سيكولوجية المستوطن: العنف أسلوب حياة

التصنيفات : |
يوليو 17, 2023 6:21 ص

*وسام عبد الله
حين نركز في أعين المستوطنين وهي تنظر إلى الفلسطيني في لحظة الاعتداء عليه بالضرب أو المرور أمامه، ندرك أنّ القضية الفلسطينية لا تُحل عبر تسويات سياسية، فهناك كيان بنيته وأساسه يرتكزان على كره الآخر والحقد وعدم الاعتراف بحقّه في الحياة.

روتين القتل
يستغل المستوطنون كل الفرص لمهاجمة الفلسطينيين، إن كان أثناء الأعياد مثل الاعتداءات على المصلّين في المسجد الأقصى في فترة الأعياد الإسلامية، أو على المصلّين خلال احتفالات أسبوع الآلام والفصح لدى الطوائف المسيحية، أو عندما يواجه الفلسطيني في يومياته اعتداءات همجية دون أي سبب سوى رغبة في محوه من الوجود ومن الذاكرة.
يدرك المستوطنون أنّ حكومتهم رغم كل القوى العسكرية التي تملكها، تبقى غير قادرة على السيطرة بشكل كامل على الشعب الفلسطيني وإنهاء مقاومته، ولا إمكانية لفرض تسلطهم على الناس إلا عبر العنف الجسدي والنفسي. فيتحول القتل والاعتداء إلى فعل يومي، يربطونه بعقيدتهم الدينية، القائمة بجوهرها على قاعدة “الوحشية” نتيجة الخوف الدائم من محيطهم.
عنف الدولة ينسحب حكماً على المستوطنين، فحين يكون القاضي ورجل المخابرات والجندي والإداريون وغيرهم من المسؤولين الاسرائيليين يمارسون العنف “قانونيا” تجاه الفلسطيني، فهم بالتالي سيكملون هذا النهج مع عائلاتهم ومحيطهم، وبدورهم سيطبقون هذا “القانون” على الشعب الفلسطيني.

شخصية المستوطن
لعلم النفس والاجتماع دوره في تحليل الشخصية وأسبابها ودوافعها لارتكاب العنف، إنّما للمواطن العادي، فلسطينياً كان أو عربياً أم أجنبيا، يكفي متابعة مسار “شخصية المستوطن” منذ إنشاء الكيان حتى اليوم، ليمتلك القدرة على توصيف السلوك غير الإنساني تجاه الإنسان الفلسطيني.

إنّ القتل مشرّع لهم للدفاع عن “أرض الميعاد “، فتتكون الشخصية عبر ضخ مستمر للعقيدة الصهيونية، حتى تصبح هي الحقيقة الثابتة


فمن العائلة والمدرسة تكون البداية، في زرع بذور الأفكار المتطرفة وتعزيزها دينيا، بأنّهم شعب الله المختار وكل من حولهم مجرد خدم لهم، وإنّ القتل مشرّع لهم للدفاع عن “أرض الميعاد “، فتتكون الشخصية عبر ضخ مستمر للعقيدة الصهيونية، حتى تصبح هي الحقيقة الثابتة بالنسبة له وما عداها هو “الخطأ” الذي يجب اقتلاعه من أرضه.
هل يملك المستوطن الإمكانية لعيش حياة طبيعية خالية من العنف؟، كيف يدخل بيته وتستقبله والدته؟، وهل يحكي لأطفاله كيف قتل طفلاً من عمرهم بدم بارد؟.. إنّ تراكم العنف لدى المستوطنين يولّد مجتمعاً قائماً على الإرهاب و”يتغذى” على فكرة “عدو” دائم يجب محاربته.

دون رادع
حين تؤمّن معظم دول العالم الحماية لـ”إسرائيل” ولحقّها الوجود، وتصمت عن جرائمها دون محاسبة، فمن الطبيعي أن يكوتن لدى المستوطن شعور بأنّه تحت مظلة تحمي أفعاله وتبررها.
لا قيمة لحياة الفلسطيني عندهم، إذ تتنصّل حكومة الاحتلال من كل القوانين والاجراءات العقابية لمحاسبة المستوطنين على جرائهم، بل تكتفي ببعض التوقيفات لمدة زمنية محددة، ليُصار إلى إطلاق سراحهم في ما بعد، دون تعويضات على الضحايا والمتضررين من الشعب الفلسطيني.

يتكامل المستوطن والجندي في إرهاب الفلسطيني، فالعسكري يحاصر قطاع غزة ويقصف جنين ويعتدي بالآلات العسكرية على الناس، والمستوطن في الداخل بين الأحياء وفي الشوارع  يحاصر الفلسطيني في تفاصيل حياته ويعتدي عليه بالضرب والتنكيل


يتكامل المستوطن والجندي في إرهاب الفلسطيني، فالعسكري يحاصر قطاع غزة ويقصف جنين ويعتدي بالآلات العسكرية على الناس، والمستوطن في الداخل بين الأحياء وفي الشوارع  يحاصر الفلسطيني في تفاصيل حياته ويعتدي عليه بالضرب والتنكيل، والاثنين -الجندي والمستوطن- لا رادع لهما، فلا قانوناً يردع ولا محكمة عسكرية تعاقب الجندي الصهيوني إذا قام بأي انتهاك، ولا سلطة قضائية تلاحق المستوطن، فالنظام القانوني في الكيان الصهيوني يحرم الفلسطيني من المطالبة بحقّه نتيجة الاعتداءات، فيلجأ إلى المنظمات الحقوقية والمحامين في محاولة، دون فائدة في الغالب، لتحصيل حقّه.
المقاومة في وجه المستوطن
في مواجهة هذا النموذج من مستوطن صهيوني، تُبنى حياته على إلغاء الآخر دون رادع، يبقى أمام الفلسطيني حل وحيد، مواجهته ومقاومته والاشتباك معه، إن كان عبر المواجهة العسكرية المباشرة وخاصة من خلال العمليات الفردية، أو عبر الصمود والتمسك بالأرض التي تشكّل محور الصراع مع العدو لأنّ هدف المستوطنيين هو الاستيلاء عليها وطرد أصحاب الأرض منها، وهنا يكون التكامل في الجرائم بين الحجر والبشر، عبر التوسع المستمر في بناء المستوطنات في القرى وبلدات الضفة المحتلة لتأمين تمدد إضافي وقاعدة انطلاق لمزيد من اعتداء قطعان المستوطنين المستمر على الفلسطينيين العُزّل.  
يشكّل المستوطن الصهيوني نموذجاً يُدرّس، كما قرأنا عن إبادة الهنود الحمر في أمريكا وأساليب التعذيب في إفريقيا.. إنّه جزء من الفكر الاستعماري والإلغائي مهما تبدلت مسمياته الدينية والفكرية عبر التاريخ.

*كاتب لبناني


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , ,