الأزمة تتعمق داخل الكيان.. نتنياهو يغرق ويتقاذف الاتهامات مع الساسة والعسكر

التصنيفات : |
أكتوبر 30, 2023 7:24 ص

*سنان حسن – صمود:

لا شيء يتقدّم في “إسرائيل” على الحرب البرية التي يحاول جيش الاحتلال الإسرائيلي القيام بها في قطاع غزة، محور الحديث والنقاشات ما بين مؤيدين لها وآخرين معارضين، أو مطالبين بتأخيرها حتى تجد حكومة بنيامين نتنياهو المناسب لما بعد القضاء على حكم حماس وفق ما طالب به الرئيس الأمريكي جو بايدن في زيارته للكيان، ولكن في ظل كل هذه الأجواء من الترقب والانتظار، يتبادل نتنياهو وقادة الأحزاب المعارضة والمسؤولون العسكريون الحاليون والسابقون الاتهامات والسجالات عبر وسائل الإعلام على من يتحمل مسؤولية ما حصل.. ولكنّ جزءاً كبيراً من الإسرائيليين يرى أنّ على نتنياهو أن يتنحى جانباً ويتحمل مسؤولياته بعيداً عن مناكفاته السياسية الضيقة حيث يرى أوري مسغاف في مقال بهآرتس – نُشر بتاريخ 26/10/2023 تحت عنوان “لن نستطيع البقاء ونتنياهو موجود على رأس الدولة” أنّ الإسرائيليين لن يستطيعوا وجيشهم هزيمة الإرهاب الجهادي طالما أنّ هذا الشخص هو رئيس الحكومة (نتنياهو). هو يجب أن يذهب والآن حيث يقول: “دولة إسرائيل لا يمكنها أن تسمح لنفسها بمواصلة السير مع هذه القيادة الفاشلة وعديمة المسؤولية، مواطنون كثيرون من كل شرائح الشعب يريدون قيادة مختلفة، قيادة لا تغيّر نهجها حسب حاجات بقائها”.

وأضاف مسغاف بأنّه على جانب مهم مما يقوم به نتنياهو في عز الحرب التي تخوضها “إسرائيل”، مؤكداً أنّ مثل هذه الأفعال تؤكد أنّ الرجل يريد البقاء على حساب كل الإسرائيليين حيث يقول: “نتنياهو قام رسمياً بتغيير مكان سكنه إلى فيلا فاخرة بملكية الملياردير صاحب “السوق الحرة”، مؤيد اليمين المتطرف، سايمون فالك. هو يذهب إلى العمل من هناك كل يوم تقريباً في الساعة الحادية عشرة، هذا في فترة الحرب. ومن تحليل الصور فمن الواضح أنّه لا يتخلى عن السترة الواقية من الرصاص التي يرتديها تحت المعطف. وقد أدخل، خلافاً للقانون آريه درعي، الذي هو ليس وزيرا، إلى الكابينت وإلى اللقاءات الاستراتيجية مع جو بايدن”.

نتنياهو يقاتل الجيش والشعب

بدورها هاجمت زعيمة حزب العمل ميخائيلي رئيس الحكومة وقالت: “نتنياهو يجلس في مكتبه، مع السيجار والشمبانيا، ويحمّل قادة الجيش مسؤولية كارثة الغلاف -الجيش الإسرائيلي يقاتل حماس- بينما نتنياهو يقاتل الجيش والشعب”.

في ما كان للجمهور الإسرائيلي نصيب من المطالبات باستقالة نتنياهو ومحاكمته، وما نقله موقع واللا العبري من أمام مقر إقامة نتنياهو الخاص في قيساريا، حيث هتف 1000 إسرائيلي باستقالة نتنياهو فوراً من منصبه، مطالبين بـ1500 حكماً مؤبداً لنتنياهو (مؤبد مقابل كل قتيل في الغلاف) وكرروا العبارات: “بيبي قاتل”، “بيبي خائن”، “بيبي إلى السجن”.

“إسرائيل لا تقاتل في سبيل وجودها. هي تقاتل كي تعيد المخطوفين، كي تزيل التهديد من جانب حماس وترمم قوة ردعها تجاه أعداء في المنطقة. هذه ثلاث مهام ثقيلة مشكوك أن تنجح الحكومة في تحقيقها”
(ناحوم بارنياع)

وفي جانب آخر يرى بعض المحللين أنّ ما يروّج له رئيس الحكومة أنّ المعركة التي يخوضها الجيش هي معركة الاستقلال الثانية، هو مجرد ذر للرماد في العيون وتعمية كبرى على فشله وفشل الفريق الحكومي الذي اختاره من مجموعة من الجهلة وعديمي الخبرة لقيادة “إسرائيل”، هدفهم الوحيد الحصول على تمويلات لدعم أنصارهم من اليمين الصهيوني والحريديم، ففي مقال في صحيفة يديعوت أحرونوت نُشر بتاريخ 29/10/2023 تحت عنوان “ثقل المسؤولية.. دخول محدود الضمان” بقلم ناحوم بارنياع، رأى أنّ ما يحدث هو بعيد تماما ًعما يروّج له نتنياهو وأعضاء الكابينت على أنّها حرباً للاستقلال، مؤكداً أنّ ما يجري هو مختلف تماماً حيث يقول: “هذه بعيدة جداً عن أن تكون حرب الاستقلال الثانية، ففي حرب الاستقلال قاتلت إسرائيل في سبيل وجودها. أما الآن، فهي لا تقاتل في سبيل وجودها. هي تقاتل كي تعيد المخطوفين، كي تزيل التهديد من جانب حماس وترمم قوة ردعها تجاه أعداء في المنطقة. هذه ثلاث مهام ثقيلة مشكوك أن تنجح الحكومة في تحقيقها”، وعلّق ناحوم بارنياع على تصريحات نتنياهو بأنّ “مهمته العليا هي إنقاذ الدولة” بالقول: “لقد أخطأ. نتنياهو ليس باتمان وإسرائيل ليست غوثم. شكرا، لا حاجة”.

وفي سياق متصل، يتعلق أيضاً بنتياهو وإدارته للمعركة، يرى محللون أنّ نتنياهو لم يستطع حتى الآن أن يخرج من الجدران التي وضع نفسه خلفها وبالتحديد مع أسر الأسرى لدى حماس، ففي مقال بصحيفة معاريف نُشر بتاريخ 29/10/2023 بعنوان “ليس مقنعا”، كتبت آنّا برسكي: “نتنياهو يخطب بدلاً من أن يتحدث، يلتقط لنفسه الصور مع الجنود بدلاً من أن يعانق الناجين من المذبحة في الجنوب أو أن يلتقي عائلات المخطوفين. وبين الحين والآخر، يطلق تصريحات مصورة دون أن يجدد كثيرا. يعطي الانطباع بأنّه منقطع، ولا يوجد حوله مستشارون يساعدونه على أن يخرج من الفقاعة”.

بناء البيوت أسهل من بناء الثقة

ولكنّ الأخطر برأي المحللين والساسة الإسرائيليين هو أزمة الثقة التي تعيشها “إسرائيل” بعد 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، بين الحكومة من جهة والجيش من جهة أخرى. ففي مقال في “يديعوت أحرونوت” تحت عنوان “أزمة ثقة بين نتنياهو والجيش” بقلم ناحوم بارنياع ورونين بيرغمان قالا: “أزمة الثقة هي ضرر مضاف إلى الضرر الرهيب الذي تكبّدته إسرائيل في 7 تشرين الأول/ أكتوبر. فهو يجعل من الصعب جداً التركيز على الحرب وعلى اتخاذ القرارات بما فيها القرارات الأليمة. إسرائيل بحاجة الآن إلى زعامة فاعلة، مركزة على المهمة”. وأضافا: “البيوت ممكن إعادة بنائها. صعب أكثر بناء الثقة. في 1973، فوجئت إسرائيل بمرارة وضُربت بشدة في البداية، لكنّ قيادتها، معظمها على الأقل، واصلت أداء مهامها  ولاعبو تعزيز انضموا فساهموا في التجربة والهدوء لإعادة مسيرة اتخاذ قرارات مرتبة وثقة بأنّنا في النهاية سننتصر. أما اليوم، فإنّ إسرائيل تتصرف لكن ليس لها إدارة تؤدي مهامها. هذا هو فخ 2023”.

“ما هي الخطة التي ستلي القضاء على حماس؟، هل هناك تصور لدى قادة إسرائيل في ذلك؟”
(الرئيس جو بايدن)

وفي السياق، قال رئيس الوزراء الأسبق وزعيم المعارضة يائير لابيد: “نتنياهو تجاوز الخط الأحمر، فبينما يقاتل جنود الجيش الإسرائيلي وقادته ببسالة ضد حماس وحزب الله يحاول هو إلقاء اللوم عليهما بدلاً من دعمهم، مضيفاً أنّ محاولات التنصل من المسؤولية وإلقاء اللوم على المؤسسة الأمنية تضعف الجيش الإسرائيلي أثناء قتاله لأعداء إسرائيل وعلى نتنياهو أن يعتذر عن كلامه”.

في مقابل الجدل الكبير الدائر حول العملية البرية في غزة، يعود السؤال الذي طرحه بايدن على نتنياهو بعد لقائهما في الأرض المحتلة: “ما هي الخطة التي ستلي القضاء على حماس؟، هل هناك تصور لدى قادة إسرائيل في ذلك؟”.

ولكن، حتى الآن لا يوجد تصور واضح، “المهم القضاء على حماس ومن ثم العمل مع السلطة الفلسطينية وواشنطن لإنتاج حل مناسب”، ففي “يديعوت أحرونوت” نُشر بتاريخ 29/10/2023، سأل عاموس جلعاد في مقال “ماذا بعد، حيال حماس؟”، حيث رأى أنّه “أمام إسرائيل هدفان علويان في غاية الأهمية: الأول، القضاء على حكم حماس، والثاني، إعادة المخطوفين”، معتبراً أنّه يدّعي تناقضاً بين هذين الهدفين فادعاؤه غير صحيح حيث يقول: “القضاء على حماس هو هدف هام لا مثيل له لكن من المهم الإيضاح لكل المشككين، إذا كانوا لا يزالون موجودين: إذا لم يُعاد المخطوفون، ستكون هذه وصمة عار أبدية على دولة إسرائيل”. مضيفا: “بانتظارنا معركة مركبة، ولا حاجة للإكثار من الكلام، لكنّ المطلوب منذ الآن، التفكير باستراتيجية خروج. بعد أن تدمر إسرائيل حكم حماس، فإنّها ملزَمة بأن تنخرط في مساعي الولايات المتحدة لتعزيز، توسيع وتعظيم محور السلام بقيادتها، مقابل محور الشر بقيادة إيران”.

*كاتب سوري


وسوم :
, , , , , , , , , , , , , , , ,