هل نصل إلى حلول سلمية في مخيّم عين الحلوة؟

التصنيفات : |
سبتمبر 1, 2023 7:26 ص

*خاص – صمود:

على الرغم من مرور شهر على الاشتباكات المسلحة التي حصلت في مخيّم عين الحلوة بين قوات الأمن الوطني ومجموعات إسلامية تكفيرية ومتشددة وأدت الى سقوط نحو 20 ضحية وعشرات الجرحى، وتمّ خلالها اغتيال أحد مسؤولي حركة فتح اللواء أبو أشرف العرموشي ومرافقيه، فما زال الهدوء الحذر مسيطراً على المخيّم والمناطق المحيطة به.

لقد نجحت الاتصالات التي جرت في الأسبوع الأول من شهر أب/ أغسطس 2023 بالتوصل إلى وقف إطلاق النار وتشكيل لجنة تحقيق بالحوادث التي حصلت، على أن يتبع ذلك تسليم المشتبه بهم بعملية الاغتيال إلى السلطات اللبنانية.

ماذا حصل خلال هذه الفترة؟

نزح آلاف من اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في مخيّم عين الحلوة إلى خارجه وعشرات من العائلات اللبنانية التي تضررت جراء الاشتباكات وخصوصاً العائلات المقيمة في منطقة تعمير عين الحلوة، وتحدثت المصادر عن تدمير وتضرر نحو 700 منزل في المخيّم، بالإضافة إلى الأضرار التي أصابت مدارس “الأونروا”، والتي احتلها المسلحون من مختلف الأطراف.

وأصدرت “الأونروا” بياناً يوم الأربعاء 30 آب/ أغسطس 2023، قالت فيه إنّ أياً من مدارس الوكالة الثمانية لن تكون متاحة لاستقبال التلاميذ البالغ عددهم 5900 تلميذ وتلميذة في الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 ما لم يتمّ تأمين مبلغ 15.5 مليون دولار للقيام بالتصليحات المطلوبة وذلك بعد سحب المسلحين من المدارس.

مع ملاحظة أنّ أحداً من السلطات اللبنانية المركزية أو المحلية لم يهتم بالنازحين اللبنانيين الذين دُمرت أو تضررت منازلهم.

وعلى رغم كل الاتصالات التي جرت خلال الأسبوعين الماضيين، فإنّها لم تسفر عن أي نتيجة بشأن تسليم المشتبه بهم

على صعيد آخر، وحتى مساء الأربعاء 30 آب/ أغسطس، لا جديد على صعيد تسليم المشتبه بهم، لقد أنهت لجنة التحقيق عملها وأبلغت هيئة العمل الفلسطيني المشتركة نتائج تحقيقاتها في اجتماع عام عُقد في سفارة فلسطين في بيروت بحضور مختلف الأطراف الفلسطينية المشاركة في الهيئة بالإضافة إلى ممثلي السلطة اللبنانية السياسية والأمنية، وممثلي حركة أمل والتنظيم الشعبي الناصري، وبقيت نقطة النقاش تتعلق برفض المجموعات المتشددة تسليم المشتبه بهم والذين ذكرهم تقرير لجنة التحقيق وهم:

-عز الدين إبراهيم أبو داود (فلسطيني)، عمر فايز الناطور (فلسطيني)، محمد أبو بكر ذوت (لبناني)، محمود علي عزب (فلسطيني)، فراس درويش الملاح (لبناني)، عثمان إسماعيل تكريتي (لبناني)، مصطفى الأحمد العاجوري (فلسطيني) وعبد شهاب قدور (لبناني).

وتجدر الإشارة إلى أنّ قدور هو ابن أحد مسؤولي فتح الإسلام الذي قُتل في معارك نهر البارد عام 2007.

وعلى رغم كل الاتصالات التي جرت خلال الأسبوعين الماضيين، فإنّها لم تسفر عن أي نتيجة بشأن تسليمهم، وقد عُقد اجتماع في مكتب الشيخ ماهر حمود في صيدا حضره ممثلون عن تيارات ومجموعات إسلامية مختلفة وناقشوا الوضع العام لكنّهم تجاهلوا مطلب تسليم المشتبه بهم إلى السلطات اللبنانية.

ودعا النائب د. أسامة سعد حركة فتح وعصبة الأنصار والحركة الإسلامية المجاهدة إلى اجتماع في مكتبه، لتذليل الصعوبات التي تمنع تسليمهم لكنّ الأجهزة الأمنية اللبنانية منعت ممثلي عصبة الأنصار والحركة الإسلامية المجاهدة من مغادرة المخيّم، وخصوصاً أنّهم مطلوبون للقضاء العسكري وأنّ تحركهم السابق وخروجهم من المخيّم والعودة إليه كان بسبب اتفاق سياسي سابق لتسهيل الوصول إلى حلول للمشكلات المتناسلة، لذلك عُقد الاجتماع في مخيّم عين الحلوة وأكد المجتمعون على حلحلة المشكلات التي حصلت بين الأطراف المذكورة خلال الاشتباكات الأخيرة، وأهمية تسليم المشتبه بهم.

وماذا على الأرض؟

يقول أحد المتابعين إنّ المجموعات المتشددة من جند الشام وفتح الإسلام والشباب المسلم ما زالوا يبنون التحصينات في مخيّم الطوارىء ومدارس الأونروا والمنطقة المحيطة بهم، ويقول مصدر مطلع إنّهم قاموا بتلغيم الشوارع والأزقة في مخيّم الطوارىء، وتلقوا مساعدات عسكرية ولوجستية من قوى فلسطينية ولبنانية. وقال مصدر آخر إنّ الجيش اللبناني اعتقل فلسطيني من آل عزب وهو يحاول إدخال أسلحة وذخيرة إلى المخيّم عبر مدخل الحسبة.

يقول ناشط فلسطيني: “إنّ العودة إلى مخيّم يسوده الهدوء والأمن يستلزم تعاوناً بين حركة فتح والأجهزة الأمنية اللبنانية لأنّ خطر ما سيحصل في حال حصول اشتباكات جديدة سيطال المخيّم ومناطق لبنانية مختلفة وخصوصاً أنّ مخيّم الطوارىء يقع داخل منطقة لبنانية بالكامل”.

في حال عادت الاشتباكات، فإنّ ذلك يعني نزوح أكثر من أربعين ألفاً من الفلسطينيين واللبنانيين المقيمين في المخيّم والمناطق المحيطة به إلى داخل المدينة والبلدات المحيطة بها، وسيولّد ذلك فوضى أمنية واجتماعية لا يمكن التكهن بنتائجها

ويضيف الناشط الفلسطيني: “إنّ ما يحصل يطيح بالمخيّم ويفقده البنية الاجتماعية الموحدة، وخصوصاً أنّها ليست المرة الأولى التي تحاول فيها تيارات متشددة تفتيت وحدة المخيّم الأمنية والسياسية. وخلال السنوات الماضية، جرت محاولات لتحويل المخيّم إلى مجموعة مخيّمات إذ تحوّل كل حي إلى مخيّم مستقل عن الآخر، وأرى أنّ عدداً من التنظيمات لن ياخذ موقفاً حاسماً من هذه المجموعات المتطرفة وينظر إليها وكأنّها من الجسم السياسي الوطني الفلسطيني، في حين أنّ التجربة تُظهر أنّهم مجموعات تسعى للتخريب وتنفّذ جدول أعمال قوى خارجية يهمها تشتيت الموقف الفلسطيني”.

إلا أنّ ناشطاً لبنانياً آخر ينظر إلى الموضوع بصورة أوسع ويعلق بالقول: “تركت الاشتباكات الأخيرة آثاراً سلبية على مدينة صيدا، إذ تحولت إلى مدينة أشباح إلى جانب الأضرار التي لحقت بمحلاتها، وبعد وقف إطلاق النار نزح عدد كبير من المخيّم يفتش عن شقق للإيجار في المدينة والجوار، لنتخيل أنّ الاشتباكات عادت، يعني ذلك نزوح أكثر من أربعين ألفاً من الفلسطينيين واللبنانيين المقيمين في المخيّم والمناطق المحيطة به إلى داخل المدينة والبلدات المحيطة بها، وسيولّد ذلك فوضى أمنية واجتماعية لا يمكن التكهن بنتائجها في ظل تحلل مؤسسات الدولة في مختلف الميادين”.

ويضيف: “لذلك، لا بد من ممارسة الضغط الشديد للوصول إلى حلول يجنب المنطقة ويلات حرب لا نعرف إلى أين تأخذنا”.

وماذا عن الغد؟

مجموعات متشددة، لكنّها تتلقى دعماً من أجل تفتيت المخيّم والإمساك بقراره، وقواعد حركة فتح وقوى الأمن الوطني التي تضغط من أجل تخليص المخيّم والمقيمين حوله من هذه المجموعات وتدعو إلى الحسم، لكن وكما يقول الناشط الفلسطيني “لا بد من تعاون بين الشرعية اللبنانية والشرعية الفلسطينية لإنقاذ المنطقة من الدمار”.

هل نصل إلى هذه النتيجة بدون اشتباكات جديدة، وتُمسك الشرعيتان بالأمن لتحقيق الأمان؟، بانتظار ما ستحمله الأيام القادمة من جديد.


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , , ,