صار لنا أحبابٌ في غزة

التصنيفات : |
أكتوبر 31, 2023 7:02 ص

*وسام عبد الله

ما فعلته عملية طوفان الأقصى أنّها بالنسبة للاحتلال ابتلعته وأبعدته عن أراضٍ محتلة من غلاف غزة، ولكنّه بالنسبة لنا جاء “الطوفان” عكس الطبيعة، حيث سحبنا إلى الداخل، لنشارك السكان يومياتهم ومآسيهم وموتهم المعلن.

قبل عملية طوفان الأقصى، كان اهتمام الشباب العربي بقطاع غزة يقتصر في معظمه على الأخبار السياسية العامة، لكنّ الصدمة التي أحدثتها المقاومة وما تلاها من أحداث وعدوان صهيوني على المدنيين، دفع فئات اجتماعية مختلفة للدخول في تفاصيل الحياة في غزة.

البعد الانساني

شكّلت الهمجية التي يمارسها الاحتلال الاسرائيلي في قصفه للأحياء السكنية في قطاع غزة، مشاهداً لا يمكن إلا أن تؤثر بالمتابع، حتى لو كان غير مهتم بالقضية الفلسطينية، طبعا، مع استثناء من أرادوا الوقوف على الحياد حتى في مشاعرهم.

فتحت “طوفان الأقصى” طريقاً جديداً نحو القضية الفلسطينية، أكدت المؤكد، بأنّها قضية إنسانية تلامس كل آدمي مهما كان دينه وجنسيته وقوميته ولغته،

فتحت “طوفان الأقصى” طريقاً جديداً نحو القضية الفلسطينية، أكدت المؤكد، بأنّها قضية إنسانية تلامس كل آدمي مهما كان دينه وجنسيته وقوميته ولغته، وللأسف، أنّ هذا التأثير جاء نتيجة الصور والفيديوهات التي تصل إلى الجميع، للأطفال والنساء والشيوخ من الشهداء والجرحى.

لكن، هل القضية هي فقط مدنيون يستشهدون تحت القصف؟،لا.. بل هي أوسع وأكبر، فما يحصل هو جزء من سلسلة متواصلة بدأت منذ بداية القرن العشرين مع وصول المستوطنين إلى فلسطين واحتلال الأرض وتنفيذ المذابح وتهجير السكان، فليست القضية هي تعاطف إنساني ينتهي مع توقف العدوان.

أهل غزة

كم شخصاً كنّا نعرف من سكان قطاع غزة غير بعض قيادات الفصائل الفلسطينية؟، من خلال مواقع التواصل الاجتماعي تنقّلنا بين الأحياء والشوارع والمحال التجارية، تعرّفنا على أسماء العائلات والأماكن، وعلى أفراد الأسرة وأحلامهم، ويوم قطع الاحتلال الاتصالات عن القطاع، انتظر الناس طلوع الصباح حتى يطمئنوا على الناشطين والصحافيين في قطاع غزة، فهم أصبحوا جزءاً من يومياتهم.

الموت هو الموت بالنسبة للغزاويين، إن كان بفعل صاروخ أو حصار يجعل الموت أكثر بطئا، فما يحدث هو نتيجة منطقية لمن يعيش تحت الاحتلال وممارساته الوحشية

من أكثر الأمور دقة والتي تحتاج إلى انتباه، بعض المقاطع التي تصور القطاع قبل العملية وبعدها، من حيث إظهار حجم الدمار والموت الذي ألبس غزة ثوب الحداد، والاقتراب من تفاصيل الحياة في غزة يجعلنا ندرك ماذا تعني الحياة داخل سجن كبير، وأحلامك محاصرة بين فكي جيش الاحتلال، فالموت هو الموت بالنسبة للغزاويين، إن كان بفعل صاروخ أو حصار يجعل الموت أكثر بطئا، فما يحدث هو نتيجة منطقية لمن يعيش تحت الاحتلال وممارساته الوحشية.

ما بعد الحرب

ستنتهي الحرب، وتتوقف مشاهد الموت والدمار، والمطلوب حينها أن لا نتوقف عن النشر، وإلا نكون قطعنا نصف الطريق في مسية التضامن الإنساني.

فالدعوة إلى التوسع والانتشار أكثر في تبنّي ودعم القضية الفلسطينية، على عدة مستويات، منها المراهقون والشباب وما لمسوه من تفاعلهم مع الأحداث في مرحلة ظنّ العديد أنّ هذه الأجيال لن تكترث للقضية، والمستوى الآخر هو التعرف على فلسطين كل فلسطين، وبأن نتعرف عليها من أبواب التراث والفن والحضارة والاقتصاد.

ومن المستويات المهمة جداً الدعم للمجتمعات غير العربية، التي شهدتها عدة مدن من مظاهرات مؤيدة لفلسطين، فهنا الحراك الأهم داخل أوروبا وأمريكا من تأكيد وتقديم السند للناشطين الغربيين وحركات المقاطعة للكيان الاسرائيلي، فهذه التي تؤسس لتوسع أكبر بالفئات المتضامنة والمؤثرة في دولها.   

*كاتب لبناني


وسوم :
, , , , , , , , , , , ,