يوم التراث الفلسطيني: المخزون التاريخي ومنبع الحكاية

التصنيفات : |
أكتوبر 7, 2023 6:33 ص

*حمزة البشتاوي

 في فلسطين التي كانت وستبقى ملتقى الحضارات على مر العصور، يوجد تراث غني وعريق، حيث تجد في كل مدينة وبلدة وقرية آثار نادرة ومعالم تراثية قديمة يعود بعضها إلى العصور الكنعانية والرومانية والبيزنطية والحقب الإسلامية المختلفة، وهو ليس موروثاً ثقافياً تتناقله الأجيال فحسب، بل هو عمل إنساني وحضاري ساهم في تشكيل الهوية الوطنية للشعب الفلسطيني.

ويؤدي التراث الوطني الفلسطيني دوراً هاماً على صعيد تعميق الشعور بالإنتماء للوطن والتاريخ المشترك المتمثّل بوحدة العادات والتقاليد التي يحافظ عليها الفلسطينيون داخل وطنهم وفي الشتات، رغم الحرب الشعواء التي يتعرض لها تراثهم وذلك بهدف تهويده وإضفاء الصبغة الإسرائيلية عليه وإلغاء هويته الفلسطينية وإضعافه ومحوه كي يتحوّل الاحتلال من وهم زائل إلى حقيقة ثابتة، وذلك عبر ممارسة المزيد من عمليات التزوير والتحريف.

وقد طالت عمليات سرقة التراث الفلسطيني الأزياء الشعبية والإدعاء بأنّها ملابس إسرائيلية عبر ارتدائها من قِبل مضيفات شركة طيران العال الإسرائيلية وكذلك ارتداء وزيرة الثقافة (الإسرائيلية) لفستان عليه صورة مدينة القدس المحتلة في محاولة لقلب الحقائق وتباهي السارق بما سرق، وكذلك سرقة الأكلات والحلويات الشعبية كالقطايف والحمص والفلافل، والقيام بإطلاق الأسماء التوراتية على عدد من المدن والبلدات والقرى الفلسطينية، دون أن يغيّر ذلك من حقيقتها وحقيقة الصراع القائم ما بين نقيضين يسعى فيه الفلسطينيون لتثبيت الحقيقة بينما يسعى الاحتلال إلى قلب الحقائق، وهذا ما يجعل الصراع  محتدماً  أكثر في ما يتعلق بالوجود والهوية والتراث.

يوجّه الفلسطينيون من خلال إحيائهم ليوم التراث رسالة للعالم بأن لا مكان للاحتلال وروايته المزيفة على أرض فلسطين، ويؤكدون في هذا اليوم وبأشكال إبداعية مختلفة على الرواية الأصلية والأصيلة في مواجهة رواية النقيض المزيفة للاحتلال

ويحيي الفلسطينيون في السابع من شهر تشرين الأول/أكتوبر من كل عام يوم التراث الفلسطيني من خلال تنظيم العديد من الأنشطة والمعارض والفعاليات بهدف الحفاظ على تراثهم من السرقة والنسيان، وكرد على محاولات الكيان الصهيوني لتشويه تراثهم المادي والمعنوي، الذي يشكّل بالنسبة لهم مصدراً أساسياً لحكاية وجودهم على أرضهم بمخزونه التاريخي المليء بالرقي والجمال والعراقة والفنون التي يسعى الاحتلال لسرقتها بهدف تدمير البيئة المجتمعية والثقافية وسرقة التاريخ والذاكرة والمكان.

ويوجّه الفلسطينيون من خلال إحيائهم ليوم التراث رسالة للعالم بأن لا مكان للاحتلال وروايته المزيفة على أرض فلسطين، ويؤكدون في هذا اليوم وبأشكال إبداعية مختلفة على الرواية الأصلية والأصيلة في مواجهة رواية النقيض المزيفة للاحتلال.

كما تحضر في هذا اليوم داخل فلسطين وفي مخيّمات الشتات ذكريات الأجداد وكفاحهم البطولي للحفاظ على الرواية الفلسطينية وتمكينها وتعزيزها بمواجهة حرب الإلغاء والمحو والسلب والنهب التي يمارسها الاحتلال من خلال محاولاته المستمرة لسرقة الأرض والتاريخ والشواهد والأسماء التي ورثها الفلسطينيون كما ترث الأرض ترابها ويأخذ التراث بعداً وطنياً كفاحياً في ثقافة الشعب الفلسطيني لتأكيد حقيقة وجوده الراسخة في الزمان والمكان، بتواصل لا ينقطع ما بين الماضي والحاضر والمستقبل، ويحافظون على تراثهم الذي يشكّل بالنسبة لهم شهادة انتماء معمدة بروحهم ودمهم جيلاً بعد جيل مؤكدين بأنّهم  وحدهم أصحاب التراث  والتاريخ والأرض وحكايات الزعتر و الزيتون وأغاني بيارات البرتقال وأزهار الياسمين.

*كاتب وإعلامي


وسوم :
, , , , , , , , ,