هكذا ينتقم الصهياينة من “طوفان الأقصى” بتعذيب ممنهج للأسرى

التصنيفات : |
نوفمبر 1, 2023 8:06 ص

*منى العمري – صمود:

ارتفعت وتيرة الاعتقالات منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر إلى 5300 معتقل، ليصل عدد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية إلى أكثر من 10 آلاف، بحسب تصريح رئيس هيئة شؤون الأسرى قدورة فارس.

وأشار نادي الأسير الفلسطيني إلى أنّ قوات الاحتلال صعّدت حملات الاعتقال منذ بدء معركة طوفان الأقصى وإعلان الحرب على غزة بشكل غير مسبوق حيث شملت الاعتقالات الأطفال والنساء وكبار السن وكوادر من حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وفي هذا السياق، أكد مدير نادي الأسير الفلسطيني عبد الله الزغاري، لـ”الجزيرة نت” أنّه “بموازاة الحرب الشاملة التي تقوم بها قوات الاحتلال في غزة، تجري حملة اعتقالات واسعة وغير مسبوقة بالضفة يتخللها اعتداءات على المواطنين وتخريب بيوتهم وتكسير أثاث المنازل”.

ووصف الاعتقالات بأنّها “اعتقالات انتقامية وعقاب جماعي بحقّ الشعب الفلسطيني”، محذّراً من استفراد الاحتلال بالأسرى، ومطالباً “بتوفير الحماية الأمنية والقانونية لهم”.

وتحدّث الزغاري عن “رفع مدة التوقيف من 96 ساعة إلى 8 أيام، وبعدها إما أن يتمّ تحويل المعتقلين إلى المحاكم وإما الاعتقال الإداري، لكنّ 50% منهم يتمّ تحويلهم للاعتقال الإداري، وهو اعتقال بدون محاكمة أو تهمة أو سقف زمني”. (1)

وأكّد نادي الأسير، أنّ تصاعد عمليات الاعتقال الراهنّة، يرافقها تعقيدات وصعوبات كبيرة في متابعة المعتقلين في مراكز التّحقيق والتوقيف، نتيجة لجملة الإجراءات التي فرضها الاحتلال على عمل الطواقم القانونية، والمماطلة تحديداً في إعطاء إجابات عن مصير المعتقلين، وأماكن احتجازهم، تحديداً بعد تفعيل الاحتلال للأمر العسكري الذي يتضمن زيادة مدة التمديد الأولى، وكذلك حرمان المعتقلين من لقاء المحامي لمدة أدناها يومان.

حياة الأسرى بين الأمل والألم

إنّ عمليات الاقتحام التي نفّذتها قوات القمع المدججة بالسلاح،  كان من بينها سجن “الدامون” وهو السجن الذي تحتجز فيه أغلبية المعتقلات، وسجون (النقب، عوفر ومجدو)، حيث تمّ توثيق عمليات عزل لعدد من المعتقلين من خلال نقلهم إلى الزنازين، من بينهم ممثلة المعتقلات مرح باكير، كما تمّت عمليات نقل جماعية طالت معتقلي غزة في سجن النقب حيث جرى نقلهم إلى سجن نفحة، إلى جانب عملية نقل تمت داخل السجن الواحد، كما جرى بحقّ المعتقلين القابعين في قسم الخيام في سجن النقب، حيث جرى نقلهم وتوزيعهم على بقية الأقسام. (2)

بعد إعلان الحكومة الإسرائيلية حالة الحرب، وفقاً لقانون أنظمة الطوارئ البريطاني لسنة 1945، انتقل التحكم بالسجون من سلطة إدارة مصلحة السجون إلى سلطة جيش الاحتلال مباشرة

فمنذ فجر السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تغيّرت حياة الأسرى والأسيرات الفلسطينيين في سجون الاحتلال، ليسيطر عليها مشهدان:

– الأول: مشهد الأمل؛ وقد تجسد بارتفاع وتيرة دقات قلوبهم وقشعريرة أجسادهم، على افتراض بينيّ منهم أنّ أبواب الحرية باتت أقرب من أي وقت مضى، وأنّ هناك صفقة تبادل تلوح في الأفق السياسي القريب، ستبيّض السجون بنتيجتها.

– أمّا المشهد الثاني: فهو الألم؛ ذلك بأنّ آلة القمع الصهيونية فعّلت إجراءاتها العنيفة للانتقام من الأسرى كافة. فبعد إعلان الحكومة الإسرائيلية حالة الحرب وفقاً لقانون أنظمة الطوارئ البريطاني لسنة 1945، انتقل التحكم بالسجون من سلطة إدارة مصلحة السجون إلى سلطة جيش الاحتلال مباشرة.

 وما بين الأمل والألم، يعيش أهالي هؤلاء الأسرى والأسيرات في قهر دائم ومستمر.

تجويع وتعطيش وانتقام

ما يحدث اليوم داخل السجون لم يحدث منذ نكسة 1967، عندما بدأت السجون الإسرائيلية العمل رسميا، وهو يُعتبر مرحلة انتقالية، وتحولاً كبيراً كان الاحتلال قد بدأ التلويح به قبيل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، وتحديداً بعد حادثة الهروب من سجن جلبوع التي نفّذها ستة من الأسرى الفلسطينيين بتاريخ السادس من أيلول/ سبتمبر 2021.

 فمنذ تلك المرحلة، حدث تحوّل هيكلي في طريقة تعامل مصلحة السجون مع البناء الهندسي والمعماري للسجون من جهة، والبناء التنظيمي والسوسيولوجي لها من جهة أُخرى. جاء ذلك عبر تصعيد ممنهج استخدمته إدارة مصلحة السجون مباشرة مع الأسرى والأسيرات داخل السجون. وعليه، أعاد هذا الواقع الجديد الحياة الاعتقالية إلى مراحلها الأولى في ستينيات القرن الماضي وسبعينياته.

“الأسرى اليوم، وفقاً للمعطيات التي تصلنا، يتعرضون أحياناً لضرب وتنكيل وتعذيب أشبه بالضرب والتعذيب والتنكيل في مرحلة التحقيق، نسمع شهادات مروّعة تكاد تفوق ما كنا نسمعه ونقرأه عن مرحلة السبعينيات والثمانينيات”
(أماني ساحنة)

وفي هذا السياق، تقول المسؤولة الإعلامية في نادي الأسير الفلسطيني، أماني سراحنة: “الأسرى اليوم، وفقاً للمعطيات التي تصلنا، يتعرضون أحياناً لضرب وتنكيل وتعذيب أشبه بالضرب والتعذيب والتنكيل في مرحلة التحقيق، نسمع شهادات مروّعة تكاد تفوق ما كنا نسمعه ونقرأه عن مرحلة السبعينيات والثمانينيات”.

حيث كان خبر استشهاد الأسير عمر دراغمة (58 عاما) في سجن “مجدو” مساء الـ23 من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري صادما، وخصوصاً بعد إفادة هيئة الأسرى ونادي الأسير الفلسطينيين أنّ الأسير كان قد حضر إلى المحكمة صباح اليوم ذاته وكان بصحة جيدة، وذلك نقلاً عن محاميه.

بينما أفاد بيان مصلحة سجون الاحتلال الإسرائيلية أنّ “الأسير دراغمة كان قد تعرض لوعكة صحية، وتلقى العلاج اللازم”، وهو ما يجعل الحقيقة غائبة وفي موضع الشك، إذ أنّ دراغمة كان قد اعتُقل إدارياً في التاسع من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، أي بعد بدء معركة طوفان الأقصى بيومين.

في حين، أعلنت هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير الفلسطينيان، الأسبوع الفائت، استشهاد الأسير عرفات ياسر حمدان (25 عاما) في سجن عوفر، وذلك في ثالث يوم من اعتقاله والذي جاء ضمن حملات الاعتقال الأخيرة في الضفة الغربية المحتلة، مشيرين إلى أنّ “الاحتلال بدأ عملية اغتيال ممنهجة بحقّ الأسرى، في ضوء العدوان الشامل بحقّ شعبنا وأسرانا”.

ولم يتطرقا إلى ملابسات استشهاد الأسير حمدان، في ما تحدّث النشطاء عبر مواقع التواصل الإجتماعي عن “تعذيب الأسرى للحصول على معلومات عن المقاومة الفلسطينية”.

منهم من لم يعد يتعرف على وجهه بسبب التغييرات الناجمة عن الأورام التي صاحبت الاعتداءات الوحشية.

وتشير المعطيات بأنّ الأسرى يتعرضون لعملية تجويع وتعطيش ممنهجة ومدروسة، إذ تمّ قطع الماء والكهرباء عن السجون، وتكثّفت عمليات الاعتداء الجسدي المباشر، فاستخدم السجانون وضباط الجيش العصي لضرب الأسرى، وهو ما أدى إلى تكسير في أطراف بعضهم، ومنهم من لم يعد يتعرف على وجهه بسبب التغييرات الناجمة عن الأورام التي صاحبت الاعتداءات الوحشية.

ورافق هذه الاعتداءات كيل من الشتائم والتعابير النابية والتحقير والإهانة، والربط بالقيود (الكلبشات) إلى الخلف، وشدّها أكثر ما يمكن لتسبب آلاماً شديدة ولتترك أثرها على الجسد، الى جانب التفتيش العاري والمهين -بشكل جماعي- للأسرى، ووجود مكثّف للسجانين والضباط المسلحين بالقرب منهم في الساحات والأقسام، الأمر الذي يجعلهم عرضة للاغتيال والتصفية الجسدية المباشرة.

وقد أصدر الاحتلال بتاريخ 23 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري أمراً عسكرياً بتعديل مؤقت يتعلق بالاعتقال الإداري، يشمل رفع مدة توقيف المعتقل، لفحص إمكان استصدار أمر اعتقال إداري بحقّه، من 72 ساعة إلى 6 أيام، وتعديل عرض المعتقل على جلسة التثبيت الأولى؛ إذ كانت سابقاً 8 أيام، ورُفعت حالياً إلى 12 يوما، والهدف الأساسي من هذه الاعتقالات بحسب تصريح رئيس هيئة شؤون الأسرى قدورة فارس، هو الانتقام وتدفيع الشعب الفلسطيني الثمن في كل مكان، بالإضافة إلى محاولة إرضاء الشارع الإسرائيلي وتهدئته. (3)

*المصادر المتعلقة:

  1. https://www.aljazeera.net/news/humanrights/2023/10/21/%
  2. https://www.alquds.co.uk/%D8%A7%D8%B9%D8%AA
  3. https://www.palestine-studies.org/ar/node/1654486

وسوم :
, , , , , , , , , , , , , ,