حرب الإبادة الإنسانية مستمرة في فلسطين

التصنيفات : |
أكتوبر 25, 2023 5:31 ص

*وفيق هوّاري

على الرغم مما تنقله وسائل الإعلام عن تظاهرات شعبية، تجتاح الكيان الصهيوني، تطالب بوقف إطلاق النار والإفراج عن المحتجزين في غزة عبر المفاوضات، كما تنقل رفض قوى إسرائيلية من الالتحاق بالجيش والمشاركة في قصف وتدمير غزة، إلا أنّ سلطة الكيان الصهيوني مستمرة في حرب الإبادة الإنسانية التي تقوم بها في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

تقول مصادر إعلامية أنّ ليل الأحد 22 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، كان الأقسى خلال الأسبوعين الماضيين. لكنّ ليل أمس الثلاثاء تعاظم إجرام الاحتلال وتتحدّث المعلومات عن حصيلة ضحايا العدوان على غزة حتى لحظة كتابة هذه المقالة، عن سقوط أكثر من 5795 شهيداً بينهم 2360 طفلاً و1292 سيدة، و295 مسنا، وإصابة 18 ألف آخرين، وارتكب الاحتلال الإسرائيلي 47 مجزرة في ليل أول من أمس راح ضحيتها 704 شهيداً وهو العدد الأكبر من المجازر منذ بدء عملية السيوف الحديدية.

ويبدو أنّ سياسة القصف والتدمير تهدف إلى جعل قطاع غزة أرضاً لا يمكن العيش فيها لاحقا. خلال 18 يوماً من القصف، انهار 26684 مبنى، و140500 تمّ تدميرها بشكل جزئي، و9 مستشفيات خرجت عن الخدمة بعد تدميرها، إلى جانب 178 مؤسسة تعليمية، منها 140 مدرسة حكومية و20 مدرسة تابعة لوكالة الأونروا.

كل هذه الخسائر التي مُني بها أهالي القطاع وما زال الكيان الصهيوني مستمراً في سياسته، إنّها ليست سياسته التي رسمها لوحده، بل سياسة الغرب الاستعماري الذي يدفع بالكيان الصهيوني لإكمال المخطط المرسوم على الرغم من المشاكل الداخلية لهذا الكيان.

إنّها خارطة لا تكتمل إلا بإزالة فلسطين، وما يجري حالياً هو إبادة فعلية للشعب الفلسطيني وترحيله من أرضه وجعل قطاع غزة منطقة لا يمكن العيش فيها

يبدو آن الأوان لدفن خارطة سايكس بيكو، ورسم خارطة الشرق الأوسط الجديد الذي تحدّثت عنه كوندوليزا رايس عام 2006.

إنّها خارطة لا تكتمل إلا بإزالة فلسطين، وما يجري حالياً هو إبادة فعلية للشعب الفلسطيني وترحيله من أرضه وجعل قطاع غزة منطقة لا يمكن العيش فيها، لتمرير مقولة الصهاينة إنّها “أرض بلا شعب”.

ولا يقتصر ذلك على غزة، فالضفة الغربية تحوّلت إلى مجموعة من المدن تُحاط بمستعمرات صهيونية، لقد تحوّلت إلى كانتونات منفصلة محاصرة بالمستعمرين الذين استلموا اليوم الأسلحة النارية بحجة الدفاع عن النفس.

الأسبوع الماضي، زار الرئيس الأمريكي جو بايدن الكيان الإسرائيلي وأكد على ضرورة إكمال العمل لإبادة الفلسطينيين، والأحد 22 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، حضر رئيس الوزراء البريطاني على متن طائرة محمّلة بالمساعدات العسكرية ليؤكد على تنفيذ وعد “جده” بلفور بإقامة هذه القاعدة المتقدمة دفاعاً عن مصالح الغرب الاستعماري، وأمس، جاء الرئيس الفرنسي ليشدّ على يد نتنياهو ويبارك الحرب على أطفال غزة ونسائها.

تلك الخارطة التي أدخلت تعديلات جذرية على خارطة سايكس بيكو من خلال فرض تعديلات كيانية في المنطقة مما أثّر على الدول المحيطة بالكيان الصهيوني

إنّ الكيان الصهيوني ينفّذ ما يُطلب منه وما يتماشى مع أحلامه بإقامة “دولة يهودية” صافية، تسيطر على المنطقة.

ما يجري حالياً هو دفن اتفاق أوسلو، وإنهاء فكرة حل الدولتين، وتحويل الشعب الفلسطيني إلى مجموعات مرحّلة من مكان إلى آخر، كي لا يبقى له مكان في خارطة الشرق الأوسط الجديد، تلك الخارطة التي أدخلت تعديلات جذرية على خارطة سايكس بيكو من خلال فرض تعديلات كيانية في المنطقة مما أثّر على الدول المحيطة بالكيان الصهيوني.

أما السودان فقد جرى تقسيمه، وطُلب منه التطبيع مع العدو الصهيوني مقابل شطبه عن لائحة الإرهاب.

أليس ما يجري في غزة وبإشراف كامل من الغرب الاستعماري يقع في صلب إعادة رسم الكيانات الجديدة؟!.

سيستمر الكيان الصهيوني بمشروع الإبادة الانسانية، وسيحاول الفلسطينيون بكل الوسائل المحافظة على وجودهم، ومحاولة الإبقاء على ما هو موجود من أرض وشعب.

هذا ليس كلاماً شعبويا، بل يطرح المسألة كما هي، علّ نجد نخباً عربية جديدة تستطيع أن تعيد رسم الخارطة بما يناسب قضيتنا المركزية: فلسطين، وقضايا الشعوب العربية الأخرى.


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , ,