تكلفة الدمار والإعمار في مخيّم عين الحلوة

التصنيفات : |
أغسطس 9, 2023 6:51 ص

*حمزة البشتاوي

نسبة إلى نبع ماء حلوة سُمّي مخيّم عين الحلوة بهذا الإسم، منذ إنشائه عام 1949، وقد تحول نبع الماء لاحقاً إلى موقف للسيارات، ومن موقف للسيارات إندلعت الإشتباكات الأخيرة في المخيّم بعد عملية إغتيال العميد أبو أشرف العرموشي، لتنطلق بعدها موجة من الدمار والخراب المخيف كدليل دموي يفاقم الواقع المأساوي، والتحديات الأمنية والإقتصادية والإجتماعية التي تخدش صورة ورمزية مخيّم عين الحلوة كعاصمة للشتات الفلسطيني في لبنان، وكونه المخيّم الأكبر والأكثر تعرضاً لأزمات متجددة تعصف به بين الحين والآخر.

وتبلغ مساحة مخيّم عين الحلوة حوالي 2,9 كلم ويسكنه قرابة الـ 80 ألف نسمة، وفيه شارعين رئيسيين هما الشارع الفوقاني والشارع التحتاني، وأحياء يبلغ عددها 31 حي أبرزها: حي الطيرة، حي الصحون، حي رأس الأحمر، حي المنشية، حي الصفصاف، حي عرب أبو شوشه، حي طيطبا، حي عمقا، حي صفوري، حي حطين، حي الطوارئ وحي البركسات.

وتتواجد في المخيّم عدد من الفصائل الفلسطينية وعدد من المجموعات المتشددة التي تشتعل بينها وبين حركة فتح إشتباكات أصبح البعض يربطها بصراعات مراكز القوى الفلسطينية للسيطرة على القرار الفلسطيني في المرحلة القادمة.

عُرفت الإشتباكات التي إندلعت يوم 30 تموز/يوليو الماضي بأنّها الأعنف من حيث التدمير والتهجير، حيث تسببت بنزوح كبير لأهالي المخيّم، وقُدّر عدد من نزحوا بأكثر من 20 ألف شخص، إضافة لتعرض أجزاء واسعة من المخيّم لدمار كبير

وعُرفت الإشتباكات التي إندلعت يوم 30 تموز/يوليو الماضي بأنّها الأعنف من حيث التدمير والتهجير، حيث تسببت بنزوح كبير لأهالي المخيّم، وقُدّر عدد من نزحوا بأكثر من 20 ألف شخص، إضافة لتعرض أجزاء واسعة من المخيّم لدمار كبير. وهذا ثمن يدفعه أهالي المخيّم وخاصة الفئات المهمشة منهم لصراعات لا دخل لهم بها لا من قريب ولا من بعيد. وهم لا يريدون سوى عدم تكرار تلك الإشتباكات. والقليل من الأمن والإستقرار، والتعويض عن خسائرهم في بيوتهم وأرزاقهم، في ظل ظروفهم المعيشية البائسة والأزمات التي تطاردهم بين الحين والآخر.

وفور توقف الإشتباكات عادت معظم العائلات إلى منازلها المدمرة والمحطمة النوافذ والأبواب، وبعضها غير صالح للسكن، ولكنّهم عادوا إليها، بالتزامن مع بدء الجهات المعنية والمسؤولة عن أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان بإطلاق الوعود حول إعادة الإعمار والترميم وتوزيع المساعدات، وقد قالت مديرة وكالة الأونروا في لبنان الدكتورة دوروثي كلاوس، إنّ “الأونروا تبحث عن كيفية مساعدة المتضررين بشكل عاجل وخاصة لنحو 600 عائلة، إضافة لمساعدة المتضررين اللبنانيين لأنّ الأضرار طالت المقيمين في المخيّم ومدينة صيدا والجوار، وهذا يحتاج أولاً إلى تقييم حجم الأضرار والدمار في المخيّم.

وقد بدأ أهالي مخيّم عين الحلوة وفور التأكد من سريان وقف إطلاق النار بتفقد وتقييم الأضرار التي لحقت بمنازلهم وأرزاقهم، وسط إنتشار الدشم والمتاريس بشكل مخيف وكذلك الخراب والدمار وآثار الحرائق والسواد، مع سؤالهم الملح حول من هي الجهة التي ستبادر إلى رفع الركام والأضرار ومن هي الهيئة التي ستتولى إعادة الإعمار.

قالت وكالة الأونروا بأنّها تعاقدت مع متعهد خاص لرفع الركام، وأنّ العام الدراسي لنحو 6 آلاف طفل فلسطيني في مخيّم عين الحلوة سوف يتأجل بسبب الأضرار الجسيمة التي تكبدتها المدارس

وهذه الأسئلة الملحة تُطرح دون توفر إجابات واضحة عليها بإستثناء ما قالته وكالة الأونروا بأنّها تعاقدت مع متعهد خاص لرفع الركام، وأنّ العام الدراسي لنحو 6 آلاف طفل فلسطيني في مخيّم عين الحلوة سوف يتأجل بسبب الأضرار الجسيمة التي تكبدتها المدارس، وهي تحتاج إلى مئات آلاف الدولارات من أجل إصلاحها، ومن غير الواضح من أين سيأتي التمويل لذلك، كما ربطت “الأونروا” توفر التمويل بتوفير حل مستدام وليس وقفاً قد يكون مؤقتاً لإطلاق النار، وهذا الربط لا يتناسب مع حجم معاناة الأهالي الذين يطالبون “الأونروا” بالتحرك السريع لتأمين مستلزمات إعادة إعمار المنازل والمحلات المدمرة وترميم المتضررة منها، بعيداً عن الذرائع والمماطلة والتسويف، لأنّ الظروف الحالية تتطلب تدخل عاجل وسريع لإعادة إعمار ما دُمّر في المخيّم حيث تُقدّر الخسائر فيه بـ10 ملايين دولار تقريبا.

وقد لا تكون تكلفة الإشتباكات التي أساءت للفلسطينيين ونضالهم وقضيتهم أقل بكثير من تكلفة الإشتباكات التي دمرت ممتلكاتهم، ورغم ذلك ما زال اللاجئون الفلسطينيون وخاصة في مخيّم عين الحلوة  يقولون بأنّ المخيم كان وسيبقى العنوان وأصل الحكاية في معركة الدفاع عن حقّ العودة ولو كره الكارهون.

*كاتب وإعلامي


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , ,