“بأس جنين” والمخيّم الذي لا يُقهر

التصنيفات : |
يوليو 5, 2023 6:54 ص

*حمزة البشتاوي

في مخيّم جنين وما بين القذائف وزخات الرصاص تنهض المقاومة كحالة شعبية وتنظيمية، تكبر معها الحالة الثورية لدى أبناء مخيّم جنين الذي هُجّر معظم أبنائه من مدينة حيفا وقراها وجبال الكرمل وزرعين وصبارين، وأجزم وغيرها من المدن والقرى الفلسطينية.

والحالة الثورية في المخيّم تنتمي إلى زمن الشيخ الشهيد عز الدين القسام والثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936، وتكريماً للشيخ عز الدين القسام وللنموذج الثوري الذي يمثّله، عُرفت جنين ومخيّمها بـ”جنين القسام” كما عُرف المخيّم بأسماء مثل حاضن الأبطال وقلعة الثورة.

وتُعتبر جنين ومخيّمها من أشد المدن والمخيّمات الفلسطينية إيلاماً للاحتلال، بفعل ما يُبديه أهل مدينة جنين والمخيّم من بطولة وإصرار على التمسك بالمقاومة بمواجهة الاحتلال وإرهابه الدموي المجنون والذي نراه اليوم يجنّد حشوداً عسكرية كبيرة وطائرات ومدافع ثقيلة يمكن استخدامها من أجل احتلال دولة وليس اقتحام مخيّم مساحته أقل من نصف كيلومتر واحد.

وقف المخيّم كرجل واحد بمواجهة العملية العسكرية العدوانية لجيش الاحتلال، مجسِّداً أسمى معاني الوحدة الوطنية بين كافة أبناء الشعب الفلسطيني

ولكنّ مخيّم جنين الذي يمتلك ذاكرة من رائحة البارود والسواعد القوية، يدرك ما هي الحرب ويخوضها بجدارة الانتماء للقضية والوطن، مستعيداً سيرة أبطاله الشهداء ومنهم الشهيد يوسف ريحان أبو جندل والشهيد محمود طوالبة، ويقف المخيّم كرجل واحد بمواجهة العملية العسكرية العدوانية لجيش الاحتلال، مجسِّداً أسمى معاني الوحدة الوطنية بين كافة أبناء الشعب الفلسطيني، وبشكل خاص عبر الوحدة الميدانية التي تربك جيش الاحتلال وأجهزته الأمنية.

ويقوم شباب مخيّم جنين الذين تجمعهم روابط نضالية ومحاطون بالتحام جماهيري، بكسر بؤس اللحظة، ويواجهون الطائرات الحربية والمسيّرات والدبابات والآليات المصفحة، بإيمان مطلق بحقّهم وبقدرتهم على، تقديم حصة جديدة ومفيدة، في درس البطولة والتحدي والفداء، وتقديم نماذج مضيئة تضيء شعلة الأمل في حكاية المقاومة والدفاع عن الوجود والحقوق الوطنية المشروعة.

ومن يزور مقبرة الشهداء في مخيّم جنين سيرى أكثر من 200 ضريح لشهداء عُرفوا على أنّهم أبطال فرديون أو أسود منفردة، وبسبب عدوانية وإرهاب الاحتلال، سوف يسير على خطاهم أجيال من حملة البنادق ورايات الانتصار

ومن يزور مقبرة الشهداء في مخيّم جنين سيرى أكثر من 200 ضريح لشهداء عُرفوا على أنّهم أبطال فرديون أو أسود منفردة، وبسبب عدوانية وإرهاب الاحتلال، سوف يسير على خطاهم أجيال من حملة البنادق ورايات الانتصار.

وعن المخيّم وجنين واليقين بالقدرة على تحقيق الإنتصار بمجازه الأكيد، يقول محمود درويش: “إنّ مخيّم جنين علّم الأسطورة التواضع”.

ويقول الشاعر مظفر النواب عن المخيّم ومقاتليه: “لم يبقَ إلا النفوس فجادوا بها.. ظهرهم للجدار الأخير ليبقَ المخيّم عالياً مضاء الجبين”.

وأثناء وجوده في مخيّم جنين قال الشاعر سميح القاسم:

“إنّني أعاني من مرضين، المرض الهيّن وهو السرطان والمرض الصعب وهو الاحتلال، وسيأتي اليوم الذي يحتفل فيه أطفال وشباب جنين ومخيّمها بالنصر والخلاص من الاحتلال”.

وما نشهده اليوم، من عدوان على مخيّم جنين هو مناسبة للتأكيد بأنّ المخيم ببأس أبطاله يعود ليرويَ حكاية عشق لا ينتهي، بإرادة لا تُقهر، تروي خُضرة الظل وأزهار الحنين، التي هي أيضاً تقاتل كي تفشل هذه العملية العسكرية العدوانية كسابقاتها، ويعود المخيّم محرراً من الأسلاك والمجنزرات، ويُنجب -كعادته- زعتراً ومقاتلين.

*كاتب وإعلامي


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , , , , ,