“طوفان الأقصى”: نتائج أبعد من المعركة العسكرية

التصنيفات : |
أكتوبر 12, 2023 5:00 ص

*وسام عبد الله

ينتشلنا الشعب الفلسطيني بصموده ومقاومته كل مرة من قاع اليأس والتعب، ليعيد ترتيب الأولويات التي يحاول الاحتلال تبديلها عبر الحصار العسكري والاقتصادي وسياسة التجويع ضد شعوب المنطقة، فكانت عملية عبور المقاومين صباح يوم السبت إلى المستوطنات وأسرهم لجنود صهاينة، فعلاً وليس ردا، على كل ما نعيشه في يومياتنا.

إعادة تصويب البوصلة

في الأسابيع الأخيرة، أخذت الأحداث في مخيّم عين الحلوة جنوب لبنان، انطباعاً بأنّ هناك من تخلّى عن قضيته من أجل صراعات داخلية، وأنّ الهدف جزء من عملية تدمير ممنهجة لمخيّمات الشتات لإبعاد الفلسطينيين عن حقّهم في العودة إلى بلدهم. فانطلقت أصوات من سياسيين وإعلاميين لبنانيين تهاجم اللاجئين الفلسطنيين تحت عباءة الخوف على البلدات اللبنانية المحيطة، ولكنّ نبرتها أوضحت الاستخدام السياسي الهادف إلى ضرب المخيّمات.

أعاد المقاومون الفلسطينيون تثبيت وتأكيد وجهة البوصلة نحو العدو الحقيقي والفعلي، وتشكيل نموذج حقيقي موجود ولكن يهتز بين الحين والآخر بسبب التجاذبات بين الفصائل، وأكدوا على ضرورة وحدة الصف والنهج، والابتعاد عن زواريب سياسية صنعها الاحتلال خدمة لمصالحه ومن خلفها إجرامه المتصاعد.

خلال السنوات الماضية، عملت وسائل إعلام عربية على تسخيف، والاستهزاء بكل العبارات والكلمات التي تقع في مدار المقاومة مثل “الصراع العربي – الصهيوني” أو “تحرير فلسطين” وغيرها، والهدف منها تدمير صورة القضية الفلسطينية لدى الفئات الشابة وتحييدهم عنها

الإعلام والمقاومة

خلال السنوات الماضية، عملت وسائل إعلام عربية على تسخيف، والاستهزاء بكل العبارات والكلمات التي تقع في مدار المقاومة مثل “الصراع العربي – الصهيوني” أو “تحرير فلسطين” وغيرها، والهدف منها تدمير صورة القضية الفلسطينية لدى الفئات الشابة وتحييدهم عنها، ومحاولة إيصال رسالة مفادها بأن لا أمل بعد اليوم من فلسطين وكل من يرتبط بها سيتعرض للأزمات الاقتصادية والمعيشية وهذا ما نشهده في لبنان ودول الممانعة في السنوات الأخيرة.

 المؤكد أنّ قسماً من الشباب تأثّر بها، لكنّ المتابع لصفحات التواصل الإجتماعي وردود أفعال الشباب على عملية المقاومة، يدرك أنّ الأمر لم يحقّق هدفه بالكامل، فرغم كل التعب والمآسي وتردّي الأوضاع الحياتية، ظهر التفاعل وكأنّ كل الضخ الإعلامي لم يكن له وجود بالأصل، وأنّ العيون شاخصة دائماً نحو الحدث الفلسطيني.

حاصر جيش كامل مخيّم جنين، ليظهرَ فشله الاستخباراتي في قطاع غزة، فكأنّ كل ما حاول تحقيقه من خرقٍ على جبهة المخيّم، انهار مع عبور المقاومين نحو المستوطنات في لحظة مفاجأة بالنسبة لجيش الاحتلال، وحتى لأكثر المتفائلين الذي لم يكن يتوقع حدوثها

مخيّم جنين

حين اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي مخيّم جنين قبل أشهر، حاولت تحقيق مروحة من الأهداف، منها ضرب المقاومة في قلب الضفة الغربية وكسر إرادة الفصائل الفلسطينية في مختلف المناطق وخاصة في قطاع غزة. ومعظم الدراسات الإسرئيلية التي أُنجزت على أساسها كانت تدعو إلى استمرار العملية وتوسعتها نحو مختلف المناطق وعلى كافة الفصائل.

حاصر جيش كامل مخيّم جنين، ليظهرَ فشله الاستخباراتي في قطاع غزة، فكأنّ كل ما حاول تحقيقه من خرقٍ على جبهة المخيّم، انهار مع عبور المقاومين نحو المستوطنات في لحظة مفاجأة بالنسبة لجيش الاحتلال، وحتى لأكثر المتفائلين الذي لم يكن يتوقع حدوثها.

التطبيع

دخلت العديد من الدول العربية في مسار التطبيع، وظهر إلى العلن ما كان يجري في السر، من زيارات لمسؤولي الاحتلال إلى عواصم عربية للمشاركة بمؤتمرات وندوات، على الرغم من كل الحديث الجانبي عن أنّ القضية الفلسطينية تبقى هي الأساس، فظنّ كثيرون أنّ الأمور تتجه إلى التخلي عن فلسطين وبقاء شعبها وحيدا.

تبدلت الرؤية، لمن حاول النظر إلى 30 عاماً قادمة لم يتمكن بصره وبصيرته من رؤية الأرض الفلسطينية وقدرة المجتمع على الاستمرار في المقاومة، إضافة إلى تخلّيه عن رمز أساسي للشعوب العربية والإسلامية والأحرار في العالم، فيتخلى عن شرعية تُعطيها فلسطين لدى الشعوب لمن يدافع عنها، فلا يمكن الجمع بين التطبيع والقضية.

*كاتب لبناني


وسوم :
, , , , , , , , , , , ,