الحالة الإنسانية في غزة: جوع وألم وتهديد مستمر

التصنيفات : |
ديسمبر 12, 2023 8:07 ص

*منى العمري – صمود:

مع استمرار القصف والحصار المطبق الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي على غزة، يعيش مئات الآلاف أزمة إنسانية كبيرة جرّاء نقصٍ فادح في المواد الغذائية وانقطاع في مياه الشرب، فضلاً عن انتشار الأمراض والأوبئة وغياب المأوى. إذ يُعتبر قطاع غزة محاطاً بمخاطر كثيرة جرّاء سقوط الأمطار وبدرجة أشد مع الهطول المبكر لها والذي بدأ قبل أيام. إذ تتفاقم معاناة سكان القطاع بعد أن أغرقت مياه الأمطار الخيام التي تؤويهم، وتصاعد الحديث عن أخطار تراكمها في ظل تعطل خدمات الصرف الصحي بسبب نقص الوقود.

الجوع سيّد الحرب

وقد حذّر “برنامج الأغذية العالمي” من أنّ “سكان غزة يواجهون احتمالاً مباشراً للموت جوعاً بعد أن أصبحت إمدادات الغذاء والمياه معدومة عمليا”. إذ قالت المديرة التنفيذية لـ”برنامج الأغذية العالمي” سيندي ماكين -في بيانٍ لها- أنّه “مع اقتراب فصل الشتاء، والملاجئ غير الآمنة والمكتظة، ونقص المياه النظيفة، يواجه المدنيون خطر مجاعة قريبا”، موضحةً بأنّ “سكان القطاع كلهم تقريباً بحاجة ماسّة للمساعدات الغذائية”.

في حين، أكّدت الأمم المتحدة بأنّع “لم يدخل إلى قطاع غزة إلا 1139 شاحنة مساعدات محمّلة بمواد غذائية”، ورأى “برنامج الأغذية العالمي” أنّ “ذلك لا يغطي إلا 7% من الحد الأدنى اليومي لحاجات السكان من السعرات الحرارية”.

وبحسب المصادر في القطاع، تعرّض أحد آخر مخازن القمح لأضرار كبيرة جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي، في ما يصعب أكثر فأكثر الحصول على الخبز، وهو غذاء أساسي للسكان. ومن أصل 5 مطاحن في القطاع المحاصر، أُصيبت اثنتان على الأقل في القصف الإسرائيلي الذي لم يتوقف. وفي كل محلات المواد الغذائية غالباً ما تكون الرفوف فارغة مع لافتات تفيد بعدم وجود خبز أو خميرة.

وبالرغم من أنّ مطاحن خانيونس أكبر مخازن للدقيق في قطاع غزة، إذ تحتوي على 3 آلاف طن من القمح. إلا أنّ أضراراً كبيرة لحقت بالطابق العلوي للمخازن في قصف الاحتلال، ولم يعد لديها ما يكفي من الوقود لتشغيلها.

إنّ “منع إسرائيل المتعمّد للمواد اللازمة للمياه الصالحة للشرب من دخول قطاع غزة يُعد انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان

أما في ما يخصّ المياه، فقد أصدر مقرر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان المعني بالحصول على مياه الشرب الآمنة وخدمات الصرف الصحي، بياناً قال فيه بأنّه: “يتعيّن على إسرائيل السماح بدخول المياه النظيفة والوقود إلى غزة من أجل تفعيل شبكة إمدادات المياه ومرافق تحلية المياه قبل فوات الأوان”.

وأضاف: “إنّ إسرائيل تمنع إمدادات مياه الشرب الآمنة إلى قطاع غزة، في انتهاك واضح للقانون الدولي، وهذا يعرّض سكان غزة لخطر الموت من العطش والأمراض الناجمة عن نقص مياه الشرب الآمنة مع كل ساعة تمر”. مشدداً على أنّ “منع إسرائيل المتعمّد للمواد اللازمة للمياه الصالحة للشرب من دخول قطاع غزة يُعد انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان”. (1)

كارثة بيئية حتمية

حذّرت منظمة الصحة العالمية في وقتٍ مبكر من كارثة بيئية وصحية بسبب تعطل مضخات الصرف الصحي بغزة لانقطاع التيار الكهربائي، نتيجة لنفاد الوقود اللازم للتشغيل. إذ أنّ الخطر الأكبر للمياه في وقت الحروب، هو أنّها قد تكون سبباً في انتشار مرض الكوليرا الذي يجد بيئة خصبة عند تعطل خدمات الصرف الصحي.

وكشفت أكثر من دراسة عن هذا الخطر، ومنها دراسة سويسرية نشرتها في شباط/ فبراير الماضي الدورية المعنية بالأمراض المعدية “أكتا تروبيكا”، والتي تناولت هطول الأمطار كعامل مساعد لانتشار الكوليرا عبر مسارين هما: زيادة التعرض للمياه الملوثة (بسبب تدهور الظروف الصحية أثناء زيادة المياه)، أو تلوث المياه عن طريق البكتيريا المفرزة حديثاً والمسببة للمرض.

وقد أفاد أستاذ العلوم الطبية الحيوية ومدير مركز أبحاث الجينوم بمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا محمد الحديدي، في تصريحاتٍ لـ”الجزيرة نت” بأنّ: “الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تعطيل أنظمة الصرف الصحي، مما يؤدي إلى اختلاط مياه الصرف الصحي بمصادر المياه العذبة، وهذا بدوره يخلق بيئة مواتية للتكاثر السريع وانتشار بكتيريا ضمة الكوليرا، وبمجرد تلوث مصادر المياه بالبكتيريا، قد يستهلك الأفراد هذه المياه الملوثة دون قصد لأغراض الشرب أو الطهي أو الاستحمام”.

وأوضح الحديدي أنّه: “مع هطول الأمطار الكثيف تصبح المشكلة أكبر بعد توقف مضخات الصرف الصحي، حيث تمثّل ضغطاً على محطات الصرف الصحي المتوقفة”.

“ليس لدى الناس خيارات، على الإنسانية أن تنتصر”
(الأونروا)

وقبل هطول الأمطار أشارت تقارير إلى أنّ مياه الصرف الصحي بدأت بالفيضان في منطقة بشرقي غزة نتيجة تعطل محطة الصرف الصحي، وهي مشكلة من المتوقع أن تصبح أكثر خطورة بعد الهطول الكثيف للأمطار، مما يجعل القطاع بيئة خصبة لانتشار أوبئة وأمراض معدية. (2)  

وفي وقتٍ سابق، نشرت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” تغريدة عبر موقع “إكس” تحدثت فيها عن سوء الأحوال الجوية والأمطار الغزيرة في جميع أنحاء قطاع غزة. وكتبت الوكالة في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي: “الظروف في أماكن اللجوء غير صالحة للعيش”، وأضافت: “ليس لدى الناس خيارات، على الإنسانية أن تنتصر”. (3)

الهدنة المؤقتة.. غير كافية

في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر، دخلت الهدنة الإنسانية يومها السادس على التوالي. إذ مكّنت الهدنة جمعيات الهلال الأحمر المصري والفلسطيني ووكالات الأمم المتحدة، من توسيع نطاق إيصال المساعدات إلى غزة وفي شتّى أرجائها. ولكن، كما أكد الأمين العام للأمم المتحدة في جلسة لمجلس الأمن، أنّ مستوى المساعدات “لا يزال غير مناسب على الإطلاق لتلبية الاحتياجات الضخمة لأكثر من مليوني شخص”.

بات مستشفى كمال عدوان في جباليا، وهو أحد المستشفيات التي تعمل جزئيا في الشمال، بحاجة ماسة إلى اللوازم والطواقم الطبية في مجالات طب التوليد وطب الأطفال ورعاية المواليد والجراحة وطب العظام. وتستدعي حالة أكثر من 100 مريضاً نقلهم الفوري إلى منشأة مجهزة تجهيزاً أفضل في الجنوب لضمان بقائهم على قيد الحياة.

كما أعرب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية مجدداً عن قلقه إزاء ارتفاع مخاطر الإصابة بالأمراض المعدية في مراكز ايواء المُهجّرين، بسبب الإكتظاظ الشديد وتعطل النظام الصحي وشبكات المياه والصرف الصحي. وأشار إلى أنّه تمّ تسجيل أكثر من 111,000 حالة من أمراض الجهاز التنفسي الحادة، و36,000 حالة إسهال لدى الأطفال دون سن الخامسة، و24,000 حالة من الالتهابات الجلدية، منذ بداية الأزمة. (4)

المصادر المتعلقة:

  1. https://www.aljazeera.net/news/2023/11/17/%D9
  2. https://www.aljazeera.net/science/2023/11/22/%D8%A3%
  3.  https://www.bbc.com/arabic/articles/cp6pz8jxxw4o
  4. https://www.amad.ps/ar/post/523371

وسوم :
, , , , , , , , , , , , , ,