خلال الإستعداد لاستقبال عيد الفطر بتنظيف البيوت وتزيينها وصلة الرحم وصناعة الكعك

ويتصدر كعك العيد المرتبة الأولى باعتباره حزءاً أساسياً من العادات والتقاليد المتوارثة عن الأجداد والآباء، وتبرز في صناعته جوانب عدة خاصة التكافل الأسري والإجتماعي، ويفرح به الكبار والصغار ومن أسباب إستمرار العائلات الفلسطينية في صناعة الكعك إضافة للتمسك بالعادات والتقاليد وتقديمه للزائرين أيام العيد، فإنّ الأوضاع الإقتصادية الصعبة وارتفاع أسعار الحلويات الجاهزة في الأسواق يعتبران سبباً رئيسياً لصناعته في المنزل كما كان يحصل قبل النكبة، إضافة إلى توفر مواد التمر والطحين والزيت الذي كانت تحصل عليها العائلات الفلسطينية أيام الإعاشة من الأونروا، واليوم من خلال ما يوزّع عليهم من مساعدات غذائية (كراتين) خاصة خلال شهر رمضان، حيث يستفيدون منها في صناعة كعك العيد بالمنزل وهم كانوا سابقاً يخبزونه في فرن الحطب بالمخيّم، وأما اليوم فيتمّ خبزه بالمنزل حيث يوضع في فرن الغاز وما أن تكتسيَ حبات الكعك المحشوة بالتمر والمعجونة بالزيت والبهارات باللون الذهبي حتى تنتشر رائحتها الذكية في البيت مضيفةً نكهة خاصة وأجواء مميزة و فرحاً عائلياً لا يدركه إلا من يشعر بحلاوة المذاق ووقته الخاص.

وكلما طال عمر النكبة يزداد الفلسطينيون تمسكاً بعاداتهم وتقاليدهم التي ما زالت تحضر في يومياتهم وخاصة من خلال الإستعداد لاستقبال عيد الفطر بتنظيف البيوت وتزيينها وصلة الرحم وصناعة الكعك الذي إن غاب تكون الضيافة ناقصة، ولا يشعرون حينها بأنّهم قد قاموا بالواجب نحو ضيوفهم.

وتحرص السيدات الفلسطينيات أثناء تقديم الكعك للضيوف على فتح أبواب الحديث عن الكعك وطرق إعداده وميزاته، ويفرحن كثيراً عندما يتمّ مدح صناعة وطعم الكعك اللذيذ الذي يقدّم ليتحوّل هذا الإطراء الجميل إلى علاقة وطيدة بين السيدات ويكون ما بينهم ليس فقط خبز وملح بل عيد وكعك.

*كاتب وإعلامي


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , ,