11 يوماً على معركة طوفان الأقصى: التطورات العسكرية والاحتمالات المقبلة

التصنيفات : |
أكتوبر 17, 2023 6:06 ص

*قاسم قصير

بعد 11 يوماً على بدء “معركة طوفان الأقصى” التي أطلقتها حركة حماس وشاركت فيها لاحقاً كل قوى المقاومة في فلسطين ولبنان، كيف تبدو الصورة اليوم على صعيد التطورات العسكرية؟، وما هي الاحتمالات المقبلة؟، وما هو المطلوب اليوم؟.

هنا تقدير موقف من خلال مجموعة من المعطيات والمعلومات من مصادر متعددة في قوى المقاومة وبعض الأوساط الدبلوماسية العربية والأجنبية.

على الصعيد العسكري

يستكمل الجيش الإسرائيلي بناء جهوزيته تمهيداً للدخول البري إلى قطاع غزة وينتظر وصول احتياطه من الجنود المتواجين خارج الكيان في كل دول العالم.

والهدف حاليا، تمهيد الأرض لعملية التوغل البري للحصول على نصر معنوي مقابل الهزيمة التي واجهها الكيان الصهيوني في معركة طوفان الاقصى، لكنّ المعركة أمامها تحديات عديدة عسكرية وأمنية ولوجيستية ودبلوماسية.

وخلال الأيام القريبة، سيسعى سلاح الجو في الجيش الإسرائيلي، لاستكمال المرحلة الأولى من الحرب الهادفة، إلى ما يلي:

1- تدمير قطاع غزة.

2- تهجير السكان وارتكاب المجازر لإخضاع الشعب والضغط على المقاومة.

3- النيل من قدرات المقاومة العسكرية والصاروخية منها تحديدا.

أهم هدف سيكون لصالح المقاومة هو انتظار التوغل البري لجيش العدو لإلحاق العدو بالمزيد من الضرر والخسائر وتحديداً في صفوف جنوده وجعله في حرب دون أفق، وبدء حرب استنزاف صعبة ستكون مدخلاً لطرح الحلول السياسية أو إيقاف النار

وبالمقابل، فإنّ قوى المقاومة في غزة تعمل على تحقيق الأهداف التالية:

1- استمرار إطلاق الصواريخ التي تطال بها كل مستوطنات العدو وصولاً لتل أبيب والشمال.

2- استمرار أشغال العدو في منطقة الضفة الغربية وقريباً داخل أراضي العام 48.

3- القيام بالعمليات الأمنية خلف الخطوط.

4- الاحتماء داخل المناطق المحصنة حتى انتهاء مرحلة التدمير الاولى.

5- وأهم هدف سيكون لصالح المقاومة هو انتظار التوغل البري لجيش العدو لإلحاق العدو بالمزيد من الضرر والخسائر وتحديداً في صفوف جنوده وجعله في حرب دون أفق، وبدء حرب استنزاف صعبة ستكون مدخلاً لطرح الحلول السياسية أو إيقاف النار.

حيث يمكن للإسرائيلي أن يقول: لقد سوّيت غزة بالأرض وضربت واستهدفت عشرات الآلاف من الأهداف كتعويض عن الخسائر وكل ما حصل لديه.

وطبعا، العملية البرية لن تكون سهلة وهناك معارضة دولية وإقليمية لها وحتى من داخل الكيان الصهيوني، ولذا فإنّ الأمور لن تكون سهلة أمام الجيش الإسرائيلي.

استراتيجية محور المقاومة والحرب الشاملة

أما على صعيد محور المقاومة، فهناك تطورات عديدة مهمة ينبغي الإشارة إليها:

1- استمرار حزب الله وقوى المقاومة بإشغال العدو بالمزيد من العمليات المتفرقة المدروسة ضمن قواعد الاشتباك عند الحدود مع لبنان وفي منطقة الجولان، وتتطور العمليات بحسب الأوضاع كجزء من سلسلة ردود قد تتجاوز حدودها لاحقاً في حال تطورت مرحلة الاستهداف الجوي لقطاع غزة.

هناك احتمال غير مستبعد من تحول التطورات إلى حرب شاملة لن يكون الشرق الأوسط حدودها فقط، بل قد تشارك فيها قوى دولية واقليمية، ولن تكون روسيا والصين بعيدة عنها

2- تصعيد كبير والتحول من سلسلة ردود إلى أيام قتالية عند البدء في التوغل البري في قطاع غزة وتطوير جبهة سوريا وحصول أعمال أمنية من جهة الأردن ومصر ودول عربية أخرى كما حصل في دبي مؤخراً (نفت الإمارات تعرض 4 إسرائيليين للطعن في إمارة دبي) وقد تمتد إلى مناطق أخرى.

3- هناك احتمال كبير لتدحرج الموقف إلى معركة شاملة أو واسعة في حال كانت ظروف المقاومة في قطاع غزة صعبة جداً أو حصل تدخل دولي من المحور الغربي الداعم للكيان الصهيوني، وبالمقابل، سيسعى محور المقاومة لتوسيع العمليات وإدخال اليمن والعراق ودول أخرى في المعركة.

4- وهناك احتمال غير مستبعد من تحول التطورات إلى حرب شاملة لن يكون الشرق الأوسط حدودها فقط، بل قد تشارك فيها قوى دولية واقليمية، ولن تكون روسيا والصين بعيدة عنها.

لكن، في حال تطورت الأوضاع الميدانية بما لا يخدم الكيان الصهيوني وحلفاءه، فحينها يبدأ العالم، كما حصل في حرب تموز 2006، بالتحرك لطلب وقف إطلاق النار والدخول على خط التسويات وستكون أمريكا أول من ستطلب وقف الحرب لأنّها لا تريد أن تتدحرج الأوضاع لحرب إقليمية، فروسيا وما لديها من أهداف عالمية أهم من تفاقم الأمر في الشرق الأوسط.

إما الذهاب إلى مفاوضات جديدة للتسوية أو يكون ما جرى خطوة في طريق الانتصار الكامل على الكيان الصهيوني وفرض معادلات جديدة في كل المنطقة

وعلى ضوء التطورات الميدانية وفي حال نجحت قوى المقاومة في قطاع غزة بالصمود وتوجيه ضربات قاسية للجيش الإسرائيلي بمواكبة من بقية قوى المقاومة فإنّ ذلك سيشكّل انتصاراً كبيراً للمقاومة في غزة أو للمحور ككل وبدء مرحلة جديدة في سياق القضية الفلسطينية ككل، وسيكون الكيان الصهيوني وحلفاؤه أمام مرحلة جديدة، فإما الذهاب إلى مفاوضات جديدة للتسوية أو يكون ما جرى خطوة في طريق الانتصار الكامل على الكيان الصهيوني وفرض معادلات جديدة في كل المنطقة.

ورغم أنّ هدف العدو الإسرائيلي اليوم، يتركز حالياً على قطاع غزة ولكنّ عينه على حزب الله والمقاومة في لبنان، أي أنّ حشده لنصف مليون جندي ليس فقط لأجل تدمير قطاع جغرافي لا يتسع لمئة ألف جندي إنّما كما يظهر من التحضيرات والتقديرات أنّ هذا التحضير هو لفتح حرب تهدف إلى تدمير وسحق حزب الله في حال تمكنوا من المقاومة في غزة، ولذلك، فإنّ قوى المقاومة تتحضر لكل الفرضيات وتتابع عن كثب الأوضاع، وترسل برسائلها بالصواريخ أحياناً وعبر الهجمات في شمال فلسطين أحيانا أخرى، ليعرف العدو أنّ هناك من ينتظره ويتابعه.

وكل ذلك يعني أنّ المعركة ليست محصورة في قطاع غزة بل تشمل المنطقة كلها ونتيجة هذه المعركة سيكون لها تداعيات على الأوضاع الإقليمية والدولية وهذا يتطلب الاستعداد لكل الاحتمالات والتحضير لكل الخيارات في جميع المجالات، لأنّ المعركة ليست عسكرية فقط بل هي إعلامية ونفسية وإجتماعية ودبلوماسية، والأهم وحدة الموقف الداخلي والوطني والإسلامي وعدم الغرق في الخلافات أو في بثّ رسائل الإحباط والتهوين والتشكيك.

*كاتب لبناني


وسوم :
, , , , , , , , , , , , ,