بحر غزة وأضواء “تل أبيب”

التصنيفات : |
نوفمبر 2, 2023 5:00 ص

*حمزة البشتاوي

للساحل الفلسطيني إرث كفاحي وجهادي طويل في مقاومة الاحتلال، خاصة ما بعد إنطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة في العام 1965 بعامين، حيث بدأت الفصائل الفلسطينية بالعمل على تشكيل وإعداد قوات وقواعد بحرية لخوض عمليات بحرية فدائية، وكانت البدايات من سوريا التي سهّلت وساعدت واحتضنت الفكرة ودعمتها، ليشهد بعد ذلك الساحل الفلسطيني الكثير من العمليات، ومنها عملية إيلات التي دمرت فيها القوات البحرية المصرية، بمشاركة فلسطينية وأردنية ميناء إيلات وأغرقت المدمرة البحرية الإسرائيلية بيت شيفع، ومن أبرز العمليات أيضاً عملية دلال المغربي التي ولدت في أحد مخيّمات اللاجئين الفلسطينيين في بيروت لأسرة مهجرة من يافا، وقد نزلت في العام 1978 بعملية كوماندوز بحري على الساحل الفلسطيني وخاضت معركة طويلة مع جنود الاحتلال حتى الاستشهاد.

في العام 2014، نفّذ المقاومون الفلسطينيون عملية زبكيم البحرية، التي دفعت الاحتلال إلى تشييد جدار بحري فاصل مع قطاع غزة، تبين لاحقاً فشله، بعد أن استطاعت المقاومة الفلسطينية إختراق الجدران والحواجز على الحدود البرية والبحرية قبالة بحر غزة

وما قبل تلك العملية وما بعدها ركب عدد كبير من الفدائيين الفلسطينيين أمواج البحر الأبيض المتوسط كي يصلوا إلى سواحل فلسطين.

واستخدم الفلسطينيون البحر لإيصال السلاح كما حصل أثناء الإنتفاضة الفلسطينية الثانية حيث قامت السفن والزوارق بإيصال السلاح بعمليات بحرية إلى شاطئ غزة بقيادة الشهيد جهاد جبريل، وبمتابعة مباشرة من الرئيس الراحل ياسر عرفات واللواء فؤاد الشوبكي. وفي العام 2014، نفّذ المقاومون الفلسطينيون عملية زبكيم البحرية، التي دفعت الاحتلال إلى تشييد جدار بحري فاصل مع قطاع غزة، تبين لاحقاً فشله، بعد أن استطاعت المقاومة الفلسطينية إختراق الجدران والحواجز على الحدود البرية والبحرية قبالة بحر غزة، ووصل المقاومون الفلسطينيون إلى شواطىء عسقلان، وهذا كسر واضح لخرافة الحصون والجدران المنيعة التي بناها الاحتلال.

ستتحقق أحلام أطفال غزة وتنتهي الحرب بغرق الاحتلال وجيشه وطائراته ودباباته وبوارجه الحربية في بحر غزة الذي وفي ذروة المعركة الحالية يمكن أن ترى منه الأضواء تلوح من “تل أبيب”

وقد مهّدت المقاومة الفلسطينية في غزة بشكل تراكمي للعمل البحري المقاوم، وطورته وفق رؤية وأفكار استراتيجية تشمل الوصول الى عموم الساحل الفلسطيني الذي يبلغ طوله على المتوسط 224 كم، ويتمركز فيه حالياً 80% من الإسرائيليين الذين يخشون بحر غزة الهادر في الليل والنهار بمائه ورمله وصخره وملحه وسمائه وضفادعه البشرية والزوارق الحربية التي ستقوم بالتصدي للعدوان والإبادة الجماعية والتدمير الشامل. ويُتوقع أيضاً أن يتصاعد العمل البحري المقاوم وفق رؤية وأفكار وعمليات ستبلغ ذروتها كلما تمادى الاحتلال بعدوانه، وسيكون لبحر غزة ما يقوله ليُفشلَ أوهام وأحلام قادة الاحتلال ومنهم إسحاق رابين الذي قال للرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران بأنّ الكوابيس تطبق عليه كل ليلة بسبب غزة، وإنّه يحلم ويتمنى أثناء نومه بأنّ قطاع غزة قد وقع بالبحر وغرق كل ما فيه ومن فيه.

ولكنّ أحلام رابين وغيره من قادة الاحتلال لم تتحقق، بل من المرجح أن تتحقق أحلام أطفال غزة وتنتهي الحرب بغرق الاحتلال وجيشه وطائراته ودباباته وبوارجه الحربية في بحر غزة الذي وفي ذروة المعركة الحالية يمكن أن ترى منه الأضواء تلوح من “تل أبيب” التي تبعد عنه 100 كم، ويمكن أن يدخل إليها المقاومون قبل دخول الغزاة إلى قطاع غزة الذي يقاوم براً وبحرا، بصمود ودفاع أسطوري سيدفع حتماً الاحتلال وجيشه إلى وقف العدوان والاستسلام والفرار.

لأنّ غزة لن تغرق بالدماء والدمار بل ستنهض من تحت رماد القصف والقهر لتكتب حكاية جديدة في درب العزة والانتصار.

*كاتب وإعلامي


وسوم :
, , , , , , , , , , , , ,