على وقع المجازر غزة تنزف وتقاوم

التصنيفات : |
أكتوبر 19, 2023 5:08 ص

*حمزة البشتاوي

تمتلئ الذاكرة الفلسطينية بالكثير من مشاهد المجازر التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي منذ إنشاء كيانه على أرض فلسطين في العام 1948.

واليوم، وفي عتمة ليل حالك من أيام العدوان المستمر على غزة، قامت طائرات جيش الإحتلال بارتكاب مجزرة جديدة بقصفها الوحشي والمتعمد للمستشفى الأهلي العربي (المعمداني) في حي الزيتون بمدينة غزة وأسفرت هذه المجزرة عن ارتقاء نحو 800 شهيد وجريح بينهم الطبيب والمسعف، ومن الأهالي الذين تواجدوا بالمستشفى وساحته بعد أن دمر الاحتلال منازلهم، ولم يكن معهم اي سلاح سوى القليل من الخبز والكثير من الآمال، ولكن آلة الحرب الإسرائيلية لاحقتهم كي تقتلهم وتقتل صوتهم الرافض للموت.

ولكنّ الاحتلال المجرم كعادته تعمّد قتل المدنيين ومنهم المرضى والجرحى داخل أسرتهم، بحرب إبادة جماعية يريد من خلالها محو هزيمته وكسر شوكة المقاومة الواقفة في حلق الإدارة الأمريكية والداعمين له ولجرائمه المتنافية مع كل الأعراف والمواثيق والقوانين الدولية

وفور وقوع المجزرة إنطلق دوي صرخات الضحايا ليهزّ الصمت الشاحب في العديد من المدن والعواصم التي ما زالت مقيّدة بسباتها المرير والطويل، دون أن توقظها تماماً تلك الصرخات والدماء التي سالت جراء هذه المذبحة المرعبة التي ستترك آثاراً نفسية واجتماعية وسياسية وأوجاعا، لا تنفع معها البيانات العاطفية التي صدرت من هنا وهناك، مع التأكيد بأنّ غزة وأهلها لن يتمكنوا من قراءة تلك البيانات، وهم يعيشون في قلب الدمار والحصار وانعدام الماء والكهرباء والدواء والغذاء. وأكثر الذين لن يقرأوا أو يسمعوا تلك البيانات هم الضحايا الذين كانوا يعيشون تحت وفوق الركام ولجأوا إلى المستشفى (المعمداني) الذي كانت تجري العمليات داخله وفي ساحته وعلى الطريق خارجه بدون تخدير للجرحى، ولكنّهم لجأوا إليه باعتباره ملاذاً آمناً يحميهم من الحية الرقطاء المتعطشة للدماء، ولكنّ الاحتلال المجرم كعادته تعمّد قتل المدنيين ومنهم المرضى والجرحى داخل أسرتهم، وهذا ما يفعله منذ بداية عدوانه حيث تطارد طائراته الأطفال والنساء والشيوخ في كل زاوية وشارع وبيت بحرب إبادة جماعية يريد من خلالها محو هزيمته وكسر شوكة المقاومة الواقفة في حلق الإدارة الأمريكية والداعمين له ولجرائمه المتنافية مع كل الأعراف والمواثيق والقوانين الدولية.

علّمتني ضربة الجلاد أن أمشي على جرحي ثم أمشي و أمشي وأقاوم

ومنذ ما قبل المجزرة وما بعدها، تدرك غزة وأهلها بأنّ الاحتلال يريد تحويل مدينتهم إلى ساحة موت وحرب يقتل فيها كل ما هو قابل للحياة، ولكنّ غزة التي تفيض عيونها بالأمل رغم البكاء، اعتادت دوماً أن تنزف وتقاوم، دون أن تتأثر معنوياتها وصمودها الأسطوري في الزمان والمكان الطافح بالموت في كل ثانية ودقيقة وساعة ويوم من أيام العدوان المستمر الذي تحاول فيه أيضاً آلة الحرب الإسرائيلية إستعادة صورة المجازر التي حصلت بالأمس، في دير ياسين وكفر قاسم وقبية والطنطورة وصبرا وشاتيلا، مكرراً العدو الصهيوني مجازره الوحشية في غزة التي لا تستسلم ولا ترفع الراية أمام الحقد الأسود والفوسفور الأبيض والقصف الهمجي والوحشي، لأنّها لا تعرف أبداً مفردات الخنوع أو الاستسلام، بل كانت وستبقى صلبة كالصخر وعالية كالجبال.

و تقول الصرخات الصاعدة من غزة اليوم: سوف نوقظ الدنيا من دمنا ومن هتافنا الذي لا يساوم، وإنّ هذه المجزرة لن تكون مجرد رقم في سلسلة المجازر الإسرائيلية، بل ستبقى شاهدة على جرائم الاحتلال وعنواناً للمأساة التي لن يُسدل عنها الستار ما دامت فلسطين وشعبها لم ينالوا الحرية والعودة والاستقلال.

وسيبقى صوت ابن غزة ودمه المهدور يقول:

علّمتني ضربة الجلاد أن أمشي على جرحي ثم أمشي و أمشي وأقاوم.

*كاتب وإعلامي


وسوم :
, , , , , , , , , , , , ,