العيد في غزة: لمن استطاع إليه سبيلا!

التصنيفات : |
يونيو 27, 2023 5:26 م

*رفيدة عطايا
أصبح العيد في غزة كالحج، لمن استطاع إليه سبيلا، فدماء الشهداء في غزة هاشم لم تجف بعد، وجراح المصابين لم تلتئم، فكيف لطفلٍ صغير أن يفرح بعيدٍ ينتظره الكبير قبل الصغير في الأيام العادية، والحزن يُـخيّم على منزله الذي فقد فيه أمه وأباه، أخته وأخاه، عمه؟ ،والقائمة تطول.. لطالما احتضن الأطفال ثيابهم ليلة العيد وناموا جنباً إلى جنب على ذات الفراش، لكن أين سينام من دُمّر منزله جراء العدوان الأخير على غزة؟!، وكيف سيشتري ثيابه وزينته ومَـن يصطحبه إلى السوق قد فارق الحياة؟!، أسئلة كثيرة تراودنا وتسلب فرحتنا بعيد الأضحى.

الوضع الاقتصادي في غزة

لم يعد باستطاعة الناس في غزة الأضحية في عيد الأضحى، بسبب الوضع الاقتصادي الصعب، فبات يتشارك على الأضحية الواحدة عشرة أشخاص، ليس فقط أضحية العيد التي سُرقت من سكان غزة، إنّما فرحة الأطفال أيضاً بشراء ملابس جديدة وغصة الآباء بعدم قدرتهم على تأمين مصاريف العيد، فالأسعار ارتفعت حد الجنون بسبب الضرائب التي فُرضت على التجار من قِبل الحكومة، وقرار الاحتلال بمنع تصدير الملابس من غزة إلى الداخل المحتل والضفة، ما دفع بالتجار إلى رفع أسعار الملابس ليتمكنوا من جني بعض الأرباح والتعويض عن خسارة توقف التصدير، فالتاجر لا يُـلام والزبون أيضا.
ناهيك عن حرمان الناس من مستحقاتهم المادية، فعشرات الأسر محرومة من مخصصات الشؤون الاجتماعية، وتأخُّر صرف المنحة القطرية التي خنقت الناس، ووقف استلام المساعدات من برنامج الغذاء العالمي، وقطع رواتب الأسرى، وتقليص خدمات “الأونروا” في العديد من القطاعات، وعدم التزام الدول المانحة بإعادة بناء ما دُمّر في غزة عام 2014، وما بعدها من جولات تصعيد شهدتها المنطقة والتي ساهمت بنمو نسبة الفقر لدى المواطنين في قطاع غزة.

فإذا لم يستطيعوا شراء ملابس جديدة سيذهبون بثيابهم القديمة ليشاركوا العيد مع أحبائهم، لأنّهم يُـكافحون لكسب السعادة والفرح، بل ويسرقونه من بين أنياب الاحتلال

المعاناة الأساسية تعود لمن دُمّرت منازلهم ولم يُعد بناؤها حتى يومنا هذا، فهم الآن يقبعون في بيوت مستأجرة بوعود وعهود كثيرة تُفيد بأنّهم عائدون لمنازلهم الأصلية، وبأنّه سيُـعاد بناؤها من جديد، لكنّ هذا السيناريو ليس بغريب، فهو يذكرنا عندما طُرد الفلسطينيون من بيوتهم في الأراضي المحتلة عام الـ48 ولم يأخذوا شيئاً من مقتنياتهم معهم على أمل العودة في أقرب وقت.. فهل سيناريو إعادة بناء المنازل المدمّرة هو الجزء الثاني من سيناريو العودة؟.

رغم الظروف الاقتصادية والنفسية الصعبة، إلا أنّ لسان حال أهل غزة ومقالهم دوما “نحب الحياة ما استطعنا إليها سبيلا”، فإذا لم يستطيعوا شراء ملابس جديدة سيذهبون بثيابهم القديمة ليشاركوا العيد مع أحبائهم، لأنّهم يُـكافحون لكسب السعادة والفرح، بل ويسرقونه من بين أنياب الاحتلال، لأنّ السعادة قرار في النفس ولا تُصنع بالمال بل بقلب قرر أن يكون سعيداً رغم ما يحيط به من حصار وقهر واضطهاد، فكل عام وغزة بخير، وكل عام وأهل غزة متفائلون واليأس بالمرصاد.

*صحافية فلسطينية


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , ,