“السامريون” في فلسطين.. بين التاريخ والهوية الملتبسة

التصنيفات : |
أكتوبر 3, 2023 9:03 ص

*منى العمري – صمود:

هم أقدم الطوائف الدينية في العالم وأصغرها. لكنّهم ينأون بأنفسهم عن اليهود، ويقولون إنّهم يمثّلون السلالة الحقيقية لبني إسرائيل، كما لا يتجاوز عدد أبناء الطائفة 800 فردا، ويعيشون في منطقتين فقط وهما: قرب جبلهم المقدّس جنوبي نابلس ومنطقة حولون في فلسطين المحتلّة.

أصولهم

بحسب معتقدات الطائفة، فإنّ أتباعهم يؤمنون بأنّ بني إسرائيل كانوا شعباً واحداً خلال سنوات سُمّيت “سنوات الرضا”، حتى نشأت خلافات بينهم أدّت إلى حروب وصراعات أضعفت الطرفين.

وانقسموا بعد ذلك إلى مملكتين: “يهوذا” وتمركزوا في القدس المحتلّة (اليهود)، والسامرة وتمركزوا في نابلس (السامريون).

كما أنّ مصطلح سامري هو مصطلح عبري مشتقّ من كلمة شامري أيّ “المحافظ” على الديانة السامرية.

كان مئات الآلاف من السامريين يعيشون في فلسطين، ولكن أدّت الحرب مع البيزنطيين بين عامي 529 و531 قبل الميلاد إلى تقلّص أعدادهم ومع وصول الإسلام إلى المنطقة تقلّصت أكثر

وفي هذا الصدد، أفادت صحيفة “الإيكونوميست” سابقاً بأنّ “أصل السامريين يعود إلى إبراهيم، ولكن قيام البابليين بأسر اليهود عقّد الأوضاع، فالسامريون يقولون إنّه بعد عودة اليهود من الأسر نسوا عاداتهم السابقة”.

وفي عصر المسيح، كان مئات الآلاف من السامريين يعيشون في فلسطين، ولكن أدّت الحرب مع البيزنطيين بين عامي 529 و531 قبل الميلاد إلى تقلّص أعدادهم ومع وصول الإسلام إلى المنطقة تقلّصت أكثر.

لغتهم

على صعيد اللغة المتداولة، فإنّ السامريين يحرصون على تعليم أطفالهم العبرية القديمة من أجل قراءة التوراة التي تحتفظ بها الطائفة كأقدم توراة في العالم بالأسفار الخمسة التي أنزلها الله على النبي موسى في جبل سيناء، إضافة إلى العربية والعبرية المتداولة بحكم منطقة السكن والعمل. (1)

الدين والعقيدة

بالرغم من أنّ الديانة السامرية تعتمد على التوراة، إلّا أنّها تختلف عن اليهودية التي يعتبرها السامريون أنّها تعتمد على توراة محرّفة.

كما يوجد معبدهم القديم على قمة جبل جرزيم القريب من نابلس، والذي يعدّه السامريون أكثر قدسية من القدس المحتلة، باعتباره مكاناً شهد العديد من أعمال الأنبياء من نوح وإبراهيم ويعقوب وموسى وغيرهم..

ترتكز الديانة السامرية على خمسة أركان أساسية هي:

  • وحدانية الله الواحد الأحد.
  • نبوءة موسى بن عمران كليم الله ورسوله.
  • التوراة (أسفار موسى الخمسة وهي التكوين والخروج واللاويين والعدد والتثنية).
  • قدسية جبل جرزيم قِبلة السامريين.
  • اليوم الآخر وهو يوم الحساب والعقاب.

وكل سامري لا يؤمن بالأركان الخمسة هذه، لا يُعتبر سامريا.

لا يجوز للسامري أن يزاول أي عمل يوم السبت مهما كان نوعه، سوى تحضير طعام بارد

ولقدسية يوم السبت هناك سبع صلوات، يؤديها السامريون في الكنيس السامري، بإمامية أحد الكهنة، ولا يجوز للسامري أن يزاول أي عمل يوم السبت مهما كان نوعه، سوى تحضير طعام بارد.

ولديهم سبعة أعياد، هي: عيد الفصح، الفطير، الحصاد لاستقبال فصل الحصاد، رأس السنة، الصوم (الغفران)، العرش لاستقبال المطر وعيد نهاية الأعياد. (2)  

وفي هذا السياق، أوضح ابن الطائفة الكاهن حسني السامري أنّ الحج السامري هو “التقرّب من رب العالمين، كأقرب مكان إلى الله، ألا وهو الصعود إلى قمة هذا الجبل المقدس جرزيم، حيث يستجيب الله إلى كل الدعوات والإستغاثة من هناك”. (3)  

قيم وعادات

من العادات التي يتمسّك بها السامريون:

  • تقديم الأضحية الحيوانية.
  • السامريون لا يتزوجون ولا يزوجون أحداً من غير الطائفة، وكل من يفعل ذلك يعتبر خارجاً عنها، في محاولة للحفاظ على وجود السامريين وبقائهم، ولكن بسبب قلّة عددهم وبالتحديد الفتيات، يتوجّه بعض شباب الطائفة إلى الزواج من فتيات من أوكرانيا أو أذربيجان والمناطق المحيطة بها، شرط اتباعهنّ التعاليم الدينية السامرية.
  • الإلتزام بالعادة الشهرية للمرأة، إذ تُمنع السامرية في فترة الحيض من لمس أي شيء في المنزل حتى أولادها، أو إعداد الطعام، ويكون لها ركن خاص بها، وكذلك الأمر بعد الولادة، إذ تقضي المرأة في ركنها الخاص 41 يوماً إذا كان المولود ذكراً و80 يوماً إذا كانت بنتا، ولكنّها خلال هذه الفترة تستطيع أن تمارس تعليمها وعملها والتنزه شرط أن يكون خارج نطاق الطائفة.
  • لا يأكلون أي طعام مطبوخ خارج بيوتهم، ويحرّمون اللحوم المذبوحة على غير شريعتهم.
  • يقرأون الطالع من خلال علم الفلك وتحليل إسم وتاريخ ميلاد الشخص، لكنّهم يحرّمون السحر والشعوذة.
  • يتجنبون دراسة الطب، إذ أنّ معتقداتهم الدينية تحرّم عليهم ممارسة الجراحة ويرون فيها تدنيساً للجسد الآدمي. (4)

ثلاث جنسيات

سكنُ السامريين في منطقة فلسطينية يوحي بأنّهم يحملون الجنسية الفلسطينية وعندما تصل إلى الجبل تجد أنّ سياراتهم تحمل لوحات صفراء، ما يشير إلى أنّهم “إسرائيليو الجنسية”، ولكنّ المفاجأة أنّهم يحملون ثلاث جوازات سفر: أردنية وفلسطينية و”إسرائيلية”، وذلك بسبب التقسيمات الإدارية لجبل جرزيم التي فرضتها “إتفاقية أوسلو” بين الفلسطينيين والصهاينة في العام 1993. (5)

لا قيمة لهم في الكيان

كونها طائفة هي الأصغر في العالم وبحكم أنّ أتباعها أقلّية فهي تنقسم في العيش بين المجتمعين الفلسطيني و”الإسرائيلي”، وتشارك في الإنتخابات بين شقي الخط الأخضر (جبل جرزيم بالضفة الغربية المحتلة ومنطقة حولون في فلسطين المحتلة)، وتدرك عدم تأثيرها الكبير جراء ذلك، إلا أنّها تَنتخب.

يعتبرون أنفسهم “جسر سلام” بين الفلسطينيين والإسرائيليين

يؤكّد كاهن الطائفة في نابلس حسني السامري لـ”الجزيرة نت” أنّ “مشاركتهم في الإنتخابات الإسرائيلية مثل عدمها، وهي دفع للحرج كونها لا تنعكس عليهم سياسياً في البرلمان أو حكومة الاحتلال الإسرائيلية، لكنّها مهمة وتدعم وجودهم، وخاصة أبناء الطائفة في حولون الذين لهم ارتباطات مباشرة مع الإسرائيليين”.

ويضيف: “كونهم أقلية فعلى “إسرائيل” أن تحافظ عليهم، وخاصة أنهم لا يتدخلون بسياسة الحكومتين الإسرائيلية والفلسطينية، ويعتبرون أنفسهم “جسر سلام” بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ولا يمكنهم أن يكونوا في غير دور الوسيط بحكم واقع العيش في “إسرائيل” ومصالح السامريين وحاجاتهم”.

العكس تماماً هنا

يؤكّد الكاهن حسني السامري أنّ: “مشاركة السامريين بانتخابات الفلسطينيين لا تُبنى على مصالح مادية بقدر ما هي عرفان “بالإحترام والثقة” التي حظوا بها بتخصيص مقعد لهم في المجلس التشريعي الفلسطيني وإشراكهم بالحياة السياسية بوصفهم جزءاً أصيلاً من الشعب الفلسطيني، لكنّ الإنتخاب لا يعني تأييدهم لطرف على حساب آخر”.

ويُرجع الكاهن السامري عدم إشراك الاحتلال لهم في الحياة السياسية بسبب اعتبارهم أنّهم “أعداء وشواذ”، أيّ من غير اليهود وأهل التوراة، ويعيب الاحتلال ذلك عليهم.

بحكم اندماج السامريين بالمجتمع الفلسطيني، حظوا باهتمام سياسي واجتماعي أكبر منه في “إسرائيل”

وفي سياقٍ آخر، يقول الكاهن: “إنّنا عندما نرى السلطة الفلسطينية تقدّرنا وتحترمنا وتعتبرنا جزءاً أصيلاً من الشعب الفلسطيني نقدّر ذلك”.

ويتّفق الباحث في مؤسسة جمعية الأسطورة السامرية والمتخصص بشؤون الطائفة السامرية إيهاب يوسف ألطيف، مع ما يذهب إليه الكاهن حسني حول أنّ مشاركتهم في الحياة السياسية بين شقي الخط الأخضر أزلية، وتهدف إلى المحافظة على أوضاعهم ووجودهم لكونهم أقلية لها استقلاليتها في المقام الأول.

ويقول ألطيف: “بحكم اندماج السامريين بالمجتمع الفلسطيني، حظوا باهتمام سياسي واجتماعي أكبر منه في “إسرائيل”، إذ شغل أحدهم عضو بلدية نابلس في ثلاثينيات القرن الماضي، ومنحهم الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات مقعداً في المجلس التشريعي عام 1996، والآن عُيّن أحدهم سفيراً برتبة وزير في وزارة الخارجية”. (6)

*المصادر المتعلّقة:

  1. https://www.independentarabia.com/node/13146
  2. https://www.bbc.com/arabic/middleeast-
  3. https://www.alaraby2.com/news/%D9
  4.  https://www.alanba.com.kw/BBCNews/2203
  5. https://www.independentarabia.com/node/1314
  6. https://www.aljazeera.net/politics/2021/3/17

وسوم :
, , , , , , , , , ,