الخيارات الإسرائيلية في مواجهة تصاعد المقاومة: الحرب الأمنية والفتن الداخلية

التصنيفات : |
أغسطس 19, 2023 6:40 ص

*قاسم قصير

خلال الأشهر الأخيرة الماضية، برز بوضوح تصاعد دور قوى المقاومة في فلسطين ولبنان، وعجز العدو الصهيوني عن المواجهة المباشرة مع هذه القوى وعجزه عن إيقاف تصاعد العمليات في الضفة الغربية وفي بقية الأراضي المحتلة في فلسطين، كذلك عجز العدو عن فرض وقائع جديدة على الحدود اللبنانية – الفلسطينية وخصوصاً في منطقة كفرشوبا ومزارع شبعا، وفشله في إزالة الخيم التي نصبتها المقاومة على الحدود رغم كل الضغوط الدبلوماسية والإعلامية والعسكرية التي قام بها.

وأما عملياته العسكرية في مواجهة قوى المقاومة في فلسطين، ومنها استهداف مخيّم جنين وبعض المدن والبلدات الفلسطينية، فهي لم تحقّق أهدافها، بل إنّ قوى المقاومة واجهت العدو بقوة ومن خلال أساليب ووسائل وآليات عمل جديدة أثارت المخاوف لدى هذا العدو.

وعلى ضوء الفشل العسكري الذي يواجهه الاحتلال الصهيوني لضرب قوى المقاومة في فلسطين أو القيام بعمل عسكري أو شن حرب مباشرة ضد المقاومة في لبنان، ما هي الخيارات التي يمكن أن يلجأ إليها العدو الصهيوني وبدعم أمريكي أحيانا؟، وهل يمكن أن تؤدي الخيارات الإسرائيلية الجديدة ضد المقاومة لتغيير طبيعة المواجهة؟.

سيناريوهات الحرب القادمة

تقول مصادر مطلعة على أجواء قوى المقاومة في لبنان وفلسطين، إنّ أمام العدو عدة خيارات من أجل مواجهة قوى المقاومة لاضعافها أو الرد عليها وتوجيه ضربات قاسية لها، وهي ستتركز: أولا، على تصعيد الحرب الأمنية والقيام بعمليات عسكرية محدودة ونوعية، وثانيا، من خلال إثارة الفتن الداخلية ونقل المعركة إلى داخل البيت الفلسطيني والبيت اللبناني، وثالثا، إعادة تنشيط خيار التطبيع بين العدو الصهيوني والدول العربية (وفي مقدمتها السعودية) من أجل رسم مشهد سياسي جديد في المنطقة يغيّر في التوازنات القائمة اليوم، ولا سيما بعد الاتفاق السعودي – الإيراني.

سيسعى العدو للوصول إلى أي كادر مقاوم أو متخصص في مجالات قد تستفيد منها المقاومة، وخصوصاً في مجال الفيزياء والذكاء الإصطناعي أو الطائرات المسيّرة

وتشرح المصادر هذه الخيارات على الشكل التالي:

أولا: الخيار الأمني والعسكري، في هذا المجال سيعمل العدو الصهيوني على تصعيد عملياته الأمنية والعسكرية الموضعية في أي مكان يصل إليه، سواء داخل فلسطين المحتلة أو في لبنان أو في سوريا أو العراق، وصولاً إلى بعض الدول التي تدعم المقاومة كإيران، وكما سيسعى العدو للوصول إلى أي كادر مقاوم أو متخصص في مجالات قد تستفيد منها المقاومة، وخصوصاً في مجال الفيزياء والذكاء الإصطناعي أو الطائرات المسيرّة، كما سيعمد العدو إلى زيادة عمليات الاستقطاب للعملاء عبر مواقع التواصل الإجتماعي كما يجري في لبنان وفلسطين، وقد وصلت عمليات العدو إلى تركيا وماليزيا، وتوقعت المصادر المطلعة على أجواء المقاومة زيادة في العمليات الأمنية والعسكرية الموضعية من قِبل العدو الصهيوني لاستعادة زمام المبادرة.

يمكن الاستفادة من وسائل الإعلام أو بعض الجهات المعارضة للمقاومة من أجل الضغط على قوى المقاومة، وهذا ما شهدناه في لبنان خلال حادثة الكحالة أو حوداث أخرى تستهدف المقاومة أو ما يجري في غزة عبر الضغط الإقتصادي

ثانيا: خيار إثارة الفتنة، أو دعم عمليات استهداف من البيئات الشعبية ضد قوى المقاومة، حتى لو كان الذين يتحركون على الأرض ليسوا من العملاء، ويمكن الاستفادة من وسائل الإعلام أو بعض الجهات المعارضة للمقاومة من أجل الضغط على قوى المقاومة، وهذا ما شهدناه في لبنان خلال حادثة الكحالة أو حوداث أخرى تستهدف المقاومة أو ما يجري في غزة عبر الضغط الإقتصادي ومنع وصول الوقود لتشغيل الكهرباء من أجل إثارة المعارضة ضد قوى المقاومة، إضافة إلى إعادة تفعيل العلاقة مع السلطة الفلسطينية وزيادة التنسيق الأمني معها من أجل التضييق على المقاومين، وكذلك استغلال بعض الأحداث كما جرى في مخيّم عين الحلوة في جنوب لبنان.

وتُذكّر هذه الأوساط بما كان يجري في لبنان قبل الاجتياح الإسرائيلي في العام 1982، حيث كان عملاء العدو يشجعون على إثارة الخلافات والإشتباكات بين القوى الفلسطينية والوطنية من جهة، وبين أبناء الجنوب اللبناني من جهة أخرى، إضافة للقيام بعمليات أمنية في بيروت (الشرقية والغربية) من أجل زيادة الكراهية بين الشعب اللبناني وقوى المقاومة.

إنّ المعركة مع العدو الصهيوني ستتصاعد في كل المجالات، وستكون الغلبة للشعب الفلسطيني وقوى المقاومة

ثالثا: إعادة تنشيط خيار التطبيع بين بعض الدول العربية والعدو الصهيوني، وهذا ما قامت به الإدارة الأمريكية لإطلاق المفاوضات بين المملكة العربية السعودية والكيان الصهيوني، وكذلك عبر إعادة تفعيل التطبيع الشعبي والإعلامي والرياضي والفني والإقتصادي بين بعض الدول العربية والكيان الصهيوني، أو من خلال تأمين زيارة شخصيات فنية وإعلامية للكيان.

وفي الخلاصة، تؤكد هذه الأوساط أنّ المعركة بين العدو الصهيوني وقوى المقاومة ستأخذ أشكالاً جديدة، وأنّه إذا فشل العدو في الخيارات العسكرية الكبرى أو المفتوحة، فإنّه سيلجأ إلى خيارات أخرى، لكن رغم ذلك، فإنّ المعركة مع العدو الصهيوني ستتصاعد في كل المجالات، وستكون الغلبة للشعب الفلسطيني وقوى المقاومة، في حين أنّ الكيان الصهيوني يواجه مشاكل كبرى داخلية وخارجية، وإنّ مسيرة الإنحدار في دوره وموقعه تتجه إلى مزيد من الخطوات العملية ولن يستطيع استعادة زمام المبادرة مهما حصل.

*كاتب لبناني


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , , , ,