المعركة البرية: متاريس عالية في غزة وجباليا

التصنيفات : |
نوفمبر 14, 2023 7:42 ص

*حمزة البشتاوي

يتواصل وبشكل عنيف العدوان والقصف الوحشي للطائرات الحربية الإسرائيلية، بهدف تدمير قطاع غزة، وقتل أكبر عدد من الأطفال والنساء والشيوخ، وتدمير كلي للمباني والمنازل وتحويلها إلى أكوام من الركام، كما حصل في حي الرمال وغيره من الأحياء كالنصر والسودانية والزهراء والشيخ رضوان والكرامة وعبسان، إضافة للشوارع التي فقدت ملامحها، وسيطر عليها الظلام وأزيز الطائرات ودوي الإنفجارات المستمر فوق أكوام الإسمنت والحديد، التي يُتوقع أن يستخدمها المقاومون الفلسطينيون في المعركة البرية، كمتاريس عالية للدفاع عن المكان، ومواجهة قوات المشاة التابعة لجيش الإحتلال، من خلف تلك المتاريس ومن تحت باطن الأرض والإلتحام المباشر معها والقتال من المسافة صفر.

ويخوض مخيّم جباليا للاجئين الفلسطينيين في قطاع غزة وأبناؤه إلى مواجهة برية، من خلف متاريس نشأت بفعل تدمير عدد كبير من المباني والمنازل والمساجد والشوارع الضيقة، كشارع السكة، وسوق الترانس ودوار الشهداء الخمسة في المخيّم.

وتشكّل المتاريس الناتجة عن هذا الدمار خط الدفاع الأول في استراتيجية المواجهة القتالية التي يستخدمها المقاومون الفلسطينيون بمواجهة قوات الاحتلال، وإيقاع خسائر كبيرة بها، بما يزيد من عناصر الهزيمة منذ بدء عملية طوفان الأقصى، والصورة المتهالكة لجيش الاحتلال الذي تنتظره أمام وخلف تلك المتاريس والكمائن والقناصة والعبوات وشبكة كبيرة من الأنفاق التي ستجعله عاجزاً عن القتال من منزل إلى منزل ومن شارع إلى شارع في الأحياء المدمرة والمكتظة بالمقاومين والمتاريس.

وقد تطورت أدوات ووسائل القتال والمواجهة لدى أبناء مخيّم جباليا بالفطرة وبالدعم من محور المقاومة والإبداع المتراكم منذ تأسيس المخيّم بعد النكبة وتشتت أهل البلاد قسراً في مخيّمات اللجوء

وكما يُتوقع، خرج شباب مخيّم جباليا ومدينة غزة كغيرهم من أبناء مخيّمات ومدن قطاع غزة بالأسلحة المتوفرة لديهم، لصد الجنود الغزاة ودباباتهم، كما فعلوا أيام الإنتفاضة الأولى عام 1987، وكما يفعلون في كل مواجهة وحرب.

وقد تطورت أدوات ووسائل القتال والمواجهة لدى أبناء مخيّم جباليا بالفطرة وبالدعم من محور المقاومة والإبداع المتراكم منذ تأسيس المخيّم بعد النكبة وتشتت أهل البلاد قسراً في مخيّمات اللجوء بعيداً عن أرض الآباء والأجداد.

ويُرجّح في سياق الحرب ومحاولة تكرار النكبة والتهجير أن يحاول جيش الاحتلال الدخول إلى مخيّم جباليا أكبر مخيّمات اللاجئين الفلسطينيين الثمانية في قطاع غزة، والذي يقع إلى الشمال من غزة، ويحده من الغرب والجنوب بلدة جباليا، والنزلة، ومن الشمال بلدة بيت لاهيا، ومن الشرق بساتين الحمضيات التابعة لحدود المجلس القروي لبلدة جباليا والنزلة وبيت لاهيا، ويبعد مسافة كيلومتر واحد عن الطريق الرئيسي غزة- يافا ويبلغ عدد سكانه حوالي 108,000 نسمة أغلبهم من مدن وأقضية يافا واللد والرملة وأسدود وبئر السبع ومساحته حوالي 14 دونما.

إنّ من ينتظر قوات الاحتلال هم أشخاص يسعون بشوق إلى كتابة ملحمة أسطورية فوق العادة لوطن يبحثون عنه وحلم يسعون إليه، للخلاص من الاحتلال ومن الكم الهائل من الحزن والقهر والآلام

ويواصل الاحتلال ارتكاب المجازر في مخيّم جباليا، حيث أبادت قواته حياً كاملاً في مذابح مفتوحة ترتكبها يوميا، على وقع اشتباكات عنيفة وغير مسبوقة بين جيش الاحتلال الإسرائيلي ومقاومي “كتائب القسام” التي تعهدت بتكبيده أكبر خسارة عرفها في تاريخه.

يقولون بأنّ من ينتظر قوات الاحتلال هم أشخاص يسعون بشوق إلى كتابة ملحمة أسطورية فوق العادة لوطن يبحثون عنه وحلم يسعون إليه، للخلاص من الاحتلال ومن الكم الهائل من الحزن والقهر والآلام، وسيخرجون من تحت الدمار الذي يحتضن الكثير من ذكريات وأحلام أهالي غزة ومخيّماتها التي تحولت بفعل الحرب من خزانات للحزن إلى مدارس للثورة والفدائيين الذين يحفظون رغم الدمار معالم المخيّم حجراً حجراً مهما تباعدت المعالم والتفاصيل، وهم على قناعة بأنّ المخيّم سيبقى نموذجاً للمجتمع الفلسطيني المقاوم الرافض للمنفى والإستسلام والموت والكآبة والأحزان والمواعيد المالحة. وفي المعركة البرية لا خيار أمامهم سوى الصمود والمقاومة والإنتصار.

*كاتب وإعلامي


وسوم :
, , , , , , , , , ,