من “ثمرات” أوسلو.. والسؤال الوحيد

التصنيفات : |
سبتمبر 22, 2023 6:08 ص

*أحمد حسن

بحسب تقرير فلسطيني حديث، فإنّ 40% من المساحة الاجمالية للضفة الغربية يخضع لسيطرة المستوطنات الإسرائيلية المباشرة، وأكثر من ذلك فقد قدّر التقرير، الذي أصدره “المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان” التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، أنّ عدد المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية وشرق القدس تجاوز 750000 ألف مستوطن، ما يشكّل سبعة أضعاف العدد الذي كان عليه الحال في العام 1993 عند توقيع اتفاقية أوسلو.

هذا يؤكد ما يعرفه الجميع، اتفاقية “أوسلو” التي نصّت على أنّه “لا يجوز لأي من الطرفين البدء أو اتخاذ أي خطوة من شأنها تغيير الوضع في الضفة وقطاع غزة لحين انتظار نتائج مفاوضات الوضع النهائي”، لم تكن بالنسبة للإسرائيليين إلا لحظة التقاط أنفاس، بعد انتفاضة الحجارة والمتغيرات العالمية حينها، ونقطة انطلاق مناسبة لاستيطان شامل لا يتوقف عند حد.

إنّ سلة هذه “المخاطر التي تواجهها الضفة” لا تتسع على ما يبدو لقضية الاستيطان المصيرية إلا كمطلب جانبي بالوقف لا الانهاء، أي الموافقة الفلسطينية على تمرير الاتفاق أولاً مقابل المال.. ثم يعود كل إلى ما اعتاده

بهذا المعنى، فإنّ تعداد أعداد المستوطنات والمستوطنين في الوقت الحالي، على أهمية ذلك، لم يعد مجديا، لأنّ المهم في الأمر هو الاستيطان ذاته، فكرة وهدفا، باعتباره الأداة الرئيسية للسيطرة الإسرائيلية التي لن تتوقف إلا بإجراء حقيقي رادع خاصة وأنّ التقرير ذاته يقول: “إنّ إسرائيل تجهّز خطة استيطانية تنطوي على عشرات المشاريع الاستيطانية بين بناء جديد، بما في ذلك مدن استيطانية جديدة، وبين إضفاء الشرعية على نحو 155 بؤرة استيطانية ومزرعة رعوية”.

وبالطبع، لا حاجة للتعبير عن خطورة هذا الأمر، ولا حاجة للقول إنّ رعاة “أوسلو” وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية لا يفعلون شيئاً تجاهه، لأنّ الطرف الفلسطيني في “أوسلو” لا يفعل شيئاً أيضا، فما يشغل “السلطة” حالياً هي أمور أهم وأخطر!، يأتي على رأسها كيفية استفادتها اقتصادياً فقط، كما كشفت تقارير عدة، عن اتفاق إسرائيلي – سعودي مزمع (لا يعنينا هنا الكلام عن تعرقل خطواته) للمساهمة “في تقوية السلطة ومنع انهيارها خلال الفترة الحالية والمقبلة، وسط المخاطر التي تواجهها في الضفة الغربية”، وهذا أمر مفهوم بطريقة أو بأخرى لولا أنّ سلة هذه “المخاطر التي تواجهها الضفة” لا تتسع على ما يبدو لقضية الاستيطان المصيرية إلا كمطلب جانبي بالوقف لا الانهاء، أي الموافقة الفلسطينية على تمرير الاتفاق أولاً مقابل المال.. ثم يعود كل إلى ما اعتاده، السلطة إلى عملها ودورها الأمني، والاحتلال إلى توسيع استيطانه وبالطبع تحت ظلال “المفاوضات.. المفاوضات.. المفاوضات” الدائمة والعبثيّة.

“لماذا تحاصرونني.. أنا أقاوم الاحتلال؟ أنا مطارد للاحتلال فما مشكلتكم معي؟ أنا لم أقترف أي شيء ضدكم”
(عدي الشحروري)

والحق، فإنّ انتخابات “فتح” القادمة و”إرث السلطة” هو ما يشغل الأوسلويون هذه الأيام وهذا يتطلب منهم إثبات جدارتهم، أمام صاحب الأمر، بأنّهم “الأفضل والأقدر على تغيير الواقع الأمني في الضفة الغربية”، وبدلاً من البناء، ولو لتحسين أوراق التفاوض، على ما قاله رئـيـس الأركان الـصـهـيـونـي الـسـابـق دان حـالـوتـس الذي أشار الى أنّ “كل نقطة نضع إصبعنا عليها في إسرائيل اليوم هي نقطة ضعف، المجتمع الإسرائيلي، الجيش، نظام التعليم، الاقتصاد، علاقات إسرائيل الخارجية، كل شيء، لا يوجد شيء واحد يمكن القول بأنّه طبيعي”، بدلاً من ذلك تستمر السلطة في تنفيذ “واجبها” الأمني في اعتقال المقاومين في مفارقة غريبة عبّر عنها بدقة لافتة “عدي الشحروري” المطارد المطلوب للاحتلال الإسرائيلي، حين قال في سؤال استنكاري موجهاً حديثه لأجهزة السلطة: “لماذا تحاصرونني.. أنا أقاوم الاحتلال؟ أنا مطارد للاحتلال فما مشكلتكم معي؟ أنا لم أقترف أي شيء ضدكم”، وهذا هو السؤال الحقيقي والوحيد.

*كاتب سوري


وسوم :
, , , , , , , , ,