فشل مساعي التهدئة.. الأسباب المستترة لأحداث مخيّم عين الحلوة

التصنيفات : |
يوليو 31, 2023 2:14 م

*وفيق هواري – صمود:

حتى ساعة كتابة هذا التقرير، من عصر الاثنين 31 تموز/يوليو 2023، لم تنجح المساعي في الوصول إلى وقف إطلاق النار في مخيّم عين الحلوة، إذ ما زالت الاشتباكات مستمرة بين حركة فتح ومجموعات إسلامية متعددة منذ ليل السبت 29 تموز الحالي.

في تلك الليلة، كان يمكن وصف ما جرى بحادثة فردية، عندما أقدم أحد أفراد عائلة زبيدات المعروف باسم (الصومالي) على إطلاق النار على الإسلامي (أبو قتادة) وإصابته بجروح، وهو من المجموعة المعروفة باسم الشباب المسلم، وذلك ثأراً لعملية اغتيال قريبة تمّت قبل أشهر.

اغتيل العميد أبو أشرف العمروشي ومرافقيه في كمين أمني محكم، وهو في طريقه لتسليم “الصومالي” إلى السلطات اللبنانية، واتجهت الشبهات إلى مجموعة جند الشام

حصلت اشتباكات متفرقة إثر هذه الحادثة وجرت مساعٍ لتطويقها وتسليم “الصومالي” إلى السلطة اللبنانية، لكن يبدو أنّ هذه الحادثة الفردية فتحت الباب واسعاً أمام اشتباكات مستمرة منذ يومين، إذ جرت، صباح الأحد، عملية اغتيال لمسؤول قوات الأمن الوطني في منطقة صيدا العميد أبو أشرف العمروشي ومرافقيه في كمين أمني محكم، وهو في طريقه لتسليم “الصومالي” إلى السلطات اللبنانية، واتجهت الشبهات إلى مجموعة جند الشام بقيامها بعملية الاغتيال، وأدى ذلك إلى اشتباكات واسعة في مختلف أحياء مخيّم عين الحلوة، وطالت القذائف والرصاص شوارع مدينة صيدا والأحياء القريبة من المخيّم، ما دفع القوى الأمنية اللبنانية إلى إقفال الأوتستراد الشرقي في مدينة صيدا والذي يربط الجنوب بمدينة بيروت وتحويل السير إلى الأوتستراد البحري.

ونجحت مئات من العائلات الفلسطينية بالنزوح من مخيّم عين الحلوة إلى خارجه عبر حاجزي درب السيم والنبعة، كما نجحت عائلات لبنانية في النزوح من منطقة التعمير إلى أحياء صيداوية أخرى، في ما بقي عدد من العائلات في جامع الموصللي.

وقد توقفت الحياة العامة في مدينة صيدا، صباح الاثنين، حيث أُقفلت المؤسسات الحكومية والمدارس العامة والخاصة، وأعلنت “الأونروا” عن توقيف خدماتها في المخيّم المذكور، وأخلت إدارة مستشفى صيدا الحكومي المرضى الذين تمّ توزيعهم على مستشفيات المنطقة.

وما زالت الاشتباكات مستمرة بين منطقة جبل الحليب وحي حطين حيث تتمركز مجموعات إسلامية، وظهر اليوم حاولت مجموعات تتبع لبلال بدر شن هجوم على مواقع “فتح” في حي الطيري ورأس الأحمر، إلى جانب اشتداد المعارك في محيط مخيّم الطوارىء

وجرت أمس محاولة للتوصل إلى وقف إطلاق النار إثر اجتماع عُقد في مكتب حركة امل في حارة صيدا، بحضور هيئة العمل الفلسطيني المشترك وحزب الله، وجرى الاتفاق على وقف إطلاق النار عند السابعة مساء، لكنّ الاشتباكات اشتدت عند السابعة موعد وقف إطلاق النار.

وما زالت الاشتباكات مستمرة بين منطقة جبل الحليب وحي حطين حيث تتمركز مجموعات إسلامية، وظهر اليوم حاولت مجموعات تتبع لبلال بدر شن هجوم على مواقع “فتح” في حي الطيري ورأس الأحمر، إلى جانب اشتداد المعارك في محيط مخيّم الطوارىء الذي يقع داخل منطقة  التعمير ويسكنه 360 عائلة فلسطينية ويفصله عن مخيّم عين الحلوة حي المجموعة الخامسة من تعمير عين الحلوة الذي يسكنه 510 عائلات لبنانية وفلسطينية وسورية.

ما الذي يحدث في مخيّم عين الحلوة؟

يقول أحد الناشطين الفلسطينيين: “أعتقد أنّ ما يحدث هو معركة في إطار حرب السيطرة على المخيّمات الفلسطينية، إذ تشهد المخيّمات تنازعاً على مراكز السلطة فيها بين منظمة التحرير الفلسطينية وأساسها حركة فتح، وبين المجموعات الإسلامية كافة وبتغطية من حركة حماس، وهذا استكمال لما يحصل في الضفة الغربية حيث تسعى حماس للسيطرة عليها، وأتت زيارة مسؤول المخابرات الفلسطينية ماجد فرج مع فريق عمل خلال الأسبوع الماضي لنقاش المسؤولين الفلسطينيين المحليين حول الخطط الواجب اتباعها لضبط الوضع في المخيّمات والإمساك الأمني الجاد بالتعاون مع السلطات اللبنانية، وأعطى ملاحظة حول الترهل الذي أصاب الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وعند سفره أبقى على عدد من فريق عمله لاستكمال المهام التي يراها مناسبة لضبط وضع المخيّمات وعدم السماح باستخدام الورقة الفلسطينية في النزاع اللبناني والإقليمي”.

“إنّهم لا يريدون أن نساهم مع إخواننا في الضفة الغربية بالقتال ضد إسرائيل أو حتى تقديم المساعدة لهم، لذلك لجأوا إلى هذه المعركة لوضع حد لأي نشاط جدي ضد العدو”

من جهة ثانية، يرى فلسطيني آخر أنّ ما تقوم به “فتح” حالياً هي محاولة لمنع المشاركة في استكمال القتال ضد العدو الإسرائيلي “إنّهم لا يريدون أن نساهم مع إخواننا في الضفة الغربية بالقتال ضد إسرائيل أو حتى تقديم المساعدة لهم، لذلك لجأوا إلى هذه المعركة لوضع حد لأي نشاط جدي ضد العدو”.

لم يتوصل سعد وممثلو الأحزاب والفصائل إلى وقف لإطلاق النار وسحب المسلحين من المخيّم (صمود)

الصمت هو عنوان التحرك الفلسطيني بمختلف أطيافه، وإذ يطالب المسؤول الفلسطيني اللواء منير المقدح بوقف إطلاق النار وتشكيل لجنة تحقيق، ويتهم اللواء أبو عرب “جند الشام” و”الشباب المسلم” باغتيال العمروشي، فإنّ الاجتماع في مركز حارة صيدا لم يحقق أهدافه بوقف الاشتباكات، والاجتماع الذي عقده النائب أسامة سعد، اليوم، مع هيئة العمل المشترك وممثلي أحزاب لبنانية وفصائل فلسطيية لوقف إطلاق النار وسحب كافة المسلحين، لم يخرج بالنتجة المرجوة في ما أعلن سعد انتظار التهدئة في الساعات القادمة. والمعارك محتدمة والنزوح من المخيّم مستمر، وصيدا مدينة أشباح.

لكنّ الصامت الاكبر هو السلطة اللبنانية.


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , , , ,